Friday 3rd June,200511936العددالجمعة 26 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "أفاق اسلامية"

رياض الفكررياض الفكر
مسلسل الدجالين والمشعوذين.. بلا نهاية
سلمان بن محمد العُمري

لا يكاد يمر يومٌ، إلا وتطالعنا الصحف بنبأ يفيد بأن الهيئة أو الشرطة ألقت القبض على مشعوذ، أو دجّال يمارس السحر والشعوذة، ويستولي على أموال طائلة من ضحاياه، الذين توهموا أنه قادر على تحقيق حاجة لهم، كعلاج مريض من داء أعيا الأطباء، أو تزويج فتاة لا يعرف الخطّاب بابها، أو غيرها من الاحتياجات.
وبالرغم من تكرار حالات سقوط هؤلاء المشعوذين والدجالين والسحرة، إلا أن هذا المسلسل لا ينتهي، وطابور الضحايا لا آخر له، وهو أمر يبدو غريباً، فالإنسان يتعلّم من أخطائه، وأخطاء غيره، لكن هذه الغرابة تنتفي عندما نعرف أن صاحب الحاجة مضطر، فالذي لم يتحقق له الشفاء من مرضه بوساطة الأطباء، لا يتورَّع عن الذهاب لمن يبيع وهم الشفاء، ولو عند ساحر، أو مشعوذ، يدفعه الأمل حتى ولو كان يعرف أنه أمل كاذب، والفتاة التي يتأخر زواجها، تقبل أن تصدِّق أن فلانة قريبتها أو جارتها، قد عملت لها عملاً لتطفيش العرسان.
وهنا تتضح أهمية التوعية بأن اللجوء لهذا الساحر، أو المشعوذ والاعتقاد بأنه قادر على تحقيق الشفاء للمريض، أو تزويج الفتيات أو غيره من الأمور يدخل بالمسلم أو المسلمة في دائرة الشرك، والعياذ بالله، ولا سيما أن كثيراً من هؤلاء الدجالين لا يتورعون عن النطق بكلمات كُفرية، أو يمارسون أعمالاً شاذة من تدنيس القرآن الكريم، واستخدام النجاسات، أو دفع من يلجأ إليهم لممارسة مثل هذه الشركيات.
لكن ثمة أمراً آخر يجب التنبه إليه لمعرفة لماذا لا ينتهي مسلسل المشعوذين هذا؟، وهو أن هؤلاء الدجالين والمشعوذين، لهم ألاعيب وحيل شيطانية، تبدأ من الاتجاه النفسي للمريض، ولا تنتهي بالترويج لمهارة هذا الساحر، أو الدجّال من خلال سرد قصص خيالية لأشخاص نالوا حاجاتهم على يديه، وذلك من خلال أعوان يتولون مهمة اصطياد الضحايا مقابل مبالغ يحصلون عليها مما يحصل عليه الساحر من ضحيته، وكثير من هؤلاء الدجالين، قد يسير خلف قناع زائف، ويدّعي أنه يعالج مرضاه بالقرآن الكريم، ولا يتورّع عن التمتمة ببعض الآيات، أو الأذكار مستفيداً من جهل الكثيرين بالفرق بين الرقية الشرعية وحِيل الدجالين.
والطريف أن كثيراً من هؤلاء المشعوذين يخطىء عندما يقرأ بعض آيات القرآن الكريم، لأنه بالطبع لا يحفظه وإذا سأله الضحية عن الخطأ في القراءة، يدَّعي أن هذه القراءة، هي التي يفهمها الجن الذي تلبّسه، أو أنها القراءة التي تحقق نجاحاً في علاج هذا المريض، أو فك هذا العمل، وهذه مصيبة أخرى أن يعتذر عن الخطأ، ويتعمَّد تحريف القرآن الكريم إرضاء للجن.
إذا كانت سجلات الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحوي حالات كثيرة سقط فيها الضحية ميتاً بعدما أوسعه الدجال ضرباً بدعوى إخراج الجن من جسده، أو نتيجة لممارسات وحشية أخرى مثل الكي بالنار، أو الجلد بالسياط، فإن هذه السجلات تحوي حالات أخرى تعرَّضت فيها الفتيات لمحاولات اعتداء عليهن، إضافة إلى حالات كثيرة تمَّ ابتزازها مالياً، وسرقة حليها ونقودها، قبل أن يفر الدجال هارباً بغنيمته، لكن أطرف ما تحويه هذه السجلات ونشرته الصحف أن مشعوذاً في إحدى الدول العربية مات بالسكتة القلبية عندما كان يعالج مريضاً بالقلب.. وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه (وجحا أولى بلحم ثوره) لماذا لم يُعالج هذا الدجال نفسه؟!
وفي السجون أكثر من مشعوذ يتم علاجهم من داء السكري، بعد أن تمَّ القبض عليهم، وهم يعالجون مرضى السكر، فلماذا لم يعالجوا أنفسهم؟!، ولماذا يذهبون طواعية طلباً لعلاج مرضهم لدى الأطباء المختصين؟
وأذكر أن بعض المقبوض عليهم من هؤلاء الدجالين اعترفوا بأنهم كان يغرون ضحاياهم من خلال ادعاء القدرة على مضاعفة الأموال والثروات عن طريق الجن.. في استغلال للطمع والرغبة في الثراء السريع لدى البعض.. الغريب أن هذا المشعوذ كان يحصل على مبلغ زهيد مقابل مضاعفة ثروات غيره!! ألم يكن من الأولى أن يفعل ذلك لنفسه؟ لكن على ما يبدو أن هذا الجني القادر على مضاعفة الثروات والخاص بهذا المشعوذ لديه مهمة دائمة في بورصة طوكيو أو نيويورك.. حقاً أهل العقول في راحة!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved