Friday 3rd June,200511936العددالجمعة 26 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

عندما يكون الأخذ بالعلم ضرورةعندما يكون الأخذ بالعلم ضرورة
عبدالله سليمان الطليان / الخرج

عندما خلق الله الإنسان على هذه الأرض وهو في صراع من أجل البقاء، الذي كان يتم داخل كهوف وغابات وصحاري، امتزج هذا الصراع بطقوس وعادات وتقاليد متوارثة غارقة في أغلبها في الجهل والخرافة والبدائية، وهي تمثل تفاعلاً بيئياً تركز على السيطرة وفرض القوة وفي الاستحواذ والتسخير لكل شيء، ولم يترك الإنسان سدى على تلك الحالة، بل جاء الارتقاء من الله عز وجل من خلال الدين الذي راح يكرم هذا الإنسان ويعلي منزلته عن باقي سائر المخلوقات، فانتظمت حياته وأصبح يعرف أن هناك عليه رقيباً يحاسبه على أفعاله وتصرفاته، وأنه -الإنسان- ليس هو الذي يملك القوة على وجه هذه الأرض، فخضع لأمر الله واستجاب لأوامره، التي كانت مصدر سعادته لأنها عرفته بحقيقة وجوده ونهايته.ومع تتابع الأزمنة وتصرمها راح الإنسان يمعن البحث والاستكشاف في الأمور المادية المحسوسة وغير المحسوسة التي تصنف في الغيبيات وتدخل في علم المنطق والفلسفة وهذا نتاج طبيعة العصر فلم يكن هناك طرق للأمور المادية إلا في مرحلة متأخرة بسبب الحياة البسيطة التي لا تتعدى مهنة الرعي والزراعة، أفسحت المجال للعقل لكي يبحر في عالم الأفكار، ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا، فمع تزايد متطلبات الحياة كان لا بد من الاستكشاف الذي أوجد مسميات مختلفة للعلوم والمعارف، ومن هنا بدأ انحسار الأثر الديني، الذي كان له صراع وتصادم قوي في الغرب قديماً، خصوصا حول اكتشاف الفلك من خلال العالم (كوبرنيكوس) والعالم (جاليليو)، وما تلا بعد ذلك من اكتشافات كانت سبباً في ظهور النفور والابتعاد عن الدين ووصمه بأنه عامل تأخر، فظهر التقديس لجانب العلم على حساب الدين، وأصبحت هناك دعوات لفصله عن شؤون الحياة وحصره في دور العبادة، وظهر هذا جلياً في القرن العشرين ومن خلال مبدأ (العلمانية) التي تسابقت جميع الدول الغربية على الأخذ بهذا المبدأ وتطبيقه، بل وراحت تسوق له في جميع البلدان وتبرز أثر العلم في القضاء على الكثير من المشاكل سواء كانت صحية أو اقتصادية أو اجتماعية، وبطبيعة الحال لم يسلم العالم العربي والإسلامي من هذا المبدأ التي شهدت بعض بلدانه محاولات في التطبيق، إلا أنها لم تحقق الهدف أو تصل إلى غايتها في انتشال الواقع التنموي المتأخر إلى مصاف الدول الغربية المتقدمة، وما زال الأمر مثار جدل حتى يومنا الحاضر بين أخذ ورد وطرح الكثير من الأفكار من أجل تطويع العلم وجعله لا يتعارض مع الدين ونحن في بداية القرن الواحد والعشرين ومجال التنمية في بعض البلدان العربية، وبعض الدول الإسلامية ما زال لم يرتق إلى المستوى المطلوب ولم يشهد التحسن المرغوب على الرغم من محاولات (العلمنة)، فما هو السبب الحقيقي الذي يمنع من حدوث نقلة نوعية تصل إلى مقارعة الدول المتقدمة من غير الإخلال بقيم الدين وقواعده؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال في عدة أسباب من أهمها ذلك الخطاب الديني المنصب على التعمق في التفكير ومقارنة الماضي بالحاضر، وجعل هو العنوان المكرر بشكل عصف بواقعنا كعرب ومسلمين عند كل حدث، فأوجد تيارات واتجاهات مختلفة سلبت العقول واستحوذت عليها وما زالت في استهلاك عقلي دائم لا يخرج عن تلك الدائرة، تنبري للحدث أحياناً بكل الوقائع السابقة وبشكل محموم فيغرق العقل في التفكير ويبقى مشدوداً لفترة طويلة لا يعرف سوى تلك الواقعة من غير أن يدرك أنها وفي حالته هذه فإن هذا يعد تخديراً للعقل وتعطيلاً لقدراته التي كبلها وقيدها ذلك الخطاب الذي لا يدرك حجم التحدي في مواجهة متطلبات المستقبل، التي وإن كانت تصر على اتباع هذا النهج، فإنها سوف تبقى أسيرة لغيرها في الكثير من معطيات التنمية مع تفاقم مشاكلها والحل لا يعتمد على التعلق بتجارب هنا وهناك، بل الاعتماد على القدرات الذاتية والتوجه نحو تحريك الجسد واستغلال طاقته بشكل كبير، والصين خير مثال على ذلك.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved