كان من الضروري أن تخسر (سوق الأسهم السعودية) ثلاثمائة مليار ريال سعودي خلال شهر على خلفية الهبوط البطيء الذي صاحب تعاملات السوق للفترة الماضية، حتى يعرف الجميع أن السوق السعودية للأسهم ليست كنزاً لا ينضب أو نهراً مالياً يطول الكل، وليعرف أهل (القرى) الذين تركوا جبالهم وأهملوا مواطن العسل أو الذين تركوا (نخيلهم) أوالذين تركوا الواحات الصحراوية وجاؤوا للسوق يحدوهم الثراء ليعرف كل هؤلاء أن (الوهم) و(الخيال) وحدهما غير كافيين لتحقيق الهدف، فلا يتصور هؤلاء أن السوق في لمحة بصر ستحولهم من رعاة أغنام وفلاحة أرض إلى قوم أثرياء داخل قصور فارهة. كان من الضروري أن تهبط أسهم السوق السعودية لتؤكد للجميع أن المسألة الاقتصادية ليست (صب قهوة) وليست (خرف نخلة) إنما هي فكرة مدنية لها صلة وثيقة بالعلم والإدراك الواسع، إنها حركة ثقافية تحتاج إلى الانخراط فيها بكل أبعادها الثقافية ليتشكل (بها ومنها) الفرد إنساناً مدنياً يستوعب معنى (الاقتصاد) كقوة وطنية مساندة، وليست نظرة بسيطة تجعل سوق الأسهم وكأنه (صندوق الكنز) الذي لا يفارق الأساطير الشعبية مثل (الشاطر حسن) أو(حورية البحر)، والتي تنوء بها الذاكرة الاجتماعية وتشكل سلوكنا (المالي) صبورة لا واعية كدليل واضح على خطأ الإعداد الذهني مالياً في تلك الفترة وإن شئت قل في الأمور (الاقتصادية)، وهذه قضية أخرى لها علاقة بمشروع التكوين عند بعض الذهنيات الاجتماعية التي جعلت من فعاليات الحياة هامشاً لا طائل من ورائه بصورة لا تتسق مع مفهوم الدولة العصرية التي أرساها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في بعدها الاقتصادي، وهذا يزيل كافة علامات التعجب عندما ينظر مجتمعنا هذه الأيام للأسهم على أنها (كنز وجواهر وفتنة) فحسب!.
|