Tuesday 7th June,200511940العددالثلاثاء 30 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

قدح المورياتقدح الموريات
بين التناسل الثقافي والتناسل البيولوجي
أحمد بن عبد الله العرفج

المجتمع محكوم بأفراده.. والأفراد محكومون بأفكارهم.. والأفكار محكومة بالخرائط العقلية.. والخرائط العقلية محكومة بالموروثات الفكرية والعادات والتقاليد التي تحدد مناهج التفكير وتعطل منابع الإبداع وتكرس مفاهيم الاتباع. فلكل فرد خريطة خاصة بعقله، ينظر من خلالها إلى جميع الأشياء التي من حوله من زاوية واحدة، وهذه الخريطة العقلية تختلف من شخص لآخر ولا يمكن ضبطها بإطار عام إلا في المجتمعات المنغلقة التي تجيد غلق النوافذ والشبابيك!! والعجيب في الأمر أن هذه الخريطة تنتقل من جيل إلى الذي يليه بموروثات ليست جينية (كما هو معروف في علم الطب) بل بموروثات من نوع آخر.. تسمى العادات والتقاليد والخصوصية وبالتالي فإن التمرد على هذه العادات والتقاليد من خلال إعمال العقل وشحذ التفكير تعتبر من التعديات على (الدين) يوصم من يقوم بذلك بالزندقة والاعتزال (شنشنة نعرفها عن أخزم) بهدف إقفال الطريق في وجه التنويريين (مع تحفظي الشخصي على هذا اللفظ) منعهم من المشاركة في توسيع الخرائط العقلية للمجتمع، وبسط فكرة قبول الرأي الآخر والتعايش مع الضد، الأمر الذي يؤدي إلى منح صلاحية تحديد ورسم الخرائط العقلية للمجتمع على فئة محددة تعرف سلفا أن لا وجود لها في ظل الانتخابات والتصويت الشعبي؛ لذلك فهم يرددون صباح مساء قول الله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ } من باب تأكيد أخذ الوصاية على المجتمع وأن عموم الناس جهلة سفهاء يجب الأخذ بأيديهم لطريق الحق والهداية، ونسو أو تناسوا.. تلك الجحافل من العلماء والمتعلمين والمثقفين الذين تزخر بهم بلادنا الطيبة الطاهرة.
إن التحجير على المسلمين في قضايا عامة يجوز فيها فسح المجال للرأي الآخر يؤدي بالضرورة إلى استعداء حملة هذا المنهج والفكر وخصوصا في هذا الزمن الذي نرى مدى التطور العلمي والتقدم المعرفي ونشر للثقافة وتوسع سبل الاتصال من فضائيات وإنترنت يؤكد ضرورة التريث والدراسة للمواضيع قبل تصدير الأحكام خصوصا إذا كانت في قضايا الخلاف وفقه المعاملات وأن وصم أصحاب الرأي الآخر بالمخالفين لم يعد المكان يتسع له.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved