سعادة رئيس تحرير جريدة (الجزيرة)، وفقه الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: سعدتُ بقراءة العدد 11924 الصادر يوم الأحد 14 من ربيع الأول 1426هـ فألفيته متألقاً بين سائر الأعداد، فقد حوى موادَّ إعلامية ممتازة، وضم موضوعات تهم الصغير والكبير، ونقل لنا فوائد يندر وجودها في مطبوعة يومية أخرى. ومن أبرز وأهم ما أعجبني في ذلك العدد: 1- ص2 الأمير متعب بن عبد العزيز يوقِّع عقود مشروعات بلدية في عدد من مناطق المملكة بنحو 302 مليون ريال. 2- ص4 موضوع بعنوان: المرأة والألعاب الأولمبية لعبد الرحمن صالح العشماوي. 3- ص25 قصيدة للشاعر غازي القصيبي في صفحة كاملة بعنوان: حديقة الغروب، وعدد أبياتها خمسة وعشرون بيتاً من الشعر العمودي. 4- ص33 عزيزتي الجزيرة، وفيها: - إنهن يتحملن جزءاً كبيراً من المسؤولية، بقلم: محمد بن فيصل الفيصل. - حول ميزات كل من الرجل والمرأة، بقلم: محمد العثمان القاضي. - هذا ما يحتاجه مستشفى الدلم، بقلم: محمد الدوسري. 5- ص35 مقالات، وفيه مقال للكاتب محمد أبو حمراء نقل معاناة معلمة. 6- ص46 كاريكاتير للمرزوق، وفيه: (قولوا لفصلكم.. تبون درجات الاختبار النهائي كاملة.. كل وحدة تجيب بكرة صينية حلى!!!!). 7- وأخيراً ص48 كاريكاتير هاجد، وفيه (حافلة صغيرة) كتب عليها: الجوازات ترحيل، وبجانبها حافلة في مثل طولها أربع مرات قادمة من المطار، وكتب عليها: (استقدام).ولنا مع بعض هذه المواد والموضوعات وقفات: فأولاً: كان في خبر وزارة البلديات إشارة إلى امتداد يد العطاء والنَّماء إلى هذا البلد الكريم من ولاة الأمر وفَّقهم الله، وعموم المشاريع لمناطق ومحافظات ومراكز بلادنا حفظها الله من كل سوء. ثانياً: وفي موضوع (المرأة والألعاب الأولمبية) ناقش الكاتب فكرة مشاركة المرأة في الرياضة، وبيَّن أهميتها للمرأة، إلا أنها مضبوطة في الإسلام بضوابط شرعية لحفظ المرأة كرامتها وعفتها وتجنبها المخاطر بشتى أنواعها. وأوضح الكاتب أنه لا يضير بلادنا المملكة العربية السعودية أن يكون لها تميزها في هذا الجانب، وأن تؤكد على ضوابط الشرع في مشاركة المرأة في الرياضة، وذلك - حسبما ذكر الكاتب - مثل تميزنا - ولله الحمد - في مشاركاتنا الاقتصادية والسياسية والعلمية مع الدول الأخرى. ثالثاً: والقارئ لقصيدة الشاعر والأديب والسياسي والإداري غازي القصيبي تتجلى له شاعرية فذَّة لا يشبهها إلا شاعرية فحول شعراء العصر العباسي. والقصيبي في قصيدته هذه وغيرها من القصائد يذكِّرنا بالمتنبي وحافظ إبراهيم وابن الوردي والبهاء زهير. ولا أدري كيف حصل التوافق: فعدد أبيات القصيدة خمسة وعشرون بيتاً، ونُشرت في صفحة خمس وعشرين، ومناسبتها بلوغ الشاعر خمساً وستين سنة. وإذا ما تجاوزنا هذا المظهر الشكلي وجدنا الشاعر قد قسم قصيدته إلى خمسة مقاطع، والخمسة هنا تلاحقنا: المقطع الأول حديث الشجون وخطاب إلى النفس؛ حيث يشكو من طول الطريق ومفاجأته ومراحله المختلفة. وفي الطريق: معاناة السفر، وكيد الأعداء، وتفرق الأصحاب، والغربة في هذا وذاك. ثم ينتقل في المقطع الثاني ليناجي رفيقة دربه في خطاب رقيق، ويختم خطابه لرفيقة الدرب بوصية لفظية: إن سألوك عني فقولي: لم يكن بطلاً. لكنه لم يُقبِّل جبهة العار، وتلك صفة الرجال. وفي المقطع الثالث مناجاة لابنته لا تقل في صدقها وشفافيتها عن المقطع قبله. وفي المقطع الرابع نداء للوطن.. وأي وطن؟! أوليس المملكة العربية السعودية. يقول شاعرنا: لقد نذرت زهرة عمري لك يا بلادي، ودمت على ذلك إلى الآن؛ حيث حان زمن إبحاري إلى شاطئ آخر إليه سينتقل كل الناس يا بلادي؛ مما يعزِّيني ويسليني وبه أفخر: إنني لم أبع قلمي ولم أدنِّس بسوق الزيف أفكاري. وختام القصيدة نداء إلى الخالق سبحانه وتعالى: يا رب أنت تعرف ذنبي وسري وعلانيتي، ولقد أحببتُ لقياك لأني تيقَّنتُ أن العفو والغفران لا يكونان إلا عندك يا إلهي. لقد خاض شاعرنا البحر البسيط، فجاءت قصيدته واضحة المعاني، مشرقة الألفاظ، وحمل ذلك عاطفة صادقة منحت القصيدة قوة وجمالاً وتأثيراً. رابعاً: وفي صفحة (عزيزتي الجزيرة) - وكما هو معهود منها - حوت مشاركات جميلة ورائعة، ومنها: ما كتبه محمد الفيصل عن النساء؛ حيث وضح أن من أسباب انحراف بعض الشباب ما يرونه من تبذل النساء وخروجهن بلا حجاب شرعي كامل، فيكون ذلك فتنة للشباب من ضعاف النفوس. وأنا أرى أن لذلك أثراً كبيراً في انحراف الشباب بلا شك. وقد كتب محمد الدوسري عن مستشفى الدلم ونواقصه، وهنا نؤكد ما كتب عن مستشفى الدلم، وهو أنه مستشفى مع وقف التنفيذ، فهو مستوصف كبير فقط؛ لأنه الآن لا يملك من مقومات المستشفى أي شيء.. فهل لوزارة الصحة أن تعيد النظر وتمنح هذا المستشفى ما يحتاجه ليؤدي دوره في منطقة يبلغ سكانها ستين ألف مواطن؟!! سؤال نتمنى ألا يطول انتظارنا جوابه. خامساً: وفي صفحة مقالات يقدِّم محمد أبو حمراء خدمة جليلة في طلب نقل معاناة معلمة تعاني من مرض يتطلب قربها من مستشفى كلَّفتها وزارة التربية والتعليم العمل في مكان يبعد عنه حوالي مائتي كيلو متر. وها أنا أشد على يد الأخ محمد وأذكره ونفسي بأن خير رسالة لرجال الإعلام، وبخاصة كتاب الصحافة، أن يسعوا لقضاء حاجات الناس، وخدمة الضعفاء والمساكين، ورفع الضر عن المتضررين، والصدق في ذلك؛ طلباً لثواب الله تعالى. سادساً: وكما أن لصوت الحروف وقعها وأثرها؛ فإن للرسم والتصوير - غير المبتذل - أثره الكبير. وهنا نجد كاريكاتير المرزوق ينقل لنا مشكلة مدرسية نسائية مزمنة، وهي لا تحتاج إلى تعليق بقدر ما تحتاج إلى أن توصل إلى التوجيه التربوي وتعمم على المدارس لرفع معاناة الأسر. وأضيف هنا أن المشكلة ليست في صينية حلى فقط، ولكنها كذلك في طلبات رسم وفنون لا تقف عند حد، وأعمال أخرى تكلف وقتاً ومالاً كثيراً.وفي كاريكاتير هاجد صدق وصراحة نتردَّد في قولها: فأي حد من العمالة، وأي تقليص لها إذا كانت الطائرة تنقل إلى المملكة مائتي مستقدم ومستقدمة في مقابل خمسين يغادرون؟! وإذا كان لي من عتاب إلى (الجزيرة) فهو أنها حرمتنا من شعر القصيبي زمناً طويلاً، وكم نتمنى أن نقرأ مثل هذا الشعر الجميل. وهو ما نجده أحياناً في شعر صالح المالك وعبد الرحمن العشماوي وسعد الغامدي، وهم ممن تتحفنا (الجزيرة) ببعض شعرهم. وهو تميُّز يُحمد ل(الجزيرة) ولرئيس تحريرها ورُبَّان سفينتها.
عبد العزيز بن صالح العسكر /الدلم |