* الرياض - روضة الجيزاني: صفة الاطراد في الظواهر الإنسانية تعد مركزاً أساسياً للوصول إلى مفهوم الشمولية في سلوك الإنسان، وبررها العديد من الباحثين في الخصائص الإنسانية أنها تأتي من الحقل الاجتماعي أو بما تسمى ثقافة المجتمع، ورغم أن هناك قاسما مشتركا مسيطرا وهو مفهوم الثقافات التي سيطرت على تفاصيل حياتنا الاجتماعية؛ فهذه التفاصيل أحاطت المرأة بسياج يبدأ من داخل أسرتها التي تساهم في بناء ثقافة (الدونية) لدى الابنة وجعلها حالة خام تفتقد كل الخصائص التي تساعدها بأن تكون في الواجهة وإن كان ذلك يتم بصورة لا تتجاوز في تفاصيلها المطلقة عتبات الدين الحنيف. وفي هذه المساحة نفتح أجندة هامة لنتعرف على خصائص البيت السعودي تجاه الابنة ودورها في تعزيز سلطة الأخ عليها وعدم وجود المساواة فيما يتعلق بتربية وتنشئة الأبناء بلا تحيّز للجنس. في البدء تتحدث (ابتسام محمد.ح) عن تجربتها وهي الابنة الوحيدة بين ثلاثة إخوة شباب حيث لم يشفع لها كونها الابنة الوحيدة في العائلة، فهي تعيش في سجن لا تملك فيه إلا تنفيذ الأوامر التي تصدر إليها من قبل إخوتها بمباركة من والدتها والتي تعيش نفس الحالة.. فما هي الأسباب؟ تقول ابتسام : عاشت أمي في بيئة متسلطة وكان أخوها الكبير يمارس عليها دوراً سلطوياً ويمنعها من التحدث أمام أفراد الأسرة، بل كان يعتبرها مجرد خادمة، عليها فقط القيام بالمستلزمات المنزلية، وطبقت أمي ما حدث لها علينا، فهي اليوم تجد التعسف الأخوي لي أمراً طبيعياً.. وتضيف قائلة: لقد اكتسبت قليلا من العلم ولم أستطع دخول الجامعة بسبب أوامر إخوتي لكني لن أسمح بأن تعامل ابنتي بهذه الطريقة بل سأجعلها صاحبة قرار حتى تعيش بسلام دون خوف أو إرهاب داخل الأسرة. منى الحسيني، معلمة محو أمية خرجت للعمل براتب ضئيل بسبب الكبت الذي يمارسه عليها شقيقها فهو لا يدعها تمارس حياتها بشكل طبيعي وتقول: لقد جعلني أحدث نفسي طوال اليوم، فلا أستطيع شراء هاتف جوال ولا أستطيع الرد على هاتف المنزل عندما يكون حاضراً فيه، حتى زوج المستقبل يضع له شروطاً ترضي تطلعاته في المستقبل وأنا أحلم برجل متعلم واع ولا أريده نسخة من أخي يمارس عليَّ قراراته ويجعل مني دمية يلعب بها متى أراد. وتقول (نورة. ع): نحن بيئة محافظة جداً والعائلة تحكمها تقاليد وأعراف صعبة لا تتناسب مع العصر الذي نعيشه، فمثلاً ما زالت العائلة تمنع ابنتها من اختيار الزوج المتقدم لها، وتمنع مشاهدته رغم عدم اتفاق ذلك مع الدين الإسلامي. وتضيف نورة: إن ما يحزنني هو مشاهدة اخوتي الشباب يمارسون كل هوايتهم دون تحفظ وعندما أتحدث أنا وأختي عن ميولنا الخاصة مثل ممارسة النت والذهاب مع صديقاتي في نزهة خارجية كل هذه الأمور محرمة لدى العائلة وما يزيد الأمور تعقيداً هو غياب دور الوالد؛ فلقد سلبه إخوتي هذا الدور وقاموا بممارسته رغم وجوده ووجود الوالدة. أما هبة عسيري فتقول: أنا وأخي في عمر متقارب ورغم ذلك يسيطر أخي على مجريات الأمور داخل المنزل، لقد جعلت والدتي منه بطلاً يمارس سلطاته عليّ ويتفرد بكل مجريات الأمور حتى وصل الحال أن يمارس قراراته تجاه الوالدة أنا لا ألومه فهو ليس له ذنب في ذلك؛ إنها والدتي التي صنعته وهي الآن نادمة وغير قادرة على إصلاح الخلل. نوارة تحدثت عن أمور شكلية قالت: إن شقيقها يتدخل بكل صغيرة وكبيرة في حياتي الخاصة فهو يمنعها من قص شعرها أو ارتداء بعض الملابس الحديثة وتقول: أحلم أن أعيش مثل بعض صديقاتي اللواتي يمارسن كل حقوقهن فأخي منعني من ممارسة أمور متعلقة بي شخصياً فعندما نخرج إلى السوق يمارس دور الرقيب فيقوم باعطاء الأوامر رغم أن زوجته ترتدي ما يحلو لها وهو يشجعها على ذلك، ولا يتدخل في تصرفاتها إنه يحلل عليها ما يحرمه على أخواتي البنات. وتحدثت (هند) بدهشة حيال ما يقوم به شقيقها في المنزل حيث يقوم بمشاهدة الفضائيات ويتفرد بذلك من خلال غرفته الخاصة وعندما يذهب إلى عمله يقوم بإقفال غرفته خوفاً من مشاهدتنا للقنوات الفضائية، نحن نعيش عزلة عن العالم ولا نستطيع التحدث بذلك لأن القرار يذهب لصالحه فهو يمارس كل الأدوار منذ الصغر، فكيف نستطيع الآن منعه من ذلك وهو رجل في الثلاثين؟ ولكن لماذا اختلطت بعض المفاهيم لدينا؟ لماذا يفتقر أسلوبنا في التربية لثقافة العدل بين الجنسين والتركيز على تنمية روح السلطة لدى الأخ داخل محيط الأسرة؟! هذه التساؤلات الضائعة تستحق أن نقف لديها طويلاً في تفاصيلها حتى نجد إجابة شافية. تقول الأخصائية النفسية السعودية ليلى وهبي آل علوان: بداية إن الإسلام كرم المرأة وإذا كان الأبوان يجهلان ذلك الأمر فهذا يشير أن هناك خللا وعيبا في الشخصية، وأن على الجميع احترام الرأي الآخر واحترام المرأة جزء من ذلك البناء الأسري المهم وتضيف قائلة: يجب على المسلم سواء كان رجلاً أو امرأة أن يتظلم ولا يقف ساكتاً أمام بعض التصرفات اللامسؤولة مثل أن تتجه الابنة إلى والدها إذا وقع عليها ظلم من أخيها، وتشير إلى أن الأسرة لا يحق لها إعطاء الأخ داخل محيط الأسرة الصلاحية الكاملة حتى ولو كان هو مسؤولاً عن الأسرة، ولكن علينا التوقف عند إذا كان النصح يأتي تجاه إصلاح الأسرة يجب أن يقبل. وتشير علوان إلى نقطة هامة وهي أن الأبوين هما اللذان يصنعان الرقيب ويضعونه داخل الاسرة فربما يكون الأب متسلطاً لا يحترم الأم أمام أبنائها وربما تكون الأم جاهلة بحقوقها وليس لديها وعي بحقوق التربية، وهنا أؤكد على أهمية ترابط الأسرة فما اكتملت هذه الأدوار وأولها الدور الديني فسوف تصبح الأمور في نصابها الطبيعي، ثم علينا أن نفهم جيداً أن هناك عادات سيئة لا تمت للإسلام بشيء وتعطي صورة سيئة لا تمت للإسلام بشيء وتعطي صورة سيئة بين المجتمعات خاصة عندما نؤمن بأن الأخ يجب ان يكون الرقيب الخاص على أخته منذ الصغر، لذا علينا التنبه من أننا نبني الظلم داخل الطفل وهو لا يدري وعندما يكبر يكبر لديه الظلم تجاه أخواته البنات ويمتد إلى زوجته مستقبلاً فالحذر من ذلك.
|