يتخوف العديد من الإسرائيليين من اندلاع الحرب الأهلية في الكيان الإسرائيلي، أو على الأقل حدوث اضطرابات أمنية بين أكثر من فريق إسرائيلي. قلق الإسرائيليين وتخوف المثقفين منهم وخاصة كتاب الأعمدة في الصحف والمختصين في الشؤون الاستراتيجية ليس محصوراً فقط في رفض المتشددين الإسرائيليين والمستوطنين ما يسمى بخطة الانسحاب من قطاع غزة التي يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية آريل شارون الى تنفيذها في الأشهر القادمة، بل احتمال مساندة عدد من المجندين ومن جنود الاحتياط العاملين في قوات الاحتلال الذين أظهر العديد منهم عزوفهم عن المشاركة في تنفيذ الخطة وهذا ما يجعل الإسرائيليين يتخوفون من ان ينضم هؤلاء المجندون الى المستوطنين في مقاومة الانسحاب.. وبالسلاح. أما السبب الآخر الذي يعتبره كثير من المفكرين الإسرائيليين أكثر تأثيراً والذي سيعجل برأيهم في اندلاع الحرب الأهلية بين الإسرائيليين هو تردي مستوى النزاهة بين الطبقة السياسية الحاكمة. ولقد برز العديد من الكتابات التي تؤكد هذه الحقيقة، وعلى سبيل المثال ما كتبه الخبير القضائي الإسرائيلي موشيه نجبي أخيراً والذي يعتبر ان هناك محاولات تجري وبأيد اسرائيلية لتدمير الديمقراطية وتقويضها من الداخل. وهي المحاولات التي تجري على يد عدد من المسؤولين الذين تخطوا القانون ويريدون التغطية على فسادهم الذي وصل الى القمة. وينتهي نجبي الى حقيقة مهمة وهي أنه لا يوجد نهضة لدولة تمارس فيها قياداتها الفساد ويتسم سلوكها مع الآخرين بالعنصرية. هذا بالإضافة الى اشارة نجبي للعديد من الوقائع المهمة مثل عصابات الإجرام المنظم التي تزرع العنف في الشوارع والتي باتت أذرعها تتغلغل في سلطات النظام الحاكم وتهدد بمس الديمقراطية من الداخل، بالإضافة الى انتشار القتلة والمغتصبين والعنف بين الأزواج وتجارة النساء التي بات القائمون عليها يتجولون طلقاء بسبب غباء القضاء الإسرائيلي. والأنكى من هذا وجود عدد كبير من الأبرياء الآن في غياهب السجون والمعتقلات دونما ذنب اقترفوه بينما يعيش عدد كبير من المسؤولين الكبار أحراراً. وتقول الكاتبة الإسرائيلية شيلي يحيموفيتش في مقالة لها في صحيفة هآرتس: إن الفساد بات يستشري بين كبار القادة العسكريين أيضاً الذين يمارسون الرق والعبودية بين الجنود المساكين، بل يستغلون مجنداتهم جنسياً، بجانب عشرات القضايا التي تم فيها فضح التنكيل الإسرائيلي بالفلسطينيين. وتقول: المثير أن إسرائيل قامت وبها العوامل التي ستؤدي إلى انهيارها، حيث كانت التفرقة العنصرية بها موجودة قبل إنشاء إسرائيل، وهو ما يعترف به (الآباء) الأوائل في مذكراتهم حيث يؤكدون أن اليهود حتى قبل إقامة إسرائيل كانت لديهم النزعة العنصرية تجاه كل ما هو غير غربي، الأمر الذي يفسر حالة القمع والقهر التي يعاني منها الآن حاليا اليهود الشرقيون وهو ما يفسر عمق الأزمة التي تتعرض لها اسرائيل، وهي الأزمة التي استفحلت مع الذكرى الـ57 لإقامة اسرائيل وباتت تهدد باندلاع حرب أهلية في تل أبيب والتي باتت مسألة وقت، كما تؤكِّد هذه الكاتبة الإسرائيلية البارزة وغيرها من الخبراء الإسرائيليين.
|