|
انت في "الرأي" |
|
المجتمع محكوم بأفراده.. والأفراد محكومون بأفكارهم.. والأفكار محكومة بالخرائط العقلية.. والخرائط العقلية محكومة بالموروثات الفكرية والعادات والتقاليد التي تحدد مناهج التفكير وتعطل منابع الإبداع وتكرس مفاهيم الاتباع. فلكل فرد خريطة خاصة بعقله، ينظر من خلالها إلى جميع الأشياء التي من حوله من زاوية واحدة، وهذه الخريطة العقلية تختلف من شخص لآخر ولا يمكن ضبطها بإطار عام إلا في المجتمعات المنغلقة التي تجيد غلق النوافذ والشبابيك!! والعجيب في الأمر أن هذه الخريطة تنتقل من جيل إلى الذي يليه بموروثات ليست جينية (كما هو معروف في علم الطب) بل بموروثات من نوع آخر.. تسمى العادات والتقاليد والخصوصية وبالتالي فإن التمرد على هذه العادات والتقاليد من خلال إعمال العقل وشحذ التفكير تعتبر من التعديات على (الدين) يوصم من يقوم بذلك بالزندقة والاعتزال (شنشنة نعرفها عن أخزم) بهدف إقفال الطريق في وجه التنويريين (مع تحفظي الشخصي على هذا اللفظ) منعهم من المشاركة في توسيع الخرائط العقلية للمجتمع، وبسط فكرة قبول الرأي الآخر والتعايش مع الضد، الأمر الذي يؤدي إلى منح صلاحية تحديد ورسم الخرائط العقلية للمجتمع على فئة محددة تعرف سلفا أن لا وجود لها في ظل الانتخابات والتصويت الشعبي؛ لذلك فهم يرددون صباح مساء قول الله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ } من باب تأكيد أخذ الوصاية على المجتمع وأن عموم الناس جهلة سفهاء يجب الأخذ بأيديهم لطريق الحق والهداية، ونسو أو تناسوا.. تلك الجحافل من العلماء والمتعلمين والمثقفين الذين تزخر بهم بلادنا الطيبة الطاهرة. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |