* بيروت - إيلاف: تلقى مكتب إيلاف في لندن مساء أمس بياناً بالفاكس من جماعة تطلق على نفسها (المناضلون من أجل وحدة وحرية بلاد الشام) أعلنت فيه مسؤوليتها عن عملية اغتيال الصحافي سمير قصير في بيروت . . وقالت الجماعة في بيانها (لقد نجحنا اليوم في تصفية أحد الأبواق التي ما فتئت تنعق وتنشر سمومها وأكاذيبها ولم يتوقف عن ذلك رغم الإنذارات التي وجهناها إليهم مراراً وتكراراً. وأضاف البيان (لقد كسرنا قلم العميل المأجور سمير قصير وحولنا النهار إلى ليل حالك وهذا سوف يكون مصير كل من تسول له نفسه التعرض لمن قدم ومازال يقدم الغالي والنفيس من أجل العروبة ومن أجل لبنان والقضية الفلسطينية). ويختم البيان بعبارة (عاش التحالف السوري اللبناني الفلسطيني). إلى ذلك علمت (إيلاف) من مصادر مقربة من الإعلامية الشهيرة جيزيل خوري، زوجة سمير قصير التي تطل على فضائية العربية أسبوعياً، إنها وزوجها تلقيا تهديداً بالقتل من قبل جهة استخباراتية قبل عملية الاغتيال التي أودت بحياته صباح أمس. الصحافي اللبناني المعارض سمير قصير عرف كوجه بارز في الصحافة اللبنانية خصوصاً عبر عمله في صحيفة النهار الواسعة الانتشار، ولم يتوان طوال السنين الماضية عن توجيه انتقادات لاذعة إلى النظام السوري. وفي خضم حياته الصحافية والأدبية الحافلة، كتب قصير (45عاماً) كتاباً عن بيروت التي أحبها ورأى فيها رمزاً للحرية بعنوان (قصة بيروت) . . . وقال سليمان شقيق سمير قصير (لقد عاش سمير حياة خطرة وكان يكتب مقالات ضد سورية ولم يكن سليمان يجرؤ على النظر إلى سيارة شقيقه المنفجرة واكتفى بوشوشة كلمة (نعم) عندما عرض أمامه أحد الضباط هاتفاً جوالاً انتشله من جيب سمير سائلاً (هل هذا الهاتف له؟). وبقيت جثة قصير فترة طويلة في السيارة تحت بيته حيث يعيش مع زوجته الإعلامية جيزيل خوري وابنتيه اللتين رزق بهما من زواج سابق. عادل حسن، بائع زهور يملك محلاً تجارياً في أسفل المبنى الذي يقطن فيه قصير، قال (شاهدته يفتح السيارة ويجلس في المقعد إلى جانب السائق فيما كان سائقه يهم بالوصول إلى السيارة ثم . . .) ولم يتمكن من المتابعة. وبعد ذهاب المسؤولين من المكان وإبعاد الفضوليين الذين توافدوا إلى المكان، نقلت الجثة وبدأ المحققون عملهم. وحل سكون كبير في الشارع لم يخترقه إلا بعض زقزقات طيور من الأشجار المحيطة بالطريق. وعام 2000 لاحق الأمن العام اللبناني قصير وكان يرأس هذا الجهاز حينها اللواء جميل السيد الذي استقال منذ شهرين بعد انسحاب القوات السورية من لبنان تحت ضغط مطالبة المعارضة بإقالته مع باقي رؤساء الأجهزة الأمنية وأقدم الأمن العام اللبناني حينها على مصادرة جواز سفر قصير عند وصوله إلى مطار بيروت وقال قصير الذي يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية إن المخابرات السورية اللبنانية كانت تتعقبه بشكل دائم. وأخذ حينها رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي اغتيل في 14 شباط (فبراير) الماضي، قضية قصير على عاتقه وقدم له الحماية. وفي إحدى آخر افتتاحياته نشرت في 27 أيار (مايو) بعنوان (الخطأ بعد الخطأ) ندد قصير ب(استمرار القمع) في سورية منتقداً اعتقال أعضاء منتدى الأتاسي في الرابع والعشرين من أيار (مايو) وهو المنتدى السياسي الوحيد الذي مازال ينشط في سورية، وكتب قصير (إن حكم المتبقي من البعثيين يتصرف في سورية مثلما تصرف في لبنان فيراكم الخطأ بعد الخطأ ( . . ) بإدارة القيمين الحاليين وعلى رأسهم بشار الأسد الرئيس السوري. وقال صديق المغدور به، السينمائي السوري المعارض عمر اميرلاي إن قصير كان مدافعاً كبيراً عن الحريات في العالم العربي ووصف عملية اغتياله بعمل إرهاب دولة، وقال باحث لبناني عمل مع قصير وفضل عدم الكشف عن هويته كان أحد أكثر الرجال شجاعة في انتقاد سلسلة من الممارسات السياسية للطبقتين السياسيتين اللبنانية والسورية، وأضاف أن الذين قتلوه قتلوا رمزاً شبيهاً بما يمثله رفيق الحريري ومروان حمادة النائب الدرزي المعارض الذي نجا من محاولة اغتيال في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي في بيروت. وقصير ذات القامة الممشوقة والوجه المبتسم دائماً والعينين المتقدتين واللحية الرمادية، تعاون لفترة طويلة أيضاً مع صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية الشهرية التحليلية. كما عمل قصير أيضاً باحثاً في المركز الفرنسي للدراسات والأبحاث في الشرق الأوسط حيث نشر أطروحة دكتوراه حول الحرب اللبنانية. ويملك قصير دار نشر تحمل اسم (دار الليالي) وله مؤلفات عدة بينها كتاب مرجعي نشره دار (فايار) الفرنسي عام 2003 بعنوان (تاريخ بيروت) كما قدم هذا الكتاب أيضاً في السنة نفسها في معرض الكتاب والفركوفونية أما إصداره الأخير فهو كتاب بالفرنسية نشره عام 2004م بعنوان (تطلعات إلى المأساة العربية). وكان قصير عضواً في حركة اليسار الديمقراطي اللبنانية المعارضة كما كان يدرس العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت. لقصير ابنتان رزق بهما من زواج أول قبل أن يتزوج مرة أخرى من الإعلامية اللبنانية جيزيل خوري التي تعمل حالياً لدى شبكة (العربية) التلفزيونية الفضائية ونشر قصير سلسلة من المقالات التي تناول فيها النظام العسكري البوليسي الذي أنشأته سورية في لبنان أما أحد أكثر مقالاته حدة فنشره تحت عنوان (العسكر ضد الشعب).
|