Wednesday 15th June,200511948العددالاربعاء 8 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

أنتأنت
قمع المرأة وإزعاج آل زلفة
عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

القمع والإرهاب خطران متصلان مفهوماً وأداة.. فكل منهما وسيلة للآخر، وكل منهما نتيجة للآخر.. وهما يمكن أن يمارسا على نطاق فردي كما يمكن أن يمارسا على نطاق جماعي.. ومن بعض أشكالهما الجماعية اضطهاد الأقليات.. أو ديكتاتورية سلطة على شعب.. أو إرهاب شعب ضد شعب.
موضوع قيادة المرأة للسيارة موضوع خلافي في كل الأحوال.. وأكاد أقول: إن الحكم فيه واضح وهو أن للمرأة الحق في قيادة أي ناقل سيار سواء كان ذلك حيواناً أو جماداً كالسيارة والطيارة والقطار.. وحيث إن للظروف أحكاماً والفتوى تختلف عن الحكم بأنها تراعي الظرف الزماني والمكاني والمعطيات الثقافية والاجتماعية.. لذا فقد اقتضى الظرف السابق منع المرأة من قيادة السيارة في الماضي.. أما اليوم فقد تغيرت الظروف ومن الثابت أن المفاسد المترتبة على عدم قيادتها أكبر.
تغير الظروف وزيادة المفاسد دفعت عضو مجلس الشورى الدكتور محمد آل زلفة إلى تقديم اقتراح لتعديل قانون المرور للسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة أسوة بجميع نساء العالم مسلمات وغير مسلمات.. معتقداً عدم وجود مانع شرعي في ذلك.. وان الموانع لا تتعدى عادات وتقاليد ألبست أدلة شرعية.
لكن من عارضوا تعليم المرأة وسماع الراديو ومشاهدة التلفزيون واستعمال الهاتف لم يستوعبوا الدرس بعد رغم هذه التجارب.. لم يستوعبوا ان المنع دون دليل شرعي أو عقلي يرفضه المجتمع ويصبح تطبيقه دون إكراه ضرباً من الخيال.. وكعادتهم جيشوا العواطف ووظفوها للضغط على الدكتور محمد آل زلفة مطالبين بعزله من مجلس الشورى وإخراجه حافياً إلى الشارع العام.
وللأسف الشديد هب الانفعاليون وهم لا يدرون أنهم إنما ينصرون العادات والتقاليد التي لا يقرها إسلامنا.. ذلك الدين الذي أعاد للمرأة انسانيتها بعد أن كانت عورة ومتاعاً يستخدم ويورث.. وهبة الانفعاليين والتابعين لهم أربكت المشهد الاجتماعي بكل أطيافه.. حتى اختلطت المفاهيم لدى الجميع راغبين ورافضين ومتفرجين وأخلت بكل القضية.
ولو أخذنا عناصر القضية وحددنا المزالق التي تدل على اختلال المفهوم لدى كل منهم لوجدنا التالي:
1 الدكتور محمد يدعو إلى أن للمرأة حق قيادة حياتها وسيارتها أيضاً.. لكنه في غمرة دفاعه وجدله وحواره وقع في محظور اختلاط الرؤية.. فقد قام وهو المدافع المدني عن حقوقها.. ببخس حقها حينما أبدى اقتراحه بأن لا تسوق المرأة إلا بعد سن الخامسة والثلاثين.. وهنا أتساءل: ألست يا دكتور محمد تدافع عن حق المرأة في قيادة سيارتها من منطلق أنه حق لها كأي حق من حقوق الإنسان.. إذا كان كذلك.. فلماذا تريد أن تبخسها حقها وتمنعها من قيادة سيارتها عندما تبلغ سن الثامنة عشرة كشقيقها الذكر؟
2 الذريعة الطاغية عند كل الرافضين لقيادة المرأة لسيارتها هي الحفاظ على العفة.. والقضية هنا لها أكثر من وجه؛ فإما أن نساءنا ينتظرن قيادة السيارة حتى يسعين في الأرض عهراً.. وهذا الوجه يحتاج إلى اعادة نظر.. لأن ذلك يتضمن اتهاماً وهمياً ضد النساء جميعاً لا مسوغ له في ميزان العدل الإسلامي.
أو أن هؤلاء الرافضين قيادة المرأة للسيارة يرون المجتمع السعودي قطيعاً مفترساً من الذئاب.. وأن أفراده سوف يتقافزون على النساء في سياراتهن.. وهذا اتهام آخر.. فمتى يكف هؤلاء عن ذلك.. ومن يحمي المجتمع منهم؟.
3 الخطاب الديني المتشدد يرى أن المجتمع الإسلامي سوف يؤتي باخراج النساء من بيوتهن.. لكن الحقيقة الثابتة على أرض الواقع هي ان المجتمع الإسلامي قد أتى وانتهى أمره من خلال إخراج النساء من المجتمع.. وبذلك جعل المتشددون هذا المجتمع يتنفس برئة واحدة.
4 الذي تابع الساحات أو الذي رقم جواله من ضمن الأرقام المتداولة لابد أنه وصلت إليه أرقام هواتف الدكتور محمد آل زلفة.. وطلب منه الاتصال به ونصحه.. وإن بدا ذلك طلباً طيباً في ظاهره لكن المقصود هو إزعاج الدكتور محمد وعائلته لا نصحه.
ختاماً.. صرح الأمير نايف في لقاء وزراء الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي الأسبوع الماضي (إن قيادة المرأة قضية مجتمعية).. وهذا التصريح حسم الرأي الرسمي بكل معانيه الدينية والاجتماعية.. إذاً الأمر محسوم والخيار يحدده المجتمع من خلال استفتاء شعبي أو من خلال مجلس الشورى، وإن كان في الاستفتاء بخس لحق المرأة.. لكن القصد منه التدرج كما قصد الدكتور محمد آل زلفه حينما اقترح أن لا تسوق المرأة إلا حين يبلغ سنها 35 سنة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved