* الرياض - سعود الشيباني - تصوير - حسين الدوسري - سعد العنزي لم يكن يدر في خلد الشاب مطلق بن عبد الله بن غازي العتيبي أن المباراة التي نظمها مع عدد من زملائه في ملعب إسكان خشم العان شرق العاصمة الرياض سوف تغير مجرى حياته وكان وقتها يسعى بكل قوة لإنهاء الثانوية العامة للانخراط في إحدى الكليات العسكرية لتحقيق رغبة والديه، إلا أن الأقدار اعترضته وشاءت قدرة الله - عز وجل - أن تكون تلك المباراة البوابة لدخوله السجن الذي يقبع خلفه منذ 4 سنوات في انتظار تنفيذ حكم القصاص بالسيف بعد أن اعترف بقتل ابن جار والده بندر بن ناصر محمد البقمي إثر خلاف نشب بينهما أثناء المباراة. ولكن أهل الخير كانت لهم الكلمة الفصل وتغيير مجرى الأحداث من سراب وضيق إلى انفراج وتهليل وتكبير عندما نطق والد بندر بعتق رقبة مطلق من حد السيف حيث عم الفرح والسرور جميع الحضور وطار الخبر السار الذي نقله شقيق مطلق عبر الجوال إلى والدته وشقيقه الذي يقبع خلف أسوار السجن. وعلمت (الجزيرة) أن دموع الفرح تناثرت بين المساجين وحراس السجن عند سماعهم موافقة والد بندر والعفو عنه عبر الجوال الشيء الذي استدعى حراس السجن والمساجين بتبادل التهاني والتبريكات بالخبر الذي لن ينساه مطلق طوال حياته، كما لن ينسى أياماً قضاها داخل عنابر السجن في انتظار إشهار السياف السيف. وتعود التفاصيل التي عاشتها (الجزيرة) وأثمرت مساعي الشيخ محمد بن سلطان بن جهجاه بن حميد وعدد من شيوخ القبائل عن إنقاذ رقبة مطلق عبدالله غازي العتيبي من حد السيف بعد أن حكم عليه بالقصاص. فعند الساعة الخامسة من بعد صلاة عصر أمس الأول، انطلق الجمع صوب والد بندر وجماعته لطلب العفو لمطلق وقد استقبل ناصر البقمي عدداً من شيوخ القبائل يتقدمهم شيوخ قبيلة البقوم، وبعد مراسم الاستقبال وتبادل التحايا وإلقاء عدد من القصائد الترحيبية سبقها الدعاء بالشفاء لخادم الحرمين الشريفين وسرد أبرز جهود ولاة الأمر في الاهتمام بإصلاح ذات البين طلب والد المقتول (7) ملايين ريال وبعدها يعلن التنازل لوجه الله عن قاتل فلذة كبده وبعد مداولات وتدخل أهل الخير وشيوخ القبائل تم تخفيض المبلغ إلى (4) ملايين ريال ليوافق الجميع عليها وتبادلوا بعدها السلام والتهاني وتم طوي ملف قضية كانت معلقة منذ 4 سنوات مضت. من جهته يقول الشيخ محمد بن سلطان بن جهجاه بن حميد: منذ عام ونحن نسعى في عملية الصلح التي انتهت ولله الحمد، وساهم عدد من شيوخ القبائل في فعل الخير لإنقاذ رقبة مطلق من حد السيف حيث لمسنا من أول يوم لنا دخول منزل أهل بندر -رحمه الله- أنهم حريصون على الصلح وأنهم لينو الجانب مشيراً إلى أنه تم تحديد الزمان والمكان وتم تحقيق ما سعى الجميع إليه ولله الحمد. ورفع ابن حميد شكره وتقديره إلى ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد والأمير سلطان بن عبدالعزيز والأمير نايف بن عبدالعزيز وأمير منطقة الرياض والأمير أحمد بن عبدالعزيز والأمير عبدالعزيز بن فهد على حرصهم ودعمهم اللا محدود في تسهيل أعمال مساعي الصلح وإصلاح ذات البين.. فلهم الأجر والثواب والشكر موصول لوالد وعم بندر ولجميع شيوخ القبائل الذين كان لهم الفضل في تحقيق هذا الصلح. بعد ذلك تحدث ل (الجزيرة) والد بندر الشيخ ناصر بن محمد البقمي قائلاً: إنني أعلم أن الولد غالٍ وأن الحدث لم يكن سهلاً للجميع مشيراً إلى أنه قبل الصلح بهدف كسب الأجر ورضى الله - عز وجل - وتكريماً لمشايخ القبائل الذين وصلوا من كل مكان حيث إن من صفات المؤمن العطف والصفح وإننا تنازلنا لله مشيراً إلى أن بندر -رحمه الله- توفي وهو يبلغ من العمر (23) عاماً إثر خلاف مع مطلق. أما والد القاتل عبدالله غازي العتيبي فعبر عن سعادته بدموع الفرح قائلاً: إنني وأشقاء ووالدة مطلق لا تسعنا الفرحة بالموافقة وإنه ليعجز اللسان عن الحديث، حيث جاءت موافقة والد بندر - رحمه الله- كرزق نزل إلينا من السماء بعد أن قبلوا جاه قادة، ورسم جهوده مهندس الصلح الشيخ محمد بن سلطان بن جهجاه بن حميد.. جعل الله هذا العمل في موازين حسناته والشكر موصول إلى والد بندر ولجميع من ساهم في هذا الإنجاز. وأشار إلى أن مطلق قبل أربع سنوات وهو في المرحلة الثانوية العامة نشب خلاف بينه وبين بندر -رحمه الله- إثر مباراة فشاءت الأقدار أن تكون وفاة بندر على يد مطلق الذي أودع السجن وحكم عليه بالقصاص وصدق شرعاً وبعدها انقلبت أمورنا رأساً على عقب وأحسست أن الدنيا اسودت في وجهي، ولكن أهل الخير وعلى رأسهم ابن حميد سعوا في الصلح حتى تحقق ما كان بالأمس حلماً وأصبح الآن حقيقة ولا أستطيع إلا أن أقول: رحم الله بندر وإن شاء الله تكون درساً لولدي مطلق ولمن عرف بالحادثة.
|