انضمت الأمم المتحدة إلى صف طويل من المطالبين بدخول المعتقل الأمريكي ذائع الصيت وسيئ السمعة المسمى غوانتانامو، وتحتفظ المنظمة الدولية بملف حافل بالاتهامات حول انتهاك حقوق الإنسان من قبل السجانين الأمريكيين في المعتقل كما كشفت أخيرا عن تقرير حول تعمد الإضرار بصحة المعتقلين الذين يتجاوز عددهم الخمسمائة. ويقبع المعتقل الأمريكي في مرمى نيران من الاتجاهات كافة وحتى من الداخل الأمريكي ذاته، فقد طالب رئيسان سابقان هما جيمي كارتر وبيل كلينتون بإغلاقه باعتبار أن سمعته تضرُّ إلى حد بعيد بصورة الولايات المتحدة، وهي صورة تحاول إدارة بوش تحسينها بمختلف الوسائل لكنها تبدو في مسعاها هذا كمن يحرث في البحر بسبب تواتر القصص المرعبة من غوانتانامو إلى جانب الممارسات التي تتجاوز المعقول في بعض جوانب ما يسمى الحرب ضد الإرهاب. وقد باتت مسألة غوانتانامو تحديداً تطرح أسئلة من نوع: إلى أي مدى يمكن السماح باستمرار انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان فقط لأن دولة عظمى تقف وراءها؟ وما هي فائدة الأمم المتحدة إذا كانت غير قادرة على تقصي الحقائق في موقع تشير أدلة متزايدة إلى أنه أصبح بؤرة لممارسات بشعة في حق الإنسانية؟ وبينما تنشط الحملات الأمريكية بشأن الاتهامات ضد الآخرين حول حقوق الإنسان، ويجري تقديم مزاعم الانتهاكات كقرائن لفرض العقوبات ضد بعض الدول من خلال مجلس الأمن الدولي فإن واشنطن ترفض مجرد حق المجتمع الدولي في التثبت من هكذا انتهاكات في شأن يهم العالم أجمع حيث تضم غوانتانامو معتقلين من مختلف دول العالم. ويبدو أن الأمم المتحدة مصرة على إنجاز مهمتها بشأن غوانتانامو، فإلى جانب عزمها على الطلب مجددا من الولايات المتحدة بدخول المعتقل فإنها أعلنت أنها إذا لم تتمكن من ذلك فإنها ستصدر تقريرها عن هذا السجن بنهاية العام الجاري، واعتماداً على ما هو متوافر لديها من وقائع وشهادات لمن خرجوا من السجن أو ما توافر لديها بوسائلها الخاصة أو حتى الاعترافات الرسمية الأمريكية مثل واقعة الإساءة للقرآن الكريم. ومن الواضح أن المسألة تحتاج إلى معالجة حصيفة تتجنب التكريس لمبدأ القوة وقانون الغاب ومن ثم التداعيات التي يمكن أن تنجم عن مثل هذا الحظر المفروض على غوانتانامو مثل الفوضى المتمثلة في أن يسعى أناس إلى حمل القانون بأيديهم، إذ إن ممارسات لدول كبرى تتناقض مع المبادئ الإنسانية هي التي يمكن أن تدفع إلى الفوضى وعدم الاستقرار الدولي.
|