* حوار - فهد الغريري - الجزء الأول : (شايع النفيسة يسجل هدفا نفيسا جداً) استرجعت هذه الجملة بصوت قائلها المعلق الرياضي علي داوود بينما كنت أقود سيارتي على طريق (الرياض - الخرج) حيث كان لي موعد مع ذاك الذي سجل تلك الأهداف النفيسة بعد ما يربو على اثنين وعشرين عاما من تسجيله إياها ومساهمته في تحقيق أهداف المنتخب السعودي واهداف ملايين المواطنين السعوديين الذين فاقت فرحتهم وقتها حجم الصين وكوريا مجتمعين وعدد سكانهما، وتجاوزت عدد الأميال بين بكين وسوول.. وبين الرياض. ترددت هذه الجملة عندما سجل شايع هدفه أمام كوريا وأعادها مرة أخرى عندما أطلق النفيسة كرة صاروخية (نفيسة) لا تصد ولا ترد مخترقا بها سور الصين العظيم. عندما اعطاني ضيفي الموافقة في مكالمة هاتفية امتلأت فرحاً، فرحتي لم تكن فرحة (صحفي) سيجير حواراً مع نجم كان يرفض الظهور الإعلامي حتى قبل اعتزاله، بل كانت فرحة (قارئ) سيقرأ حكاية جميلة عن لاعب جميل من جيل جميل حقق لبلاده إنجازات لن ينساها التاريخ، عندما قلت لضيفي هذا الكلام في الهاتف تمتم بكلمات استطعت ان أميز من بينها (الله يسلمك.. الله يسلمك) ولا عجب.. فطالما اشتهر شايع النفيسة بالخجل. كيف اسهم هذا اللاعب الخجول في صعود (الكوكب) نادي مدينته الصغيرة (الخرج) إلى دوري الأبطال وتحقيقه افضل النتائج والإنجازات؟ وكيف شارك بفعالية في تحقيق المنتخب كأس آسيا لأول مرة في تاريخه؟ ما حكاية الأهداف الخمسة التي نقلته من (الكوكب) إلى المنتخب؟ وما قصة هدفه الشهير في الصين؟ هل كان تسجيله الهدف رداً على الجهاز الفني الذي أبقاه في دكة الاحتياط طويلاً؟ وماذا قال والده الثمانيني عن امتلاء شارع (النفيسة) في الخرج بالمشجعين والمهنئين في تلك الليلة من عام 1984م؟ ما أسرار فوز (الكوكب) على النصر بالاربعة في لقاء جمع نجوم المنتخب: ماجد عبد الله وفهد الهريفي ومحيسن الجمعان ويوسف خميس في النصر يقابلهم: شايع النفيسة في (الكوكب)؟ واخيراً.. السؤال الأهم والأكثر إثارة: ماذا يشجع هذا اللاعب الذي اختلف في ميوله حتى اقرب الناس إليه؟! الكثير من الحكايات عن ذاك الزمن الجميل ستجدونها في ثنايا السطور القادمة فإلى التفاصيل: * أين بدأ شايع النفيسة مزاولة الكرة؟ - بدأت في المدرسة التي كانت آنذاك رافدا قويا للأندية وكان هناك دوري مدارس قوي جداً حيث تأتي الأندية وتكتشف اللاعبين فيها أما الآن فلم نعد نسمع عن هذا الدوري. * متى اكتشفك نادي الكوكب؟ - بدأت في النادي من درجة الناشئين.. وكنت في المرحلة الابتدائية حينها. * وكم احتجت للوصول للفريق الأول؟ - لم استغرق وقتاً يذكر, لعبت أول سنة في الناشئين وفي السنة التي تليها في الشباب الناشئين, والتي تليها في الناشئين والشباب والأول.. وكنت ألعب في الأسبوع ثلاث مباريات حتى اني لم أكن أتمرن فقد كنت ألعب في الناشئين وفي وسط الأسبوع في الشباب وفي آخر الأسبوع مع الفريق الأول، وأحياناً كان يتم منعي من اللعب كي أرتاح وأكون مستعداً لمباراة أخرى أكثر أهمية. * كيف كانت رحلتك بالتوازي مع رحلة الكوكب بين الدرجات؟ - كان الكوكب في الدرجة الثانية وبعد انضمام بسنة صعدنا للدرجة الأولى وكنا نلعب سبعة لاعبين في فريق الشباب والأول وكان منهم في الحراسة عبد الله المطلق, بالإضافة إلى مبارك العقيلي وعبد الله المقرن وعبد الله العبيد وخالد الجاسر وعبد الرحمن الغملاس وغيرهم. * لماذا لم يصل أحدهم للمنتخب مثلما فعلت أنت؟ - حقيقة كانوا لاعبين جيدين وأسهموا في انتصارات الفريق لكنهم لم ينالوا التوفيق في الانضمام للمنتخب.. أما انا فخدمني الحظ!! * وكيف كان هذا الحظ؟ - حظي أني اتيت في فترة كانت إدارة المنتخب تقوم خلالها بجولات على مناطق المملكة وإذا سمعوا مثلاً أنه في مباراة بين الكوكب والشعلة مثلاً في الخرج يأتون ويقيِّمون مستوى اللاعبين في المباراة. (جيمي هل) كان لها دور كبير * ما هي قصة اكتشافهم لك؟ - اتت الشركة المسؤولة (جيمي هيل) للخرج في وقت كانت فيه مباراة بين الكوكب والشرق في درجة الشباب، وقد توفقت في هذه المباراة التي انتهت لصالحنا بخمسة لصفر سجلتها جميعا، بعدها قرروا ضمي للأخضر. * هل كنت تعرف بقدومهم لتلك المباراة وهذا ما دفعك للبحث عن تسجيل هذا العدد من الأهداف؟ - كنت أعلم بقدومهم لكن تسجيل الأهداف بالتوفيق، وبدون تعاون زملائي لم اكن استطيع فعل ذلك، واعتقد أنني كنت اقل واحد في الملعب من حيث الحركة. جمهوري الكوكب أكثر * دعنا نفتح ملف كرة القدم في الخرج، ونبدأ بسؤال عن رؤيتك لمن أكثر شعبية في الخرج الكوكب أم الشعلة وأنت الآن خارج إطار الانتماء الفعلي لفريقك؟ - الحقيقة الكوكب يقولون إنهم اكثر والشعلة كذلك، أنا لعبت في نادي الكوكب ورأيت الجمهور ولكن المشكلة اني لم أحضر للشعلة مباريات وبالتالي لا أستطيع الحكم. * وفي زمنك من كان الأكثر؟ - في رأيي ورأي الكثيرين غيري أن جمهور الكوكب أكثر، وذلك لأنه حقق انجازات سابقة ولعب في الممتاز والدرجة الأولى، لكن بعد ما تركت الكرة وصعد الشعلة للدرجة الأولى ثم الممتاز ربما عاد له جمهوره فبعض الجمهور لا يأتي للتشجيع لأن موقع النادي ومستواه لا يحفزانهم لذلك. * على ذكر المستوى، ما هي أسباب تراجع مستوى الكوكب بهذا الشكل؟ - عدم وجود القاعدة، اغلب الأندية تهبط لعدم وجود القاعدة تسند الفريق فاللاعبون الذين يستمرون سنوات طويلة ويكونون فريقا جيدا يأتيهم وقت يكبرون في السن وتبدأ الاعتزالات، ولعدم وجود قاعدة تساند الفريق هنا يحدث الهبوط وهذا ما حصل في الكوكب. * لماذا لم يلجأ لاحتضان مواهب الأندية الصغيرة في الخرج كما تفعل أندية أخرى؟ - المادة لها دور في ذلك.. فلو كان اللاعب يطمح في عشرين ألفاً فالأندية الكبيرة تستطيع دفع اضعافها والكوكب لا يستطيع أن يدفع نصف هذا المبلغ.. حتى العشرين ألفا صعبة!! * هل تمنيت أنك لعبت في عصر الاحتراف؟ - نعم تمنيت ذلك، ولكن الإنسان يقول الخيرة فيما اختاره الله. رفضت النصر والهلال * نادي النصر كان هو (الأب الروحي) للكوكب، وسبق ان عرض عليك الانضمام إليه، بل إن عبد الرحمن بن سعود رحمه الله حضر إليك في الخرج، ألم تفكر في الانتقال؟ - نعم حضر ابوخالد رحمه الله إلى المنزل ولكني لم أره فقد كنت في معسكر النادي وعندما عدت أخبرني والدي واخواني، وحقيقة أني في تلك الفترة كنت متردداً هل ابقى في الكوكب ام انتقل. والسبب في نظري يعود إلى ان اي لاعب طموحه الوصول للمنتخب وانا وصلت له مع وجودي في الكوكب وهذا لا يعني ان الهلال والنصر لا يعتبران ناديين كبيرين ولهما قيمتهما، لكن من الممكن أنني لو لم أصل للمنتخب لفكرت في الانتقال جدياً. * وماذا عن عرض الهلال؟ - عرض علي الهلال الانتقال فيما بعد وأيضاً كنت متردداً واستغربت على عدم الانتقال كنت أحب الكوكب وهو النادي الذي أبرزني ولو تركته لن يكون هناك فرق بين الأندية. * هل عدم وجود المغريات بما انه لم يكن قد طبق الاحتراف هي أحد الأسباب؟ - غير ذلك.. أنا أرتاح في الخرج أكثر رغم وجودي في الرياض فترات طويلة أثناء الدراسة، ولم تكن لدي رغبة حقيقية في الانتقال في ذلك الوقت. أربعة في مرمى النصر * نعود للكوكب، ومباراة قد تعد هي الأقوى في تاريخه حيث فاز على النصر بأربعة أهداف كان نصيبك منها هدفين, وجاءت هذه النتيجة الكبيرة رغم ان النصر كان بكامل نجومه وبقيادة المدرب العالمي زاجالو، حدثنا عن هذه المباراة؟ - كان هناك مباراة بيننا في ملعب المصانع الحربية وفاز النصر بثلاثة أهداف مقابل اثنين للكوكب ولم أشارك فيها لا انا ولا نجوم النصر لأننا كنا في المنتخب، وتستطيع ان تقول ان نادي الكوكب أحس بالظلم في هذه المباراة فأراد التعويض من خلال المباراة الثانية وخاصة أنه صار هناك نوع من التحدي والإثارة من خلال الصحف قبل المباراة وبالتأكيد ان فريقا مثل النصر بكل نجومه يعتبر من الوزن الثقيل ولكننا لعبنا بتكتيك كان الكوكب يجيده وهو الاعتماد على الهجمات المرتدة بطريقة احترافية وذلك كان يعود إلى التفاهم بين أفراد الفريق حيث كنا مجموعة واحدة تدرجنا من الأشبال حتى وصلنا الفريق الأول، وفعلاً استطعنا تسجيل الهدف الأول وهنا اندفع النصر ففتح خطوطه الخلفية لنا وسجلنا الهدف الثاني قبل نهاية الشوط الأول. في الشوط الثاني نزل النصر الى الملعب مندفعاً بحثا عن تعديل النتيجة ولم يكن يفعل ذلك إلا بالضغط على مرمى فريقنا فاستغللنا اندفاعه واستطعت تسجيل الهدفين الثالث والرابع بتوفيق من الله. * هل كان هناك مباراة أخرى داخل الملعب بينك وبين لاعبي النصر بحكم كونكم في المنتخب ذاك الوقت؟ - لا حقيقة هذه لم تكن موجودة، كانت علاقتي جيدة بلاعبي النصر وكان بيننا احترام وتقدير متبادلان. * وما قصة انضمام بعض لاعبي فريق السباحة بنادي الكوكب الى نادي النصر قبل اعلان الكوكب كناد رسمي؟ - نعم هي قصة حقيقية وقد كان من بينهم أخي يوسف وسعود الرباح وعبد الله الحمود وآخرون لا أذكرهم وكانوا مسجلين في نادي النصر وشاركوا معه في مسابقة سباحة هنا في الخرج وفازوا بالبطولة امام اندية الخرج وكان هناك اتفاقية انه إذا تم اعلان تسجيل الكوكب رسمياً ينتقلون له مباشرة. * كان هناك تدرج في إصابتك التي ابعدتك عن الملاعب، كيف تمت الإصابة ومتى قررت الاعتزال؟ - بدأت الإصابة في القصيم أمام الرائد وكانت المباراة هي التي تحدد صعود الكوكب للممتاز، وفي الحقيقة احسست في إحدى اللعبات بانزلاق في الركبة لكني لم اتوقع انها خطرة فواصلت اللعب في الشوط الثاني وفي احدى اللحظات كنت أنوي الالتفاف فعلقت قدمي بالأنجيلة الصناعية، وهنا حصل التفاف في القدم فحدث عندي قطع في الرباط الخارجي والغضروف وخرجت من الملعب. وعملت عملية جراحية وعدت للملاعب من جديد من خلال مباراة في حائل أظنها كانت ضد الجبلين وحصل معي اصابة في الركبة. وعملت عملية أخرى في ألمانيا ثم عملية أخرى تنظيف للركبة، وبعد ذلك احسست ان الركبة لن تساعدني على الاستمرار في اللعب. * كم رئيس ناد مروا على الكوكب اثناء وجودك؟ - كثير! أول رئيس كان راشد الشلوان واستمر فترة طويلة أكثر من عشر سنوات، ثم جاء آخرون أذكر منهم فريد مدني والمقرن والفريدان والفواز. * كيف كان سقف المكافآت؟ وكم كانت أول مكافأة اخذتها وماذا فعلت بها؟ - لم تكن تذكر، أول مكافأة أخذتها كانت 300 ريال عندما كنت في الناشئين وحققنا بطولة الخرج وقد اعطيتها الوالد. * وكم أكبر مكافأة أخذتها؟ - لا أذكر حقيقة، ولم نكن نهتم بل أننا كنا ندفع للنادي أحيانا، وأذكر في إحدى المرات أننا (تقاطينا) نحن اللاعبين والإداريين والجمهور، وخلال يومين فقط جمعنا مبلغاً كبيراً واشترينا حافلة خاصة للنادي. * ما أغلى هدية وصلت إليك وهل قيمتها مادية أو معنوية؟ - أغلى هدية ماديا ومعنويا كانت عبارة عن مبلغ مالي اتاني من شخصية احترمها واقدرها واعتذر عن ذكرها. * بما اننا وصلنا الى نهاية مشوارك مع الكرة ونادي الكوكب، متى قررت الاعتزال؟ وماذا حصل لحفل اعتزالك؟ - لا أذكر بشكل دقيق متى تركت الكرة ولكنها بين 1409 و 1410هـ، وحقيقة أنا ليس لدي رغبة في عمل حفل اعتزال، النادي عرض علي ذلك ولكني رفضت، فالكوكب ناد (على قد حاله) وحفل الاعتزال يحتاج إلى مبالغ. ذكريات المنتخب * من كان أقرب لاعب لك في المنتخب؟ - كلهم كان بيني وبينهم تقدير واحترام لكن أكثرهم كان صالح خليفة وعبد الله الدعيع ربما لأني سكنت مع الاثنين في فترات متفاوتة، بالإضافة الى ان عبد الله الدعيع مثلا ان قد أتى من حائل كمدينة صغيرة وانا من الخرج فارتحنا لبعض ثم اتى صالح خليفة وسكنت معه واصبحنا نحن الثلاثي قريبين جداً حتى أننا لازالنا نهاتف بعضنا بين الحين والآخر. * هل حدث بينك وبين عبدالله الدعيع مواقف طريفة؟ - والله في البداية كان هناك بعض الكلمات التي لا أفهمها بحكم اختلاف اللهجات (!!) ولكني لم اكن اسكت بل اوقف عبد الله مباشرة ليشرح لي، وأكثر كلمة أعجبتني هي (يابعد حيي) فوقعها جميل جداً على الأذن باللهجة الحايلية. * ومن تذكر من لاعبي المنتخب كان يحسسك بالمرح والضحك؟ - ربما فهد المصيبيح كنت أرتاح لوجوده كثيراً فهو مرح ونفسيته طيبة وحاضر النكتة دائماً.. يوسف الثنيان ايضا وان لم اكن قد رافقته طويلاً ولكنه كان كثير الحركة فلم يكن يستقر في مكان واحد أبداً. هدف الصين العظيم * نأتي لهدفك الشهير في مرمى الصين على نهائي كأس آسيا، هل كان ذلك الهدف رداً على الجهاز الفني الذي لم يسمح لك باللعب أساسياً طوال البطولة؟ - انا عرفت اني سألعب مع الصين قبلها بيوم وكنت قد لعبت قبلها مع ايران على شوط واحد، صحيح انه اي لاعب يتمنى ان يكون اساسيا ولكن إذا لم يحدث ذلك فإنك ستتمنى لزميلك الذي حل محلك التوفيق وعليك ان تكون مستعداً دائماً. * يعني لم تكن تفكر في التسجيل؟ - كان لدي احساس، عندما عرفت اني سألعب قلت لعبد الله الدعيع الذي كان زميلي في الغرفة: غدا سوف أسجل هدفا فقال لي: كيف؟ قلت له لا اعرف هذا إحساسي، وفعلا وفقني الله وأستطعت التسجيل.
|