(1) **كتب الشيخ محمد رشيد رضا 1865 - 1935م في مجلة (المنار) - وفق ما نقلت مجلة (حوار العرب / العدد 2 / كانون ثاني 2005م - : *(.. أليس مما يذعن له كل منصف محب لخير البشر أن إنامة الفتن خير من إيقاظها، وأن إزالة الإحن خير من إثارتها، فمن أظلم ممن علم هذا فأعرض عنه واستبدل التفريق بالتأليف، وأغرى القوي بالضعيف، أو شغل الضعيف عن قوته الذاتية..) **ثم يقول: *(.. ونحمد الله أن لم يوجد في جرائدنا من يُنفِّرُ المسلمين من النصارى كافة كما يوجد في الجرائد الافرنجية والمتفرنجة من ينفِّر النصارى من المسلمين كافة بدعوى أن المسلمين متعصبون عليهم، إذاً لوقعت الواقعة، فكانت خافضة رافعة.. ) (2) **في الستينيات والسبعينيات استعانت وزارة المعارف -كما كانت تسمى- بمعلمي (لغة إنجليزية) من متحدثيها الأصليين، وكان لهم دور في تدريس اللغة وفق أصولِها، ولم يعنِ الطلابَ وأهاليهم أَنْ كانوا غير مسلمين.. ! **يذكرُ صاحبُكم أحدَهم - وكان يعلم الإنجليزية في (ثانوية عنيزة) -، فقد زاره في منزله ووجده أكثر من مرة منكباً على قراءة الكتب العربية، كما حاوره شباب مدينته على مدى سنوات واتفقوا معه واختلفوا، وكانت له علاقات جيدة مع بعض الطلاب وبعض المثقفين دون أن يعكِّر وجودُه نقاءَ البيئة المحافظة.. ! **ومع المتغيِّرات التي مرتْ بها بلادنا ومثّل بعضها إرهاصاً لحادثة الحرم سمعنا أنه قد أُبعد أو ابتعد بعدما ضاق به أفاضل خشُوا من تأثيره الفكري السالب.. ورغم ذلك فلا يزال هذا (الأجنبي) على صلةٍ ببعض أبناء المدينة التي أحبّها، بل لقد أكد أصدقاؤه أنه هو من تأثر وتحول إلى الإسلام. . ! (3) **حضر إلى مكتبه شخص ذو تأهيلٍ أعلى في تخصص (علمي) درسه في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ويعمل أستاذاً في إحدى الجامعات.. ! **ودون مبررات أو مقدمات طلب منه - بحكم موقعه- فصل مسؤول لغة إنجليزية لأنه -ببساطة- غير مسلم.. !.. وإذْ حاول صاحبكم إفهامه أو حتى التفاهم معه فقد كان مُصِراً على أنْ لا بقاءَ لمثل هذا في مجتمعنا الإسلامي.. ! **وجاء التساؤُل الهادئ: ألم تعمل أستاذاً في إحدى الجامعات البريطانية، وإذن: كيف أذنوا لك بذلك.. ؟ ألم يخشوا على أبنائهم منك.. ؟ أونخاف نحنُ من فردٍ واحد على ديننا.. ؟ أولسنا أكبر وأقدر وأجدر بالتأثير. . ؟! **لم يُجْد معه هذا الأسلوب، ولم يقتنع حين شرح له دور الرجل وأهمية تخصصه، فأضاف أنه يتلو القرآن الكريم، ويحفظ بعض آياته، ويحرص على تلاوة (آية الكرسي) قبل منامه، واقترح عليه أن يدخل معه في حوار فقد يكون ذلك خيراً له من حمر النَّعم فلم يستجب.. ! **.. عرفَ صاحبكم أنه أمام إنسان يردّد معاداً ومُعاراً، وأيقن أن هؤلاء النفر (مُبرمجون) استؤُجرت عُقولهم و(أنزلت) فيها موادُ (معلّبةٌ) لا يمكن التغييرُ فيها إلا حين تعاد تعبئتُها بنسخٍ (جديدة) من الإصدارات المبرمجة المتغيِّرة وفقاً لمصالح كُبرائها.. ! **حسم الجدل ب(لا) عريضةٍ، إذ لن تتم الاستجابة لرغبةٍ (مريضة) يبعد بها شخص مؤهل يمارس عمله بطريقةٍ نظامية تحت الشمس ، ثم غادر (المختلفُ) حوله، وحصل -دون ضغط- على تأشيرة خروج نهائي. . ! (4) ** في الموقف (الأول) اعتدال لم يُطل، وفي (الثاني) اختلال لم يزل، وبينهما قرون تنأى بنا عن مفاهيم الإسلام في العدل والرحمة والبر والقسط بغير المحاربين.. ! **مشكلة هذه المواقف أنها تتجه للناس الخطأ في الزمن الخطأ، أما الباغي فيزدادُ بغيه، وأما المقاتل فتتواصل شراستُه، وهكذا حال (العاجز) يقهره (القوي) فيصبّ غضبه على الضعيف.. ! (5) ** يهربُ (الوعي) من الرأي إلى الرأي، ويستبدلُ الباحثُ فكراً بفكر مُحَكِّماً عقلَه، مغلبِّاً غده، نائياً عن ثقافة القطيع التي تقول ما يُقال، وتُكرِّر ما يردّد ويُراد.. ! **ينقلنا الحصار إلى القفز فوق السياج الذّهني مؤمنين أن الأحاديّة المعرفيّة وهمٌ يرتضيه من دنتْ به إمكاناتُه فشاء تعزيز مكانته.. ! ** وفي قضية (التعصب) صورة مقلوبة تمثّل شعور الضعيف بالألم مما يدفعُ أفراداً و جماعات للقفز فوق المعطيات الثابتة التي لا يصرفُها شنآن قوم عن العدل، فتعادي وفقاً لمعايير، وتبر وتقسط وفقاً لمعايير، وإن افترقت بهم سُبُل الهوية والطائفة والدين.. ! ** وفي هذا السِّياق الحضاري / العالمي تمكن الإسلام من الانتشار معتمداً على قوتِه (الذاتية) المنفصلة عن واقع أبنائه المرتكسين في الهزيمة والتخلف.. ! **لا خوف في ظلّه، ولا حيف مع عدله، ورغمَ تردي أتباعه فقد ظل متبوعاً فساد وقاد ولا يزالُ يسود ويقود.. ! (6) ** في مدينة (سان دييغو) الأميركية على المحيط الهادئ تعرف صاحبكم على أحد (الصيادلة)، وتصادف أن جمعهما حيٌّ واحد، فتبادلا الزيارات، ولفت نظره حين طلب منه في لقاءٍ ضم آخرين قراءة شيء من القرآن الكريم.. ! ** بدا ذلك مقدمةً لعلاقةٍ استمرت سنوات، ورغم أن صاحبكم قد عرف أن صاحبه رجل دين، فلم يجد منه (تبشيراً) مباشراً أو غير مباشر، بل لمس تعاطفه مع القضايا العربيّة، وإعجابه بقيم الإسلام وأخلاق كثير من المسلمين، وأشعره - وهو الغريب أرضاً ولساناً وهُوية - بالإلفة والصداقة والترحيب. ! ** أراد (الأميركيُّ) أن يُقدِّم له فكرةً طيبة عن بلاده وناسه، وهكذا أراد صاحبكم، ولم يخسرْ أيٌ منهما، فالتسامح والتعايش والفهم والتفاهم قيمٌ إنسانيّة مشتركة، ولم يتجاوز الشيخ رشيد رضا الحق حين قال قبل أكثر من سبعين عاماً: * (.. إذا كان الإسلام بريئاً من هذه التهمة التي يلصقها به الأوربيون ويسمونها تعصباً فإنني لا أبرئ كثيراً من عوام المسلمين الجاهلين.. ).. ! ** ليكونوا ما شاءوا، ولنكنْ ما شاء لنا الله قوةً ورحمةً وعدلاً وإحساناً.. وقد رفض الجنود الجزائريون (المسلمون) قتل الأسير الفرنسي الماركسي (روجيه غارودي) فأصبح - بفضل تعاليم الإسلام مع الأسرى المحاربين - أحد ذوي الشأن من المسلمين.. ! * (الدين المعاملة).. !
IBRTURKIA@Hotmail. com |