نعم الحياة فتنة.. جناحاها مال وولد.. المال مطمع.. والولد مطمح.. خطان متوازيان يمتدان ردحا من الزمن في حالة ثبات.. ويتقاطعان لحظة اختلال في ثوابت الحياة المنسجمة حين يطرأ عليها ما يعكِّر صفوها.. وينقلها من مرحلة توحُّد إلى محطة ارتباك. صحيح.. المال قوام العيش. والأبناء قوام العش.. بهما يشعر الإنسان متى وفق أنه حقق أمنياته.. واحتياجاته.. فالحرمان من المال مذلة.. والحرمان من الأولاد نهاية امتداد عمر لا يستطيع المال تعويضه ولو بأغلى الأثمان.. لأنه لا يشترى.. وإنما قسمة ونصيب.. إلا أن لكل شيء ضريبة لابد وأن تدفع.. إجهاد، وجهد في تحصيل الثروة.. وجهاد دونه كل جهاد في تنشئة الأولاد. وتربيتهم.. وتحمل متاعبهم.. ومتطلباتهم الحياتية التي لا تنتهي عند حد.. كل هذا وارد في الحسبان.. ما دام الخطان متوازيان دون تقاطع.. متى يأتي هذا التقاطع الذي نخشاه ومخافه ونحذر منه حين يفتقد الأب صمام الأمان.. والقاسم المشترك الأعظم الذي يلتقي في عصمته توافق الأبناء دون تطلعات تفضي إلى خلافات وخصومات مردها الإرث.. وما أدراك ما الإرث!! من المحزن أن نشهد بيوتا بعد رحيل بانيها تهدمت على رؤوس من فيها والسبب اختلاف من أجل الإرث يفضي إلى الخلاف.. ومن المحزن أيضا أن نشهد أسرة كانت بالأمس مشدودة بحبل الوفاق والاتفاق في حياة عميدها وإذا بها بعد رحيله أطراف متخاصمة يقاطع بعضها البعض.. وينازع بعضها البعض تحت تأثير الثروة.. وعدم الثقة. بل وأحيانا هيمنة الواحد على الآخر.. ومحاولة التفرد بإملاء الرغبة.. والتصرف رغم رغبة الطرف الآخر.. ولا حتى مجرد استشارته. إن تجارب لهذه القطيعة.. ولتلك النزاعات تدق ناقوس خطر يؤذن بتفكك الأسرة الواحدة وتطاحنها فيما بينها؛ مما ينقل العدوى عبر مساحات أوسع.. وتداخلات أفظع وأشد ضراوة.. أليس من الحكمة ودرءا لهذا الخطر أن يعطى كل ذي حق حقه في حياة عميد الأسرة.. وتحت إشرافه ما دام على قيد الحياة..؟! أحسب أن إجراء كهذا إن لم يحل المشكلة كاملة فإنه على الأقل سيحد من تداعياتها ومخاطرها.. ومالا يُدرَك كله لايُترك جله.. المهم هو إطفاء نار القطيعة والوقيعة بين الإخوة الأعداء.
*الرياض ص.ب: 231185 الرمز: 11321 فاكس: 2053338
|