* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي: وسط الجدل المحتدم في الشارع المصرفي المصري حول أزمة البنوك المتعثرة عاشت البنوك المصرية الأسبوع الماضي عدة أحداث وتطورات مهمة ربما كان لها دور مهم في تحديد مصيرها ومستقبلها خاصة مع بدء الدولة لحملة بيع حصة القطاع العام في بعض البنوك المتعثرة والتي تأكد فشلها في توفيق أوضاعها وزيادة رأس مالها إلى 500 مليون جنيه قبل انتهاء المهلة المحددة من قبل البنك المركزي منتصف يوليو القادم. الشارع المصرفي بدوره لم يخل من جدل واسع حول تداعيات هذه الأزمة خاصة فيما يتعلق ببحث سبل حلها والاقتراحات المطروحة لإدخال تعديلات جديدة لبعض مواد قانون البنوك وتعديلات لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، إلا أن الجدل الأكبر كان حول حق الأجانب في تملُّك البنوك المصرية وهو الموضوع الذي شهد آراء متباينة من جانب خبراء الاقتصاد خاصة بعد أن تم بيع البنك المصري التجاري لبنك بير يوس اليوناني رغم تصريحات سابقة نقلت عن وزير الاستثمار د. محمود محيي الدين بأن هناك حظراً على تملُّك الأجانب للبنوك المصرية، وهي التصريحات التي أثارت جدلاً واسعاً في الشارع المصرفي المصري، حيث أبدى المصرفيون اعتراضات بالجملة على الرفض الحكومي لتملُّك الأجانب للبنوك بينما اختلفت التفسيرات حول التصريحات المنقولة عن الوزير، حيث أكَّد البعض أنها مقصورة على بنوك القطاع العام التجارية التي سيتم خصخصة بعضها، في حين أكَّد آخرون أن هناك اتجاهاً داخل الحكومة لحظر بيع البنوك للأجانب سواء كانت مشتركة أو عامة خاصة بعد صدور تحذيرات عدة من عدد من القيادات المصرفية والاقتصادية، بل السياسية من سيطرة الأجانب على هذا القطاع الاقتصادي الحيوي ومطالبتهم بقصر عملية البيع على المصريين. وأمام تزايد التفسيرات المختلفة لتصريحات الوزير أصدرت وزارة الاستثمار بياناً حسمت فيه الأمر، حيث أكَّد البيان أن التصريحات تم تفسيرها خطأ بحظر بيع البنوك للأجانب. وأكَّد البيان أن قواعد تملُّك حصص في روؤس أموال البنوك ينظِّمها قانون بيع البنوك الذي لا يفرِّق بين جنسية وأخرى أو بين المصريين والأجانب في عملية تملُّك البنوك، مشيراً إلى أن القانون المصري يسمح بالتملُّك دون التقييد بأي حد أقصى ينص عليه قانون آخر إلا أن جانب من الخبراء والمختصين طالبوا بضرورة وضع سقف لملكية الأجانب داخل القطاع المصرفي خاصة في ظل وجود إقبال شديد من قبل المستثمرين العرب والأجانب على الاستحواذ على بنوك مصرية أو على الأقل شراء حصص مؤثِّرة فيها وما تردد في السوق عن تلقي بعض البنوك عروضاً من عدد من المستثمرين الأجانب لشراء حصص فيها دون علم البنك المركزي بهدف توفيق أوضاعها وزيادة رؤوس أموالها. ويرى الخبراء أن هناك تخوفاً من تزايد وجود الأجانب داخل القطاع المصرفي خاصة في الفترة المقبلة، حيث أصبح الأجانب يستحوذون على حصة مؤثِّرة في هذا القطاع وهذه الحصة مرشحة للزيادة بقوة في حالة بيع البنوك العامة والتي لم يحسم الأمر بشأنها حتى الآن وإن كان رئيس اتحاد المصارف المصرية محمد بركات قد أكَّد أن البنوك العامة تملك الحرية الكاملة في طرح مساهمات المصارف المشتركة للبيع كل حسب سياسته في إدارة محفظته الاستثمارية. ونفى بركات وجود ضغوط دولية أو داخلية للتخلص من مساهمات المال العام في المصارف المشتركة. ويرى المتخوفون من احتكار الأجانب للسوق المصرفي أن الحكومة قد تتجه إلى بيع البنوك العامة عقب الانتهاء من بيع مساهماتها في البنوك المشتركة وهو ما سيؤدي إلى وجود أجنبي مكثَّف داخل القطاع المصرفي، بل إمكانية سيطرة الأجانب على جميع الوحدات المصرفية العاملة في مصر. على جانب آخر قلَّل خبراء مصرفيون من هذه التخوفات، مؤكِّدين أن بنوك القطاع العام لا تزال تسطير على 55% من حجم السوق المصرفي في حين تتوزع النسبة الباقية ما بين بنوك خاصة وبنوك أجنبية. وقالوا إنه على المدى القصير والمتوسط فإن الدولة ستحتفظ بالبنوك العامة وبالتالي لا خوف من زيادة وجود الأجانب داخل القطاع المصرفي وأوضحوا أنه حتى في حالة استحواذ الأجانب على حصة مؤثِّرة في السوق فإنه من الصعب عليهم القيام بممارسات احتكارية خاصة مع وجود بنوك مصرية خاصة قوية وقادرة على منافسة بنوك الأجانب. وحذَّر عدد من المصرفيين من أن تؤدي هذه التخوفات إلى غلق الباب أمام الاستثمار الأجنبي في القطاع المصرفي، مؤكِّدين أن المستثمر الأجنبي هو الوحيد القادر على شراء البنوك العامة إذا أقدمت الحكومة على بيعها، وكذلك شراء حصص البنوك العامة في البنوك المشتركة بحكم ما لديه من قدرة مالية وخبرات وتقنيات عالية يستطيع من خلالها اقتحام السوق المصرفية بالإضافة إلى قدرة المستثمر الأجنبي على الاستحواذ على الكيانات المصرفية الصغيرة وتطويرها بما يتلاءم مع متطلبات السوق المصرفية في الفترة المقبلة.
|