الدوحة - واس: أكدت المملكة العربية السعودية حرصها على استقرار أسواق النفط بهدف المحافظة على نمو وازدهار الاقتصاد العالمي.. وأنها تبنت من أجل هذه الغاية سياسة نفطية ثابتة ومعتدلة ساهمت في ضمان إمدادات النفط للأسواق الدولية. ودعت المملكة الدول المتقدمة والمؤسسات الدولية إلى إعادة جدولة عادلة وسريعة للديون على الدول النامية باعتبارها أبرز الصعاب والعراقيل التي تقف أمام التنمية في الدول النامية والأقل نموا. وأوضح معالي مساعد وزير الخارجية الدكتور نزار عبيد مدني في كلمة المملكة التي ألقاها أمس أمام قمة الجنوب الثانية لمجموعة ال (77) والصين التي اختتمت أعمالها أمس بدولة قطر أوضح أن المملكة مع كونها دولة نامية وذات احتياجات مالية متزايدة ساهمت في تمويل جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية. وقد بلغ جملة ما قدمته المملكة من مساعدات غير مستردة وقروض إنمائية ميسرة خلال الثلاثة عقود الماضية حوالي (83) مليار دولار استفادت منها (73) دولة نامية من مختلف القارات. وتضمنت كلمة المملكة استعراضا للتطورات في العراق ولبنان وجهود المملكة في مكافحة الإرهاب والإصلاحات في الأمم المتحدة وتوسعة عضوية مجلس الأمن وتطوير عمله وموقف المملكة من هذه القضايا.وفيما يلي النص الكامل لكلمة المملكة أمام قمة الجنوب الثانية لمجموعة ال (77) والصين: صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر رئيس القمة..أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي.. السيدات والسادة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أتشرف بأن أنقل لكم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله ين عبد العزيز آل سعود وتمنياتهم بنجاح أعمال هذه القمة. كما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لما تبذله دولة قطر الشقيقة في سبيل إنجاح هذه المهمة التي تنشد تعزيز التعاون بين دول هذه المجموعة وتحقيق مصالح دولها المشتركة وبما يعود بالنفع والفائدة على شعوبها.. ولا يفوتني أن أشيد بالترتيبات الممتازة وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظينا به منذ وصولنا إلى دولة قطر الشقيقة. لقد مضت خمسة أعوام على انعقاد القمة الأولى لهذا التجمع الكبير في مدينة هافانا بكوبا ظهر خلالها مدى أهمية التعاون والتنسيق بين دول هذه المجموعة.. على اعتبار أن النظام الدولي الجديد الذي حل محل عهد الاستقطاب الثنائي وما عرف آنذاك بالحرب الباردة تقوم ركائزه على القوة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والتطور العلمي. ولقد جاءت العولمة أيضا بتحديات هائلة تمس مصالح شعوبنا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والثقافية الأمر الذي يدعونا أكثر من أي وقت مضى إلى ضرورة البحث عن أفضل سبل التعاون وتنسيق سياساتنا بما يحقق طموحات دولنا المشروعة نحو حياة آمنة وتنمية شاملة ومجتمعات مزدهرة. سمو الرئيس..إن أهمية هذا المؤتمر تكمن في تجسيده طموحات دول هذه المجموعة وشعوبها في بناء تنمية شاملة مستدامة عن طريق وضع برنامج عمل محدد وشامل ضمن منظومة الاقتصاد الدولي الجديد. ولا يمكن أن نتغاضى عن حجم وطبيعة التحديات الكبيرة التي تواجه الدول النامية التي قد تعيق مسيرتنا نحو تحقيق أهداف النمو والرخاء المنشود. ومن أبرز تلك الصعاب والعراقيل التي تقف أمام التنمية الاقتصادية في الدول النامية والأقل نموا موضوع الديون المجحفة للمؤسسات الدولية والدول المتقدمة التي تتطلب إعادة جدولة عادلة وسريعة لها.. إلى جانب إيفاء تلك الدول بتعهداتها الدولية تجاه تقديم المساعدات المباشرة وغير المباشرة للدول المحتاجة. ولا يفوتني في هذا المجال الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية ومع كونها دولة نامية وذات احتياجات مالية متزايدة إلا أنها ساهمت في تمويل جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية على المستوى الثنائي والدولي.. إذ بلغ جملة ما قدمته من مساعدات غير مستردة وقروض إنمائية ميسرة عبر القنوات الثنائية ومتعددة الأطراف خلال الثلاثة عقود الماضية حوالي (83) مليار دولار تمثل ما نسبته 4 بالمائة من المتوسط السنوي من إجمالي الناتج المحلي للمملكة في تلك السنوات. وقد استفادت (73) دولة نامية في مختلف القارات من تلك المساعدات. كما ساهمت المملكة بكامل حصتها في صندوق مبادرة تخفيف الديون عن الدول الفقيرة لدى صندوق النقد الدولي وبادرت قبل إطلاق المبادرة الدولية الجديدة بإعفاء عدد من الدول الفقيرة من الديون المستحقة عليها. سمو الرئيس..إن البترول يعتبر سلعة استراتيجية مهمة لكافة الدول وبدون استثناء.. ولذلك فإن استقرار أسواقه الدولية أمر في غاية الأهمية لضمان المحافظة على نمو وازدهار الاقتصاد العالمي. واستنادا لذلك تبنت المملكة دائما سياسة بترولية ثابتة ومعتدلة أسهمت في المحافظة على ضمان إمدادات النفط إلى الأسواق الدولية. كما سعت دوما إلى تبني مبدأ الحوار فيما بين المستهلكين والمنتجين لتلك السلعة الاستراتيجية الناضبة وذلك للتشاور والوصول إلى ما يحقق مصالح الجميع.. وفي هذا الصدد استضافت السكرتارية العامة لمنتدى الطاقة في مدينة الرياض. سمو الرئيس.. إن التصدي للأزمات المالية ومعالجة آثارها يتطلب تعزيز وتقوية المؤسسات المالية لتساهم في المبادرات التي يديرها صندوق النقد الدولي مع أهمية التنسيق بين جهود الدول الأعضاء لتعزيز الاستقرار في النظام المالي الدولي وتعزيز طاقة المؤسسات في الدول النامية للتعامل مع التطورات الاقتصادية والمالية.. وقد حرصت المملكة العربية السعودية على المشاركة في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الإصلاحات في هيكل النظام المالي الدولي والهادف إلى خلق أدوات أكثر ملائمة لمنع الأزمات المالية وإدارتها مع إعطاء الفرصة للدول النامية للمشاركة في صنع القرار داخل المؤسسات المالية متعددة الأطراف. سمو الرئيس.. إن دعوة الدول النامية لتحقيق الإصلاح والتنمية أمر نبيل ولكن الأكثر نبلا أن يرتبط القول بالفعل وذلك بأن تزيل الدول المتقدمة كافة العوائق التي تقف حائلا أمام تحقيق الإصلاح والتنمية. ومن أهمها الرسوم الجمركية العالية والقيود الكمية والفنية المفروضة على صادرات الدول النامية إلى أسواقها بالإضافة إلى الدعم الهائل الذي تقدمه تلك الدول المتقدمة لمنتجاتها الزراعية على الرغم من انعدام الميزة النسبية للإنتاج لديها. ولابد أيضا أن تساهم الدول المتقدمة بدورها في دعم عملية التنمية من خلال تشجيعها لتدفق رؤوس الأموال إلى أسواق الدول النامية والأقل نموا. ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك عددا من الالتزامات الملقاة على عاتق الدول النامية والأقل نمو التي يجب أن تحظى بأولوية بارزة في مساعيها التنموية. ومن أهمها تحرير الاقتصاديات والانفتاح على الأسواق العالمية وتأسيس الهيكلية النظامية والقانونية والإدارية الفاعلة. فدولنا في الحقيقة مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بأن تضاعف جهودها التنموية الداخلية لتستطيع أن تلحق بركب مسيرة الاقتصاد الدولي. سمو الرئيس.. إننا نشعر الآن أن العالم يمر بظروف سياسية وأمنية واقتصادية صعبة تتطلب من الجميع العمل على اجتيازها وتخطيها حيث إنه لا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة بدون توفر المناخ المناسب لها. لقد أكدت المملكة العربية السعودية في جميع المحافل الدولية على أن استمرار التوتر وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يقف حائلا أمام تحقيق التنمية المنشودة التي هي في أمس الحاجة لها.. فعلى سبيل المثال لا يزال النزاع العربي الإسرائيلي ينتظر الحل العادل والدائم والشامل المستند على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقا لما نصت عليه مبادرة السلام العربية وخارطة الطريق وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام. فيما يتعلق بالوضع في العراق فإننا لا زلنا نتطلع إلى استتباب الأمن والاستقرار في ربوع هذا البلد الذي يجتاز حاليا مرحلة سياسية دقيقة. ولقد رحبت المملكة العربية السعودية بالقيادة الجديدة في العراق وبانتخاب الجمعية الوطنية وبتشكيل الحكومة العراقية باعتبارها خطوات مهمة في سبيل استعادة العراق لكامل سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه.. وتتطلع في ذات الوقت وبآمال عراض إلى استكمال العملية السياسية وفق البرنامج الزمني المحدد في قرار مجلس الأمن رقم 1546 على قاعدة وطنية عريضة تشمل جميع مكونات وأطياف الشعب العراقي السياسية والدينية والمذهبية والعرقية بما يكفل وحدة العراق واستقلاله. وفي لبنان شهدت الفترة الماضية جملة من الأحداث الأمنية المأساوية باغتيال دولة رئيس الحكومة السابق الشيخ رفيق الحريري - رحمه الله - وما تبعها من تطورات وأحداث سياسية بالغة الأهمية التي نأمل أن تنتهي إلى تحقيق مستقبل مشرق للبنان وما يصبو إليه من الحرية والسيادة والاستقلال. ومن ناحيتها فقد بذلت المملكة العربية السعودية جهودا متصلة لمساعدة اللبنانيين على بلوغ طموحاتهم والمحافظة على أمن واستقلال لبنان ليبقى كما عهدناه بلدا عربيا شامخا منارا للثقافة والإبداع.
|