Friday 3rd June,200511936العددالجمعة 26 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

لماذا اعتبر القضاء خودوركوفسكي مجرماً واعتبرته المعارضة (مناضلاً من أجل قضية)؟!لماذا اعتبر القضاء خودوركوفسكي مجرماً واعتبرته المعارضة (مناضلاً من أجل قضية)؟!

* موسكو - سعيد طانيوس:
تمنى وزير المالية الروسي، الكسي كودرين، أول أمس أن لا تثار في البلاد قضية ثانية مشابهة لقضية شركة (يوكوس) النفطية العملاقة التي أصدر القضاء الروسي يوم الثلاثاء حكما بالسجن لمدة 9 أعوام على رئيسها السابق الميلياردير اليهودي، ميخائيل خودوركوفسكي، وشريكه بلاتون ليبيديف.
ويبدو أن ممثلي الاتهام في النيابة العامة الروسية وحدهم كانوا ينتظرون صدور مثل هذا الحكم الصارم، ولهذا عاجلوا فورا إلى وصف قرار محكمة منطقة ميشانسكي بموسكو بأنه (عادل وموضوعي).
ومن السابق لأوانه توقع ما ستتركه أشهر محاكمة روسية في الأعوام الأخيرة من آثار على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد, لأن النظر في قضية (يوكوس) لم يختتم بعد من الناحية الشكلية، إذ سيتم عاجلا استئناف الحكم الذي لا يوافق عليه المتهمان بشكل قاطع، لدى المراجع القضائية العليا، وربما في المحاكم الدولية.
كما أن النيابة العامة تعد في الوقت نفسه اتهامات جديدة ضد خودوركوفسكي وليبيديف تتعلق حسب قول النائب العام ناتاليا فيشنياكوفا (بتبييض الأموال المستحصلة بصورة إجرامية) بمبالغ كبيرة. ويحتمل تماما أن تستمر المرافعات القضائية الجديدة عدة أشهر إن لم تكن عدة أعوام. لكن التأويل السياسي للحكم يثير اليوم اهتماما أكبر من الشكليات الحقوقية.
ويصف قسم كبير من الخبراء الروس هذا الحكم بأنه يشكل نصرا على رجال الاوليغارشية الذين نشؤوا وسمنوا كثيرا أثناء عهد الرئيس السابق بوريس يلتسين, ويقولون إن هذه المحاكمة أصابت عصفورين بحجر واحد. إذ تخلى رجال البيزنس الروسي الكبير عن ممارسة الضغوط على الدولة وعلى سياستها الاجتماعية والعامة، كما جرى في أعوام التسعينيات. وثانيا، لقد بدأت الشركات الكبرى ولا سيما شركات النفط الروسية بتسديد الضرائب المستحقة عليها, وزاد في أثناء النظر في قضية (يوكوس) تسديد الضرائب بمقدار 2 - 3 أضعاف عما كان عليه قبل القبض على خودوركوفسكي وشركائه.
وعلى الرغم من الصرخات الليبرالية والعالمية التي تخوفت من تراجع الاستثمارات في روسيا نتيجة محاكمة خوكوركوفسكي وشركائه، فان الاستثمارات الأجنبية واصلت تدفقها بنفس الوتيرة إلى روسيا، لان هذه الاستثمارات تتوجه ليس نحو (قضية خودوركوفسكي) بل نحو كسب الأرباح وجني الأموال السريع, فمثلا، في سوق الأوراق المالية الروسية (نسبة قيمة الأسهم إلى الأرباح) من أعلى الأرباح في العالم. والثاني، يرتبط بمناخ العمل العام في البلاد.
ويتحسس البيزنس الكبير في روسيا كالسابق بأن أوضاعه بخير - فحين كان خودوركوفسكي رهن الاعتقال ازداد عدد أصحاب المليارات في روسيا من 15 إلى 27، إن ما يريده الكرملين الآن هو إيقاف التسييس النشيط ل(قضية يوكوس). وهو يركز على تحويل هذه القضية من حدث سياسي مثير يهم العالم بأسره إلى مجرد قضية جنائية صارخة تتعلق بخروقات كبيرة في مجال الاقتصاد بروسيا. لكن لا مجال للتعويل على أن يتم هذا قريبا. إذ تستغل المعارضة اليمينية في روسيا (قضية يوكوس) بنشاط، فاتحاد القوى اليمينية الليبرالي يعتقد مثلا، أن الخروقات في مجال الضرائب والخصخصة التي عوقب خودوركوفسكي وليبيديف، بسببهما قد ارتكبها عشرات ومئات الآلاف من أرباب الأعمال في البلاد بأسرها، ولهذا فإنهم لا يمكن أن يشعروا بالأمان بعد صدور الحكم على خودوركوفسكي.
ويعتقد الباحث السياسي الروسي فلاديمير غوليشيف بأنه ظهرت لدى المعارضة الروسية الآن بعد أن ضعفت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة (أيقونة) تتمثل بشخص خودوركوفسكي الذي تحول بلا إرادته إلى راية ترفعها المعارضة، وستتوجه بها إلى انتخابات الرئاسة في عام 2008م. بيد أن القضية الرئيسية تكمن في مدى حاجة خودوركوفسكي إلى ذلك وانتفاعه به. لقد كان الخط الرئيسي لأرباب الأعمال الروس الكبار على مدى فترة طويلة هو توجيه اتهامات سياسية مقابلة إلى السلطة. علما أنهم تعرضوا في الأعوام الأخيرة إلى الملاحقات الجنائية بسبب ما ارتكبوه من جرائم اقتصادية. وعلى سبيل المثال حاول ذلك اثنان من أقطاب الإعلام هما المتمولان اليهوديان فلاديمير جوسينسكي وبوريس بيريزوفسكي في مطلع عام 2000م. لكنهما قوبلا باتهامات من جانب النيابة العامة. بيد أنهما لم يجازفا بالسير في هذا الطريق حتى النهاية وممارسة دور (المناضلين من أجل قضية) وآثرا الفرار من البلاد إلى الغرب وإلى اسرائيل. أما تسييس القضية الجنائية لخودوركوفسكي فإنه كما أصبح جليا للعيان الآن قد جلب أكبر الضرر إليه ولم يساعده.
ومن العسير أن يصبو المرء إلى أن يصبح زعيم الليبراليين في البلاد بعد أن أدانته المحكمة بارتكاب جرائم موصوفة وممارسة الاحتيال واختلاس الأموال العامة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved