كما زخَّات المطر على أرض جفاف تنعشها وترويها، كما هي دمعة في لحظة تذكر بين يدي الله تمنح النَّفس فسحة تأمل، ولمحة أمل... * حين كتب أحمد جمال (مكانك تحمدي) لم تكن المرأة بعد قد أسفرت عن وجهها أو حسرت غطاءها عن رأسها...، ترى لو أنَّ أحمد جمال رحمه الله تعالى موجودٌ الآن وأراد أن يعيد أو يواصل كتابة مؤلفه: (مكانَكِ تُحمدي) ما الذي سيغيَّره في عنوانه، ومن ثمَّ في مضمونه؟! هي مراحل تمرّ بها المجتمعات البشرية، وهي موجات من المتغيِّرات الطبيعية التي تلحق بها، غير أنَّ هناك موجات ومتغيرات ليست تطرأ مع الحركة الطبيعية لتسارع نمو أو تطوير حركة الإنسان على الأرض تلك الحركة المتعلقة بنبض فكره، وحسّه، وعمله، وممارساته...، بل هي موجات مدروسة تفاصيل محتواها، مخطط لأنواع التغييرات المراد بها...، وهذا ما تمرّ به المجتمعات المسلمة العربية وغيرها من العربية هدفها الجوهر، ومنفذها المرأة...، الإسلام هو الجوهر، والمرأة هي الجسر الذي مدَّته أفكار المخططين العالميين لحركة تغيرات مقصودة ومرسومة محورها المجتمعات المسلمة وطُعْمُها المرأة وجسرها عقلها ووجدانها، ووسيلتها لباسها ومظهرها... والتركيز الآن مغلّف بمصطلحات رنَّانة مؤثّرة لا تخرج عن (الدور)، (الحق)، (الشراكة)، (المسؤولية)، (تحقيق الذات)، (رفض التمييز)، (محاربة التحيز)... وعليه فقد وضعت الاتفاقات العالمية، وركّزت على (عدم التمييز العنصري ضد المرأة)، وامتدّ الأمر في هذا الشأن من العموم إلى الخصوص، ومن الكلّ إلى التفاصيل، ودخل أنف الهيئات العالمية في جحور البيوت، وبين أكتاف النساء والرجال، بل امتدّ إلى الهواء الذي يتنفَّسانه، والسَّقف الذي يستتران به، واللَّقمة التي يتقاسمانها... بل إلى نوعية العلاج الذي تستخدمه المرأة، ولون مقعد العربة الذي تستقله، ورخاوة المقعد الذي تسند إليه رأسها من صلابته!!، وقيست مساحة الصوت الذي ترسله، وصدى المكان الذي يستقبله، وفتحت لها الشَّاشات والأبواب، وزخرفت لها الألوان واتسعت لها صدور الصحف والنوافذ والمكاتب والشوارع... و... و... تُرى أيّ مكان يحمد للمرأة الآن؟! وما الدعوة الصادقة التي تحتاج لأن تسمعها كي تستقبل زخَّ المطر الذي يروي جفاف عقول ونفوس لن يطهرها إلاَّ بكاء بين يدي الله تعالى.
|