كثير من المثقفين المهتمين بالشعر العربي الفصيح ينتقدون الشعر النبطي، بل ويحاولون طمس معالمه وتهميش نوابغه، ولا أعلم سبباً لهذا العداء الحاد - إن صح التعبير- من قبل أعلام الفصحى للشعر النبطي. قد يعود ذلك للانتشار الواسع والشعبية الجارفة التي استحوذ عليها شعراء النبطي وانحسار متذوقي الشعر الفصيح في فئة مثقفة خاصة جداً! فغالبية متابعي الساحة الشعبية هم من العامة الذين يمثلون الشريحة العظمى من المجتمع السعودي بوجه خاص والخليجي بوجه عام. وهناك معادلة ترضي الطرفين كل من منظوره الخاص، الشعر النبطي يفهمه ويتذوقه الطرفان، أما الشعر الفصيح فلا يتذوقه إلا الحاذق بتفاصيل اللغة العربية! وهو يرضي شعراء النبط؛ لأنه يؤكد اكتساحهم ذوق الجميع بما فيه أندادهم!! وهو يرضي شعراء الفصيح؛ لأنه يؤكد أن شعرهم يمثل الذوق الرفيع، لذا لا يفهمه إلا قلة، من وجهة نظرهم! حتى وإن أنكر الطرفان وجود هذا التناحر الخفي، فإن المتابع والمدقق يلاحظ الهمز واللمز من خلال بعض المقالات النقدية لكلا الطرفين. فنقاد الشعر الفصيح يتهمون الشعر النبطي بأنه أفسد لغة القرآن وأدخل الفاظا غريبة تسقط بلغة الضاد الى الحضيض!ونقاد الشعر النبطي يرون أن الشعر الفصيح ألغى خصوصية اللهجة الشعبية في الجزيرة العربية! وبين كلا الجانبين نجد النزر اليسير يتذوق النوعين وينظر الى المعاني والأخيلة الموجودة فيهما بغض النظر عن إن كان كاتب هذه الأبيات (نزار قباني أو ابن لعبون)!!
|