|
انت في "مقـالات" |
|
لا ينكر أحد أن معاداة الإسلام والمسلمين في بعض أوساط الغرب كانت موجودة منذ أمد طويل، وانعكس ذلك في الحروب الصليبية، وفي كتابات بعض المستشرقين المشوهة لتاريخ الإسلام ومفاهيمه وشريعته وقيمه، ولكن هذا الاتجاه بدأ يتزايد بعد إنشاء دولة إسرائيل، وتوجه الصهاينة لحشد كل القوى الغربية لتأييد إسرائيل واستعداء القوى الغربية الفاعلة ضد الإسلام والمسلمين الذين يقفون في وجه التوسع الإسرائيلي، ورغم كل ما بُذل ويُبذل في سبيل تحجيم الإسلام والمسلمين فإن الإسلام كان ولا يزال وسيظل أسرع الأديان انتشاراً في العالم، وربما كان من أهداف الحادي عشر من سبتمبر - إن صحت نظرية مَنْ يرون أنها مفتعلة ووراءها جهود استخباراتية - إيقاف انتشار الإسلام وخاصة في الغرب، وفي الولايات المتحدة بشكل أخص، وفتح المجال أمام إغلاق جميع النوافذ التي يمكن أن ينتشر بواسطتها الإسلام، وإلصاق مفهوم الإرهاب به وبأتباعه، ولكن وكما يقال (رب ضارة نافعة)، ففي مسح اجتماعي تبين أن 25% من الأمريكيين الذين يستخدمون الإنترنت يستخدمونها في البحث عن معلومات عن الإسلام، وقد نفدت جميع المطبوعات الموجودة في المراكز الإسلامية في أمريكا، ولم يبقَ أحد في مشارق الأرض ومغاربها لم يسمع ويحاول أن يحصل على معلومات عن الإسلام، وقد تزايدت أعداد الداخلين في الإسلام في كثير من الدول وخاصة في اليابان والصين، وفي كثير من الدول الغربية، حتى أن البعض يرى أن جهاد الطلب أصبح ساقطاً لعدم الحاجة إليه، فبالإمكان الوصول إلى جميع الناس في العالم بواسطة القنوات الفضائية وبواسطة الإنترنت، ورغم أن المسلمين يعيشون مرحلة ضعف وتفكك، وفقر، ولا يبذلون جهوداً تذكر لنشر دينهم، ورغم أنهم من أشد الأمم معاناة من الحروب والتهجير واللجوء والظلم والفقر، رغم كل ذلك فإن العداء للإسلامية آخذ في التزايد، ولعلي هنا أضرب مثلاً واحداً لأفكار كاتب فرنسي وُلِدَ في الجزائر، ويحمل بين جنبيه حقداً أعماه عن رؤية الحق والعدل، وساقه إلى تشويه الحقائق، واختراع الافتراءات والأكاذيب على الإسلام والمسلمين. ذلكم هو (لوران أرتور دو بلسيس) في كتابه (الإسلام والغرب.. الحرب الشاملة) الذي يقع في 216 صفحة ونشر في عام 2004م، الذي يرى أن ما يسميه بالإرهاب الإسلامي يتقدم ولا يتراجع منذ أحداث سبتمبر، وأن التمرد في العراق ينشط تحت (لواء الإسلام)، وهو تمرد يقتل جنود التحالف والعراقيين الذين يتعاونون معه، وبتخريبهم أنابيب النفط واستهدافهم عمال الشركات النفطية يريد (الإسلاميون) - كما يسميهم - خلق صدمة نفطية لإجهاض الانتعاش الاقتصادي العالمي. فالمقاومة عنده تمرد، والضحية هو الذي يلام، والسبب وراء كل ما يجري هو (الإسلام) وليس الاحتلال، وحتى المعتدلين في العالم الإسلامي لا يعجبون (دو بلسيس)، حيث يشبههم بهتلر الذي لم يبادر الفرنسيون والإنجليز للقضاء عليه مبكراً، ويرى هذا الكاتب المعادي للإسلام أن الإسلام اليوم مثل بداية انتشاره هو مصدر العنف!!! ورغم أن الأمريكيين يعترفون بأنَّ مَنْ يسلم في السجون الأمريكية لا يعود للجريمة مرة أخرى، فإن هذا الكاتب الحاقد يرى أن السجون أحد أهم أماكن الدعوة الدينية التي تستخدمها الشبكات الإسلامية الدولية لتجنيد شباب للجهاد على استعداد لتفجير نفسه. والأغرب من ذلك أن يقول (إن العالم الإسلامي يكره اللبرالية والديموقراطية وحقوق الإنسان والعلمانية)، وإذا كان مفهوم اللبرالية مفهوم غامض، وإذا كانت العلمانية مضادة للدين، فلا أدري كيف يكره المسلمون الديموقراطية وحقوق الإنسان، ودينهم يعتبر أعظم مصدر لتقرير حقوق الإنسان، وحريته في اختيار معتقده. والكاتب يكن عداءً واضحاً للإسلام والمسلمين، ويغلف ذلك بدعوى العداء للحركات الإسلامية المتطرفة، ويعيب على العالم الإسلامي (أنه لم يقبل أبداً وجود القوى الاستعمارية الأوروبية في دار الإسلام) وكأنه بهذا يشير إلى الجزائر التي وُلِدَ فيها ونالت استقلالها بعد أن ضحت بأكثر من مليون شهيد. إن (العداء للإسلامية) أعمى هذا الكاتب عن التعاون والتقارب الذي تم بين كثير من الدول الإسلامية والغرب وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وإن العالم الإسلامي كان مفعولاً به خلال القرنين الماضيين تقريباً. ولم يذكر هذا الكاتب المعادي للإسلامية معاناة المسلمين في فلسطين، وفي كشمير، وفي البوسنة والهرسك، وفي غيرها من البؤر الملتهبة في العالم الإسلامي. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |