ثمن الخروج من غزة

يضيع جهدٌ فلسطينيٌّ هائلٌ من أجل التسوية بسبب المماطلات الإسرائيلية، ومع ذلك تظل إسرائيل مبرأةً من كل مسؤولية بينما يتحمل الفلسطينيون نتائج إخفاق جهود السلام، وتتم مطالبتهم من قبل الدول الكبرى بل تهديدهم إذا هم لم يواكبوا ما يُسمى النزوع الإسرائيلي نحو السلام.
وقد حولت إسرائيل انسحابها المزعوم من غزة إلى معول تستعين به لضرب الصف الفلسطيني، فهي تطالب قبل هذا الانسحاب بضمانات أمنية تتمحور حول منع فصيل معين من الاستئثار بغزة حال الخروج منها، وهي في هذا تمارس ضغوطاً شتى على السلطة لقمع الفصائل الأخرى، خصوصاً في ظل ظهور نتائج الانتخابات البلدية التي عكست تقدماً كبيراً لحماس ومن ثم فقد ارتفعت مخاوف إسرائيلية من أن حماس قد تضع يدها على كامل غزة بعد الانسحاب، وهو أمر لا يتفق ومنطق الأشياء إذ إن حماس كغيرها من الفصائل الفلسطينية الأخرى تخضع لسلطة السلطة الفلسطينية.
ومن الواضح أن إسرائيل تستغل ظرفاً دولياً يضع حماس ومنظمات أخرى في قائمة المتهمين بالإرهاب، ومن ثم فهي تغذي هذه المزاعم لتستجلب تحريضاً دولياً على حماس لكي تمارس السلطة ضغوطاً عليها، الأمر الذي يفضي في نهاية المطاف إلى مواجهة فلسطينية لا يعرف كيف يمكن لها أن تنتهي مع تغذية مستمرة لصراع من هذا النوع من قبل إسرائيل وأدواتها المندسة في الوسط الفلسطيني.
وسيكون من المهم أن يحافظ الفلسطينيون المدركون لأبعاد هذه اللعبة، على رباطة جأشهم فقد نجحوا كثيراً في تجاوز هذه التآمرات الإسرائيلية، ويتعين في الظرف الراهن طي ملف الخلاف على نتيجة الانتخابات في رفح بالتي هي أحسن حيث تحتج حماس من خلال تظاهرات حاشدة على أمر قضائي بإعادة الانتخابات البلدية في عدة دوائر برفح.
إن المكسب الانتخابي الذي يتحقق لهذا الفصيل أو ذاك لا يقارن بالفائدة التي تعمّ كامل الصف الفلسطيني التي يمكن أن تتحقق من خلال التوافق بين الفصائل المتنافسة في الانتخابات، فسلامة الصف الفلسطيني بكامله أهم من مجرد مكاسب هنا وهناك، إذ إن التضامن ونبذ الخلافات يصبانِ في صالح تحقيق الأهداف الإستراتيجية العليا.