كانت فَرِحَة وهي تسحب بأطراف أصابعها مفتاح مكتبها من المزلاج، بعد أن تأكدت من إحكامه... التفتت وهي تتقافز فرحاً إليَّ تسألني بوجه يتهلَّل سروراً: إلى أين؟ صديقتي: سأرمي همومي وتعبي وأعبائي هناك عند البحيرة في جنيف، ربَّما أعبر قليلاً قارة أوروبا شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً، أحبُّ التَّنقُّل في السفر... صديقتي: لديَّ (حزمة) من الأحلام، و(كومة) من الأعمال، و(جملة) من التطلعات! صديقتي: لا تكفي لها أيّام شهرين فقط... صديقتي: ظهري يؤلمني وقدماي من (مشاوير) عام دراسي تراكضْتُ فيه بين قاعة بحث، ومدرَّج درس، واجتماعات، ومحاضرات ومسؤوليات... صديقتي: سأخفِّف من حقيبتي أوراقها، وسأفرِّغ (أجندتي) من مواعيدها. صديقتي: وقفتُ البارحة لأكثر من ساعتين في (طابور) داخل البنك لأعدَّ (أوراقي المالية للسفر)... صديقتي: سأتحلل من (العباءة)، ورهق (المتابعة)، والإحساس بالخوف... صديقتي: ستكون معي سجّادتي ومسبحتي وقرآني... صديقتي: (تشاو) هذه عربتي سأقول لك (باي) حتى نعود (لهم)!! السائق يسألني: إلى أين؟ بهدوء: إلى البيت... ذهبت أفكر في قدمَيْ صديقتي، وتلك المسافات، المساحات، الرَّكض، الوقوف، الجلوس، ال... ال.... وإلى أن تعود ربَّما ستأتي لا تتقافز، وتتوكَّأ عصا، وتنتظر يوم (الرّاتب)، وتعتذر لتأخُّر دفع (فاتورة هاتفها)، وتأخذ موعداً لطبيب العظام، وتمسك بكفوف من حولها: آه... رحمةُ قاعة البحث، ومدرّجُ الدّرس و(لا) جحيم التّراكض!! والهدر. صديقتي: نسيت في كفِّي مفتاح مكتبها.. حتى تعود!!.
|