جدل في مصر حول تأثير المظاهرات على جذب الاستثمارات الخارجية

* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
للمرة الثانية خلال أقل من شهر تصدر تصريحات على لسان كبار المسؤولين في مصر لتحذر من التأثير السلبي للمظاهرات على مناخ الاستثمارات وهي التصريحات التي أثارت جدلاً واسعاً بين خبراء الاقتصاد والمستثمرين الذين تباينت آراؤهم حول هذا الموضوع ففي الوقت الذي أيد فيه بعضهم هذه التصريحات أكد آخرون رفضهم لها داعين إلى عدم الربط بين المظاهرات الحالية في الشارع السياسي وتراجع معدلات الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مصر.
كانت البداية في منتصف الشهر الماضي عندما أكد الرئيس مبارك في حديث أدلى به لصحيفة السياسة الكويتية ان المظاهرات غير المبررة ستؤدي إلى هروب المستثمرين مما يزيد من حجم البطالة في البلاد مشيرا إلى ان مثل هذه المظاهرات لا برامج لها وتستهدف إيجاد حالة شغب طاردة للاستثمار المحلي والأجنبي، نفس الأمر أكده رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف في تعليقه على التجاوزات التي حدثت أثناء عملية الاستفتاء حينما أعلن ان تلك التجاوزات التي حدثت ربما تؤثر على جذب الاستثمارات الخارجية مضيفاً ان أحد أهم أسباب جذب الاستثمارات لمصر هو الاستقرار السياسي والأمني.
بعض خبراء الاقتصاد أيدوا تصريحات الرئيس مبارك والدكتور نظيف مشيرين إلى ان رأس المال الأجنبي بطبيعته جبان ويتأثر بأي أحداث يمكن ان تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن ولذلك فالمظاهرات التي تزايدت حدتها في الفترة الأخيرة وما يحدث خلالها من تجاوزات وصدامات بين رجال الأمن والمتظاهرين أو احتكاكات بين القوى السياسية المختلفة يمكن ان تؤدي إلى إشاعة المخاوف لدى المستثمرين من تهديدات قد تلحق بمشروعاتهم الاستثمارية في مصر، وأكد هؤلاء ان هذه الأحداث يمكن ان تلحق آثاراً سيئة بسمعة الاقتصاد المصري الذي حقق خلال الفترة الأخيرة نجاحات هامة واصبح منفتحاً أمام رجال الأعمال وجاهزاً للاستثمار بعد التطور الكبير الذي شهده الاقتصاد المصري مما أدى لزيادة الفرص المتاحة للاستثمار.
وأكد محمود عطا الله نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار انه تم اتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها تشجيع الاستثمار حيث تم خفض الضرائب على الأرباح التجارية بنسبة 50% وتم تخفيض التعريفة الجمركية وإصلاحها وتقليل بنودها كما تغير دور هيئة الاستثمار من دور الرقيب إلى دور المروج والمساند للمستثمرين وتم حل كافة المشكلات المتعلقة بإجراءات التأسيس لتصدر الموافقات على التأسيس خلال ثلاثة أيام بالنسبة للشركات المصرية و 15 يوما بالنسبة للشركات المشتركة، وهناك دراسات تجرى لتطبيق نفس الأمر بالنسبة للشركات الأجنبية التي ترغب العمل في مصر كما ان هناك قانوناً يسمح بتملك الأجانب العقارات والأراضي دون قيود كما توجد في مصر 8 مناطق حرة للتصنيع والتصدير للخارج معفاة من الجمارك بالإضافة إلى منطقة اقتصادية خاصة وأدت هذه الإجراءات إلى ارتفاع نسبة الاستثمارات المنفذة إلى 24 مليار جنيه بزيادة 31% عن العام الماضي.
وأشار جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب إلى انه لا يمكن الجزم بعدم وجود تأثير لهذه المظاهرات على مناخ الاستثمار مشيرا إلى ان هدف المظاهرة في حد ذاته عامل حاسم في مدى تأثر الاستثمارات بها فالمظاهرات التي تطالب بتغيير نظام الحكم تقلق أي مستثمر أجنبي يراقب هذه المظاهرات خوفاً من ان تنجح في تغيير الحكم وتأتي بنظام يناهض الاستثمارات الأجنبية ويعارضها وربما يلجأ إلى تأميمها، ونفى بيومي ان يكون لقانون الطوارئ أي تأثير سلبي على الاستثمار في مصر قائلا: ان القانون مطبق منذ 25 عاماً ورغم ذلك لم تتأثر الاستثمارات.
على جانب آخر أكد مستثمرون وخبراء اقتصاد انه لا علاقة بين المظاهرات التي تطالب بالإصلاح السياسي وتوجهات المستثمر المحلي أو الأجنبي الذي يسعى بالدرجة الأولى إلى البحث عن مظاهر الإصلاح الاقتصادي لتعظيم عوائده من مشروعاته.
وشدد منير فخري عبد النور رئيس مجلس إدارة مجموعة هيرو الشرق الأوسط وإفريقيا على أهمية عدم إثارة المخاوف من هروب الاستثمارات للحيلولة دون القيام بالمظاهرات من اصل المطالبة بالإصلاحات.