وجدتها تسير في صحراء واسعة بخطا يبدو عليها التعب وبعد لحظات جلست على صخرة كبيرة تتوسط كثباناً رملية تعكس وقت غروب الشمس.. سألتها: ما بك يا عزيزتي؟ نظرت إليَّ بنظرات تسترجع فيها الماضي.. وتسترجع حياة الطفولة ثم ابتسمت بسمة العناء وهي تقول: عندما كان عمري اثني عشر ربيعاً.. وضعت دفتراً خاصاً يحتضن أحلاماً وتطلعات متجددة ومع مرور السنين.. كبرت وأصبحت فتاة تريد تحقيق أحلامها التي كتبتها بألوان جميلة تحمل سمة النجاح ومعنى التفاؤل، ولكن ها أنا ذي اليوم لا أدري كيف أبدأ ولا أدري ما العمل.. فانهمرت الدموع من عينيها وهي تلتمس حبات الرمل المتناثرة التي تملأ المكان. أشعر بالوحدة ولكن لست وحيدة. أشعر وكأني أسير في طريق نقطة بداية أمل ونهايته مجهولة.. هكذا توضيحي للفراغ.. وعندما أتذكر أحلامي ووضع حياتي من قبل أشعر بالعجز فأصاب بالحزن ثم رفعت رأسها إلى السماء وقالت بصوت منخفض اتضح عليه القلق:(يا حي يا قيوم إن حياتي اخترقها الفراغ والملل فاحفظي من منزلق الضياع). فوضعت يديها على وجهها وقالت وهي في حالة غضب: لا فائدة لوجودي.. لا فائدة لوجودي. هدأتها وقلت لها: خبريني عن حياتك العلمية. فأمسكت بيدي وقالت كفى فلقد أضلني اليأس بضلاله. قلت لها: عزيزتي.. لا تقولي هكذا إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ووهبه العقل ليفكر ويميز بين الخطأ والصواب.. فلماذا الخوف من الضياع والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يتيم الأب والأم وعمه أبو طالب ومع ذلك كله حافظ على حياته واستقامته فكان أفضل وأنجح إنسان فجعله البشر قدوة لهم. وأما ما تعانين منه ربما نتيجة لعدم استحداثك نظام حياتك.. فأنت إنسانة لديك مواهب جمة، ولديك ثقة وإيمان بالله، وتمتلكين شعوراً جميلاً بمن حولك، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ). فعاودي استغلال وقت فراغك بما يعود عليك بالنفع.. فقد قال الشاعر:
إذا كنت ترجو كبار الأمور فأعدد لها همةً أكبرا |
قالت والبسمة تعلو محياها.. لقد أشرقت شمس حياتي من جديد.
|