غدا السبت تبدأ الاختبارات، ولا ريب أنَّ هذا منعطف مهم جداً في حياة لا أقول الطلبة والطالبات وحدهم بل في حياة الأسر، وهذه الاختبارات لا تحتاج إلى هذا الكم من التحفز ومن الحذر ومن التعبئة النفسية لأن ذلك يزيد من قلق الطالب والطالبة ويؤثر سلباً على نتائجهم، فخذ مثلاً مِنْ البيوت مَنْ تعلن حالة الاستنفار وكأن أفرادها في ثكنة عسكرية فكل شيء ممنوع، الصحف ممنوعة، والتلفاز ممنوع، والألعاب المسلية ممنوعة، والإنترنت ممنوع، بل حتى الجلوس مع الأسرة ذاتها قد يكون ممنوعاً، فكل شيء للاختبارات ولا شيء غير الاختبارات! جميل أن نحرص على أبنائنا وبناتنا لكن الأجمل أن يكون هذا الحرص موزوناً بالعاطفة المعتدلة لا بالعاصفة المدمرة التي بكل أسف تدمر كل شيء!!، نعم وزن الأمور مهم جداً ولا يمكن إغفال ذلك فإعطاء الطالب والطالبة جميع الجوانب بتوازن ينشئ لنا جيلاً متزناً لا إفراط لديه ولا تفريط، فكم هو جميل لو أننا أشبعنا ما في نفوس أبنائنا وبناتنا من حاجات نفسية وترفيهية وجسدية في فترة الاختبارات مع إعطاء جانب التحصيل العلمي حقه وذلك في اتزان يعكس مستقبلاً الصورة الصحيحة لتعاطيهم مع الظروف التي يمرون بها في مستقبل حياتهم. ومما يقع فيه البعض هو الحرص فقط خلال أيام الاختبارات على توجيه الأبناء والبنات للصلاة في وقتها ويؤكد على البنين أن تكون مع الجماعة مع ربطهم ربطا ًخاطئاً بأن يصلوا لكي ينجحوا، ولكي يتفوقوا!! لذا ترى أيام الاختبارات زيادة في عدد المصلين من الطلاب، وما إن تنقضي الاختبارات إلا وتجدهم قد غابوا مجدداً، وهذا لا ريب من الخطأ الفادح جداً يرتكبه البعض من الآباء والأمهات، فالصلاة ليست في وقت الاختبارات ولا وقت الأزمات بل هي فرض على المسلم والمسلمة طوال عمره وفي جميع حالاته وأحواله. من موسم الاختبارات يجب أن نتعلم كيفية الطرح المتوازن لنربي أبناءنا وبناتنا على الوسطية في التعاطي مع الظروف التي تمر بهم، ونتعلم أيضاً وهو في رأيي الأهم ضرورة ديمومة ربطهم بالله جل وعلا الربط الدائم الذي لا ينقطع بوجود ظرف أو زواله!!
|