Wednesday 15th June,200511948العددالاربعاء 8 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

مفسدة ومصلحة في آنٍ واحد مفسدة ومصلحة في آنٍ واحد
هدى بنت فهد المعجل

لأننا، أحياناً (إن لم يكن كثيراً)، لا نميّز بين المسألة - والقضية - والموضوع الاجتماعي، خلطنا المفاهيم، ومارسنا جريرة الرفض لكل ما لم نعتد عليه وليس بمدرج ضمن أفعالنا وتعاملاتنا وعاداتنا، وعممنا رفضنا على الكل دون أن نأخذ في الاعتبار أن الثوابت هي ما لا حق لنا في المساس بها، بينما المتغيرات تتبدل وفق تبدل الزمان والمكان، وتتقدم بتقدم الفكر، وتواكب التطور والتبدل والمتطلبات الحياتية المستجدة.. ونأتي بها إذا دعت الحاجة واستدعت الضرورة إليها.. وكونها جديدة على المنطقة.. ولم يؤت بها من قبل لا يعني رفضها وتسفيه المنادين بها.. والداعين إليها.. أو نعتهم بما لا يليق من النعوت القاصرة!! كالذي قيل في حق عضوي مجلس الشورى (آل زلفة) و(بخاري) حينما طرحا فكرة موضوع (قيادة المرأة للسيارة) على مائدة المجلس.
علماً بأننا لن نستغرب سماع صوت الرفض يتقاطع مع صوت التأييد مستنداً على جدار من الحجج والعلل الدامغة المعتمد عليها!!..
ما نستغربه تسفيه الأصوات.. ورد عللها وحججها. فولاة الأمر وأهل الرأي والاختصاص مستعدون لسماع الرأي، والرأي الآخر بعيداً عن التجريم ورفع الصوت، أو التقزيم والتطاول.. فللرأي دوافعه كدوافع الرأي الآخر.. ولدينا عدة أمثلة تؤيد ما سبق.
* جوال الكاميرا تقنية حديثة لها سلبيات وإيجابيات.. تؤدي إلى مفسدة كما تؤدي إلى مصلحة.. نظر البعض إلى السلبيات وتطرقوا للمفاسد فتهافت ثلة لاقتنائه بأي ثمن كان، وبأي وسيلة أتى لمجرد أن الفسح لم يأت بعد.. بيع بدون ضمان وبأسعار مرتفعة وفي النهاية حسم الأمر واقتضت المصلحة فسح بيعه وشرائه بضوابط.. ولكل جهة أو دائرة حكومية وأهلية حق تداوله واستخدامه في منشآتها أو رفض تداوله.. فوزارة التربية والتعليم درءاً للمفاسد منعت منسوبي الوزارة من حمله.. كما مُنع في الأعراس وبعض المناسبات الخاصة وتلك حريات شخصية ورؤى لا اعتراض عليها.. وبفسح بيعه وشرائه انطفأ وهج التهافت على (ممنوع كان مرغوباً).
* كما أن كتب تاريخ المنطقة روت لنا رفض (فئة) فكرة تعليم المرأة للأسباب ذاتها، وأنها قد تؤدي إلى مفسدة، فلتعليم المرأة (في نظرهم) سلبيات.. وحسم الأمر في عام 83هـ بصدور المرسوم الملكي.. ورغم هذا مازلنا نسمع عن آباء لم يعلموا بناتهم.. وآخرين اكتفوا بتعليمهن حتى المرحلة الابتدائية.. ولهم حججهم ودوافعهم، ولسنا مؤهلين للتدخل في التعاملات الأسرية أو تصحيح المفاهيم والأفكار إلى أن صدر قرار (التعليم الإلزامي).
* لكل آلة أو جهاز ومسألة سلبيات وإيجابيات، ويترتب عليها مفاسد ومصالح.. جهاز التلفاز، الانترنت، السكين (السلاح الأبيض)، السيارة، الهاتف.. حتى القلم يأتي بمفسدة إن كتبت به ما يخل بالأخلاق والسلوك أو يمس التابو المحرم..!! فهل يصادر من المكتبات وحقائب الطلاب المدرسية؟!!.
قبل أن نرفض المستجدات على المنطقة والمتغيرات لنفكر كيف نتعامل معها وبها، فنقدم المصلحة على المفسدة، والايجابيات على السلبيات إلى أن نضعف دور المفسدة والسلبيات.. أما رفض الجديد فأمر متوقع وليس بمستغرب!!.
* الشاب يعتاد من والدته طريقة طهو معينة للطعام.. ونوع بهارات مختلفة وأصنافاً متعددة أو محصورة!!.. وبمجرد اقترانه بفتاة تختلف عليه طريقة الطهو وتتنوع الأصناف!!. في البدء يتناوله على استحياء ومضض وتتقبل المعدة الطعام بتقلصات معوية، ثم يأخذ في انتقاد طهوها وعمل مقارنة بينه وبين طهو والدته.. ليس لسوء في طهو زوجته.. وتميز في طهو والدته!! بل لأن أسلوب الطهو تبدل. وبتوالي الشهور يباهي بتفنن زوجته في إعداد أنواع من المأكولات وينتقد طهو والدته وبأنه قد شاخ.. وربما لا يكون كذلك في نظر والده!!.
إذن، لن نستغرب رفض البعض قيادة المرأة للسيارة؛ لأننا لم نأت به ولم تأت به أمهاتنا وجداتنا من قبل..!!.

فاكس 8435344 - 03

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved