Wednesday 15th June,200511948العددالاربعاء 8 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

هذه رؤيتي حول قيادة المرأة للسيارةهذه رؤيتي حول قيادة المرأة للسيارة

في الأيام القليلة الماضية دار حديث في الصحف المحلية ومنها جريدتنا الغراء الجزيرة حيال قيادة المرأة للسيارة في بلادنا حيث تمحور الخطاب حول الايجابيات والسلبيات التي سيخلفها مثل هذا القرار على المرأة وذلك مثلما نشر مؤخراً بقلم الأخ علي بن مسلم المبارك في صفحة (الرأي) بالعدد رقم (11937) والحقيقة لقد استغربت كثيراً أن يثار مثل هذا الموضوع الذي سبق أن أخذ حقه من النقاش من كافة النواحي، وكأنه في نظر بعض الأقلام المؤيدة بتلك الأهمية القصوى التي لا بد منها، بل إن بعض الأقلام (الرجالية) ترك قضايا المرأة المهمة واستمات في الدفاع عن هذا الحق إلى درجة أن بعضهم وجه قلمه إلى هذا الموضوع بالذات ليعلن تضامنه التام مع بنات حواء في حق يعتبر المجتمع قد اغتصبه منها، مما أثار استغرابي كثيراً وكأن قيادة المرأة للسيارة إذا وجدت فإنها ستحل كافة قضاياها المصيرية الكبيرة وكأنه لا توجد مسائل أخرى بذات الأهمية غيرها، وعلى الرغم من صمت واستنكار بعض الأقلام النسائية لعدم قناعتها بالموضوع ولحاجتها إلى البقاء تحت كنف الرجل لتشعر بحبه وحنانه لها ولكنه متى ترك لها العنان في القيادة فقد تناساها مع مرور الوقت وخاصة عندما تتحمل المسؤولية عنه في تبادل غير طبيعي للمراكز، مما يثير الدهشة والاستغراب عن سبب توجه هذه الأقلام للكتابة عن موضوع بسيط جداً هل هو لعظم المسؤولية الجسيمة التي كانت واقعة على عاتقهم في توصيل أبنائهم، فلذات كبدهم إلى المدارس يومياً والتسوق لهم والذهاب بمريضهم إلى المستشفى ففضلوا من باب الراحة تحوير هذا الدور إلى المرأة لتشاركهم في هذا العمل وشيئاً فشيئاً سيسلمونها كافة هذه المهام لتحل مكانهم في بقية المسؤوليات، ولذا كان من الضروري جداً أن نترك هذا الحديث لبنات حواء ليخضن فيه، فإذا اعتبرها البعض من صميم احتياجاتها فليتركوهن ليخضن في هذا الحديث ويعرضن مبرراتهن ويا ليت الحجة لا تكون مثل تلك الأخت الفاضلة التي عرضت نماذج من قيادة المرأة للجمال في البراري وقيادتها للسيارة في القرى متناسية أن هذا في أماكن مفتوحة ويعرف الناس بعضهم البعض وليس في شوارع مكتظة بالزحام وليست في حاجة لمن يزيدها ضجيجاً وحوادث.
(فأهل مكة أدرى بشعابها) ودعوني أختصر لكم هذا الموضوع في تلك النقاط:
1- تمسك الكثيرين بعدم وجود خطاب ديني حول قيادة المرأة للسيارة ليس دافعا كبيرا لهم للتمادي في هذا الموضوع، فالقياس موجود في الشريعة الإسلامية وصاحب العقل اللبيب يقيس الشيء بالشيء ولو وجدنا أن مثل هذا القرار سيؤدي الى الإضرار ببقية المجتمع فتركه أولى لأن مصلحة الناس فوق مصلحة الفرد، ولو افترضنا مثلاً أحقية المرأة في قيادة السيارة فهل قسنا النتائج وقارنا في موازنة صادقة بين السلبيات والايجابيات التي سنستخلصها من هذه التجربة؟
2- لم تعد مدننا مجرد ثلاثة أحياء وشارعين بل إنها توسعت كثيراً وأصبحت أكبر بكثير مما نتصور، ولم تعد الحال مجرد امرأة تقود ناقتها بين أرجاء الحي أو تتنقل بها في المضارب، وإنما أصبحت الحال مقعدة جداً، فنحن معاشر الرجال بالكاد نقود بالشكل المريح، حيث يتوجه الفرد منا لاحضار مستلزمات البيت ويده على قلبه مما امتلأت شوارعنا به وضاقت بسببه رغم فسحتها من الشباب المتهور والمراهقين الطائشين ومن عمالة لا تعرف سوى الضغط على دواسة البنزين فهل ينقصنا بعد ذلك زحام غير هذا الزحام وخاصة أن النساء في كل مجتمع أكثر من الرجال؟ وإذا كنا نتذمر سابقاً من ازدياد أعداد السائقين في شوارعنا فلنضع بالحسبان مضاعفة هذا العدد خمس أو ست مرات.
3- كنا نبرر أن وجود السائق فيه ضرر على الأسرة وخاصة النساء فلنشمر إذن عن ساعدينا ونتسلم مسؤوليات بسيطة جداً مثل: ايصال الأبناء إلى المدارس والتسوق وغير ذلك من الأمور، خاصة إذا عرفنا أن كافة الدراسات والبحوث أثبتت أن المجتمع الخليجي أكثر المجتمعات احضارا للسائقين والخادمات بدون أدنى مبرر لمجرد التنصل من المسؤولية ومن باب الوجاهة الاجتماعية، وإذا كان ضرر سائق (واحد) يختلي بالمرأة في السيارة فبالله عليكم قولوا لي ما هو ضرر (مجموعة) سائقين من الشباب يشاركونها الطريق يومياً ذهاباً واياباً؟
4- يجب ألا ننكر أبداً انتشار المعاكسات في المجمعات التجارية والأسواق بل وتطورها مع البعض إلى ملاحقة باصات المدارس وسيارات العائلات، ويجب ألا ننكر أبداً حدوث مشكلات كبيرة للعائلات من مضايقات وتحرشات وهن مع سائق يفترض أنه رجل وصلت في بعض الأحيان إلى ايقاف السائق ومعاكسة الأسرة، فماذا سيحدث لو تركنا فتيات ونساء يقدن سيارات في شوارعنا ونحن لم نحد حتى الآن من مشكلات المعاكسات اليومية بل ستكثر المشكلات والبلاغات الواردة الى أقسام الدوريات الأمنية والشرطة، مما سيضيف عبئاً ليس له داع لها ويبعدها عن متابعة قضايا أهم.
5- مع الوقت ستقل سيطرة الرجل على نساء الأسرة فوجود سيارة خاصة لكل امرأة في العائلة سيشتت تركيز الأب أو الشقيق ومع مرور الزمن سيفقد سيطرته على الأسرة وهذا سيكون سبباً مهماً من أسباب تشتت وتفكك الأسر، أضف إلى ذلك أننا نعاني الآن وخاصة في المدن الكبيرة زحاما شديدا في أوقات الذروة فكيف مع قيادة المرأة للسيارة؟
كيف ستصبح حال شوارعنا ونحن في زمن كان سائق فيه يحمل في سيارته أربع أو خمس نساء ونحن نعاني الزحام فكيف لو خصصنا لكل واحدة من هذه الأربع سيارة؟.. إلا إذا حددنا لهن أوقاتا معينة للقيادة وهذا صعب بالتأكيد.
كما أستغرب كيف ستقود المعينات منهن في هجر وقرى وطرق ترابية وعرة ونائية بعيداً عن الناس؟
6- تعاني بعض النساء في مجتمعاتنا اضطهاد الزوج وتسلط الشقيق والتعيين خارج المدن واغتصاب الحقوق المادية كالراتب والتركة والضرب المبرح من قبل بعض الأزواج وحرمانها من الأبناء بدون وجه حق ومنع الصرف عليها ومشاكل تربية الأبناء المراهقين وغيرها كثير فهل تركنا المسائل الأهم لنتمسك بموضوع متواضع؟ فإذا قادت المرأة أو لم تقد فهي لم تهضم حقوقها بالشكل الذي يدفع بها إلى الضرر، ولكن هناك ما هو أهم جداً وبحاجة ماسة إلى مناقشته، ولنترك القيادة للأيام القادمة فهي كفيلة بحلها ولتكن نظرتنا أشمل وابعد من نظرة قاصرة لا تنظر إلى المكان الذي نضع فيه أقدامنا.
7- ازداد عدد الحوادث بسبب السرعة الزائدة للشباب المتهور من قبل المراهقين وقيادة الأجانب بشكل عشوائي في طرقاتنا فاكتظت الطرقات وزاد التلوث وكثرت الحوادث ولذا فنحن لسنا بحاجة إلى أشخاص مثل النساء لزيادة هذا العدد الذي فاق التصور ولتسجيل أرقام قياسية في مستوى الحوادث قد تودي بحياة الكثير من الأمهات والاخوات.

محمد بن راكد العنزي

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved