* الرياض - الجزيرة: بلغ عدد الذين زاروا معرض وسائل الدعوة إلى الله السادس المقام حالياً في مدينة أبها في منطقة عسير في يومه قبل الأخير أمس الأول الخميس السادس عشر من شهر جمادى الأولى الجاري تسعة عشر ألفا ومائتين وأربعة وعشرين (19.224) زائرا من المواطنين والمقيمين والمصطافين في منطقة عسير. وبهذا يصبح إجمالي عدد الزائرين والزائرات للمعرض منذ افتتاحه يوم الثلاثاء قبل الماضي تسعا وتسعين ألفا وستمائة وستة (99.606) زائر وزائرة، منهم سبعة وعشرون ألفا وسبعمائة وثمانية وثلاثون (27.738) زائرة خلال أيام النساء. من جهة أخرى وفي إطار البرامج الدعوية المصاحبة للمعرض ألقى فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله البريك الداعية المعروف عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض محاضرة بعنوان (اجتماع الكلمة ومنزلتها في الإسلام) في قاعة المعرض بعد صلاة المغرب شكر في بدايتها لولاة الأمر ما أعانهم الله عليه وسددهم إليه في العناية والاهتمام بهذا المعرض الذي يبث رسالة لتقول لكل قادر على الدعوة إلى الله -عز وجل-: إن أمر الدعوة إلى الله- سبحانه وتعالى- من أجل القربات، وأسمى الطاعات ونحن في زمن نواجه هجمة شرسة من قبل أعداء الإسلام والمسلمين تتهم الإسلام بالأصولية، بل وتتجرأ بالمطالبة بتغيير ثوابته ونصوصه ومحكماته ويتلوها هجمة في وجه أولياته، ودعاته، وعلمائه، وولاته، ويمنعها تخويفاً من أن يخوض أحد مضمار الدعوة، قال تعالى: )الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً(. وأشار فضيلته إلى إن إفرازات ما جرى وصار من ألوان الاعتداء على المسلمين قد جعلت طائفة من أبناء المسلمين يخشون أن يخوضوا غمار الدعوة وأن يلجوا من باب الدعوة إلى الله لإصلاح البيوت والأسر والنفوس والمجتمعات ذلك الأمان في إصلاح الأمة. وقال: نحن أمة قد ذقنا مرارة التفرق وتجرعنا غصص النزاع كنا طوائف وقبائل وأشتاتاً، فيأكل بعضنا بعضا، يغزو بعضنا على بعض، فيعتدي بعضنا على بعض، فجمعنا الله، ووحد شملنا، ولموحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه وجمعنا به في الجنة- له فضل بعد الله على هذه البلاد وأهلها، لولا رحمة الله بنا ثم اجتماعنا على هذا الأمر لكنا طرائق ما اجتمعنا في يوم من الأيام، فلله الحمد والمنة الذي ألف بين قلوبنا. وأبان فضيلته أننا أمة نهينا على التفرق والنزاع والاختلاف، قال تعالى: )وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ(، فدل على أن طاعة الله ورسوله هي سبيل الاجتماع والوحدة، وأن المعاصي هي سبيل النزاع والفشل وماذا تكون النتيجة إذا تنازع الناس وأعرضوا عن أمر الله وأمر نبيه ذهبت ريحهم وتجرأ عليهم عدوهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقال الشيخ البريك: إنه بلغ من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الوحدة والاجتماع أنه أمر الثلاثة إذا سافروا أن يكون لهم أمير من العناية بالاجتماع وعدم التفرق إذا سافر ثلاثة يأمرون واحدا ليكون أمير السفر حتى لا يختلفوا وحتى لا يتنازعوا وحتى لا يطمع بهم عدو يلقاهم ويغتنم اختلافهم فيما بينهم، فإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نؤمر واحداً علينا إذا كنا ثلاثة في سفر فما بالك إذا بلغنا الملايين، وتفرقت بنا الشعاب، وتناءت بناء الأطراف، وتشتت بنا الأودية، وتنوعت بنا القبائل، ولكم أحرى وأجدر أن يكون للناس أئمة يجتمعون علهيم ويهتدون بهديهم فيما وافق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعينوهم على ما وافق الحق ويناصحوهم إذا ظهر تقصير وخلل. واستطرد فضيلته قائلاً: إن التفرق والتمزق والتعصب والتشرذم والحزبية والعصبية سبب يعود إلى أمرين: إما أن يختلف الناس على علمائهم، وإما أن يختلف الناس على ولاة أمرهم ، فإذا اختلف الناس على علمائهم رأيت من العجائب والغرائب، وإذا رأيت اختلاف الناس على ولاة أمرهم رأيت الفتن التي تبدأ بالكلام الذي يحقره البعض، وكما قال ابن المبارك: (إن الكلام بالفتن أشد من وقع السيوف على الرقاب)، ثم تكون النهاية أن يحل بالناس ما حل بجيراننا من حولنا. وحذر فضيلته من أن يؤدي الخلاف إلى جفوة أو فتنة بين المختلفين، مسهباً في الحديث عن اختلاف علماء هذه الأمة المتقدمين منهم والمتأخرين مثل الإمام أحمد بن حنبل مع الإمام مالك، والإمام الشافعي مع الإمام أبي حنيفة، وكذا سماحة الشيخ ابن باز مع ابن عثيمين، وابن باز مع الألباني في عدد من المسائل، مشيراً إلى أن هذا الاختلاف لم يكن سبباً للتنافر بين العلماء أو ذريعة للقطيعة بل كان كل واحد منهم يثني على الآخر، وما سمعنا شيئاً صدر عنهم في زمن بقدر ما سمعنا من النيل والهتك في الأعراض في هذا الزمان. وشدد فضيلة الشيخ الدكتور سعد البريك على أن مما يعين على اجتماع الكلمة البعد عن المراء والجدال والمهاترات والتراهات، فالمراء والجدل ليسا من سمات أهل الإسلام ولا من هديهم. ودعا فضيلته الشباب إلى عدم التقاطع وإلى عدم التنازع، وألا يغتاب بعضنا بعضا في المنتديات والساحات والإنترنت من أجل أن بعضنا اختلف مع بعض ونحن مقلدون وما بلغنا درجة الاجتهاد، يأتي مقلد يلزم آخر على أن يوافقه في التقليد هذا أمر عجيب. وقال: كذلك مما يعين على اجتماع الكلمة لزوم الجماعة، فقد جاءت أدلة الكتاب والسنة في ذلك والله- عز وجل- قال: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة) وقد عنون الإمام مسلم في هذا الحديث (باب وجوب ملازمة الإمام عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة). وأكد فضيلته أن مفارقة الجماعة فساد كبير، وشر عظيم يختل الأمن وتضيع الحقوق وتنتهك الحرمات وتنقطع السبل، وإذا انقطع عقد الجماعة اختل الأمن فلا تسأل بعد ذلك عن ضياع أحوال الناس فلا جمعة ولا جماعة ولا تجارة وغير ذلك، حاثا كل مسلم وخصوصاً من كان معنياً بالدعوة إلى الله أن يجعل نفسه وأفكاره ودلالة كلماته ومقاصده تصب في الاجتماع، ووحدة الصف وعدم الفرقة. وقال: إذا اجتمعنا جميعا ألفة مع ولاة أمرنا أصبحنا خطأنا مغفور واجتهادنا مشكور وعملنا مأجور بإذن الله - عز وجل-.
|