فجعت كما فجع غيري من أهل التربية والتعليم بوفاة الأخ الحبيب الأستاذ المربي الشيخ صالح بن عبدالرحمن القاضي صباح يوم الأربعاء الموافق الأول من شهر جمادى الأولى، فنسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}ولا نقول إلا ما يرضي ربنا فلا حول ولا قوة إلا بالله وكل شيء عنده بمقدار وله ما أخذ وله ما أعطى وإنا على فراقك يا أبا هشام لمحزونون. لقد عرفت أبا هشام منذ ثلاثين عاماً مضت وهو منذ عرفته إلى وفاته رحمه الله الرجل الصالح المبارك كذلك نحسبه والله حسيبه ولم يكن يشتغل في شيء أحب إليه من الدعوة إلى الله وتحري أعمال البر والإحسان فتراه يؤم مجتمعات الشباب واعظاً مذكراً ناصحاً ويغشى مجالس أهل العلم متعلماً ومتعطشاً لعلومهم وإرشاداتهم كثير التردد على إخوانه وأصدقائه مستشيراً أو حاثاً لهم على المساهمة في المشاريع الخيرية داعياً لهم إلى البذل والإحسان. هكذا هو أبوهشام منذ عرفته لا يزيد إلا ثباتاً وعلماً وفقهاً وحكمة ورشداً وهو إلى جانب ذلك صاحب ابتسامة مشرقة ونكتة جميلة وطرفة عفيفة لا تجده إلا هاشاً باشاً لذيذ الحديث حسن المعشر عف اللسان مرح الروح خفيف الظل. ولأبي هشام رحمه الله مهارات وخبرات في ميادين التربية والتعليم طورها وحسنها على مدى سنوات خدماته الطويلة الجليلة في المدارس الحكومية والأهلية حتى جعل منها منهجاً وأسلوباً سجله في سلسلة تربوية مشهورة عند المربين طبع منها عدة آلاف النسخ ووزعت على مديري المدارس والمعلمين ومشرفي الأنشطة المدرسية. لقد كان أبوهشام الأستاذ صالح القاضي نموذجاً متميزاً بين مديري المدارس وأهل التربية والتعليم وأمضى ردحاً من حياته معلماً ومديراً وموجهاً تربوياً لم يكن خلالها نمطياً في سلوكه الإداري والتربوي، وفاق زملاءه مما حدا بمدير عام التعليم بمنطقة الرياض لتفريغه في السنوات الثمان الأخيرة من عمره المبارك للمرور على مديري ومشرفي الأنشطة لتدريبهم على ألوان النشاط والوسائل المفيدة في التأثير على الطلاب وكسب قلوبهم وتعديل سلوكهم بعيداً عن الأوامر الإدارية والتعليمات الشديدة والبرامج الجامدة فكان له تأثير عجيب في أكثر المدارس التي مر عليها فلله هذا الرجل النبيل الذي عمر حياته بالأعمال التي نحسبها عند الله من الصالحات وألفت نفسه التواقة الى الجد والاجتهاد، ونسأل الله أن يجعله في عليين مع النبيين والشهداء والصالحين وأن ينزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وأن يجمعنا به في مستقر رحمته ودار كرامته.. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله، وأتوجه إلى أهله وإخوانه وأخص منهم أخاه الكريم الفاضل المربي الأستاذ سليمان بن عبدالرحمن القاضي، وابنه الأستاذ هشام وإخوانه ووالدتهم وإلى جميع الإخوة والزملاء من أصدقائه ومحبيه - وما أكثرهم - أتوجه إليهم جميعاً بالمواساة والدعاء لي ولهم أن يحسن عزاءنا في فقيدنا ويجبرنا في مصيبتنا ويخلفنا خيراً منها. وصلى الله وسلم على نبينا محمد..
|