Wednesday 25th May,200511927العددالاربعاء 17 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

المخاطر النووية .. في أيادٍ إيرانيةالمخاطر النووية .. في أيادٍ إيرانية
عبدالله بشارة

في صباح يوم السبت الماضي حملت الأنباء تحذيراً أمريكياً من الوزيرة كونداليزا رايس إلى إيران بالكف عن الاضطلاع بدور المزعزع لاستقرار المنطقة، ويتزامن هذا التحذير مع النقد الموجه إلى النظام الإيراني الصادرعن رجل الدين المعارض حسين علي منتظري، الذي اتهم المرشد العام للثورة الزعيم علي خامنئي بتفريغ الثورة، مع عدم إعطاء أهمية للانتخابات التي ستتم في 27 يونيو القادم لاختيار رئيس جديد للجمهورية.
في يوم الثلاثاء 24 الجاري ومع صدور هذا المقال وفي مدينة باريس - يلتقي السيد روحاني المفوض الإيراني لملف الطاقة النووية مع وزراء خارجية كل من بريطانيا، ألمانيا، وفرنسا في جولة أخيرة للاتفاق على أسس تنظيم البرنامج النووي الإيراني، مع مؤشرات عن مقترحات إيرانية كحل وسط تقضي بأن تقوم روسيا بالتخصيب النهائي لليورانيوم بعد معالجته في إيران، وجاءت ردة الفعل الأوروبية بأن هذه المقترحات لا تحل المشكلة وتهدف إلى تهدئة المواقف مع استمرار طموحات إيران للحصول على السلاح النووي، لأن إيران ستقوم بعملية التخصيب بنفسها، ولن توقفه نهائيا.
وتقول الولايات المتحدة بأن لديها التزامات واضحة مع حلفائها برفض طموحات إيران النووية والسعي إلى عقاب إذا ما انتهكت إيران اتفاق نوفمبر 2004م الذي يقضي بتعليق الأنشطة النووية.
نستذكر بأن إيران وقعت على اتفاية عدم نشر الأسلحة النووية لكنها مارست برنامجا سريا لسنوات طويلة، تم اكتشافه بعد ضغوط من وكالة الطاقة النووية.
وفي هذا الجو المتوتر يقول السيد حسين موسوي عضو مجلس الأمن القومي الإيراني، بأن إيران لن توقف التخصيب وإنما مستعدة لإعطاء ضمانات بعدم تحويل التخصيب إلى أسلحة نووية.
ويضيف السيد حسين موسوي بأن إيران تريد إغراءات والحصول على حوافز ممثلة في الحصول على عشرة مفاعلات نووية من الاتحاد الأوروبي للاستعمال السلمي.
- في ندوة نظمتها جامعة الكويت، حول العلاقات الكويتية - الإيرانية، يشير السفير الإيراني إلى أهمية تأكيدات إيران في تبني نهج سلمي، وأنه يرى بأنه لا توجد مبررات للخوف من تملك إيران السلاح النووي.
- جاء في دراسة أعدها مركز تعليم سياسة عدم الانتشار النووي الممول من وزارة الدفاع الأمريكية حول التسلح النووي الإيراني بأنه لا يفصل بين إيران وحيازة القنبلة النووية سوى مدة لا تزيد عن 12 - 48 شهرا، وليس هناك عائق فني يحول دون إنتاجها، وهي عازمة تماما على أن تسلك هذا المسلك.
وحول هذا الموضوع المثير والخطر، نبدي الملاحظات التالية:
أولاً: ليس هناك شك بأن إيران تتوجه إلى الحصول على السلاح النووي بأي ثمن، ولن تتوقف مهما كانت الضغوط، ومهما كانت التصريحات التي يطلقها المسؤولون في طهران عن الأغراض السلمية، فلن يصدق أحد في هذا العالم هذه التصريحات، ولا أعتقد أننا في مجلس التعاون نستطيع الاسترخاء في متابعة البرنامج اعتمادا على هذه التصريحات.
وأنا شخصيا من الداعين إلى وضع البرنامج النووي الإيراني على جدول أعمال القمة الاستشارية للمجلس الأعلى التي ستبدا أعمالها في الرياض في يوم 28 الجاري، واستغرب حالاة اللامبالاة التي تتسيد المنطقة أمام المواجهة التي تتصاعد بين الأسرة العالمية وإيران.
ومن أكبر المتضررين من البرنامج النووي الإيراني هو مجلس التعاون، الذي بذل جهودا مضنية منذ قيامه للمحافظة على توازن القوى وعلى الميزان الاستراتيجي في المنطقة دون خلل.
ولا يمكن في هذه الظروف الاطمئنان للنوايا والتصريحات، لأن السلاح النووي - الذي سيكون في متناول قوى ثورية راديكالية - سيفجر نزعة الهيمنة والتسلط. ولذا فإن واجب مجلس التعاون دعم المساعي الأوروبية للحصول على اتفاق يلزم إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، وأن يتم تجسيد الموقف الخليجي الموحد بشكل حازم وواضح عبر تحرك دبلوماسي مؤثر، ولا يمكن الركون إلى محتوى البيانات الإيرانية دون التزام موثق صادر عن اتفاق بين إيران ووكالة الطاقة النووية.
ثانياً: تميل المؤشرات إلى فشل المفاوضات الإيرانية مع الاتحاد الأوروبي، مع نقل الوضع بكل تعقيداته إلى مجلس الأمن للمناقشة ولاتخاذ التدابير التي ستواجه إيران، وحصيلتها النهائية فترة سماح تعطى لإيران لإنهاء برنامجها أو مواجهة مع الأمم المتحدة تنتهي بعقوبات صارمة، بما فيها حصار بحري وجوي وبري، مع ما ستفرزه هذه الخطوات من توتر حاد في المنطقة.
ويمكن استذكار الهجوم الإسرائيلي المباغت على المفاعل النووي العراقي في عام 1981م، واحتمالات إعادة تكرار السيناريو الرهيب، بشكل أكثر فعالية تساهم فيه الولايات المتحدة بواسطة توفير المعلومات الضرورية عن المواقع الإيرانية.
ويمكن لنا التفكير في نتائج مثل هذا السيناريو الذي سيطلق فوضى الإرهاب والاضطراب في هذه المنطقة الاستراتيجية، مع استعادة قوى الإرهاب المبادرة في مواجهة مؤسسات الحكم والأنظمة.
ثالثاً: واضح أن البرنامج النووي الإيراني تحول إلى مشروع قومي تدعمه جميع الأحزاب والتجمعات داخل إيران وكل القوى السياسية والدينية، وأصبح رمزا لاستقلال القرار الإيراني واعتزازا بالكرامة الوطنية الإيرانية.
وأخطر من ذلك التصور الإيراني السائد بأن الرادع النووي الإيراني هو الضمانة المؤكدة لاستمرار إيران الثورة والنظام السائد فيها، وهو الآلية المؤمنة للحفاظ على الأمن الوطني والسيادة والحرية.
منذ سنوات نظمت جامعة الكويت ندوة عن العلاقات الإيرانية - الكويتية، واستمعت خلالها إلى حالة الهلع الإيراني (البرانويا) من احتمالات ضرب النظام المحاط بستة دول نووية (روسيا، الصين، الهند، باكستان، إسرائيل، الأسطول الأمريكي)، مع الإشارة إلى أن الملجأ الوحيد لإيران هو الردع النووي.
وأخطر ما قد تفرزه حالة الهلع الإيرانية هو سوء التقدير، وسوء الحسابات والقراءة الخاطئة للأحداث، والتقليل من ردة فعل الآخرين، والتصور بالتأثير عليهم بعقود تجارية، أو استمرار العمل السري في البرنامج مع تأكيدات علنية التزامية.
واضح بأن إيران لا تعبأ برد فعل دول الجوار، فهي مهتمة بتحقيق الهدف في السلاح النووي، وترى بأنها أحق من باكستان الدولة الحديثة والوهمية وأحق من غيرها لأنها مهددة، وتعيش في حالة غير مستقرة، ولا تهتم إيران بمخاطر إدخال السلاح النووي إلى منطقة الخليج الاستراتيجية العالمية التي تصر الأسرة العالمية على حيادها وعلى إبعادها عن الاضطرابات، وعلى الحفاظ على ممراتها المائية ومصادر الطاقة فيها دون مداخلات من صراع الدول الكبرى، وصراع الأيدولوجيات.
في هذه الأجواء غير المريحة، لابد أن يتحرك مجلس التعاون بدعم الجهود لإيجاد حل يرضي الجميع، وأهم شروطه عدم إدخال السلاح النووي إلى منطقة الخليج، وأن يكون هذا الهدف هو أولويات العمل الدبلوماسي لدول المجلس، وأن يصبح الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وأبرزها السلاح النووي.
على مجلس التعاون إظهار موقف علني وجماعي حازم بأن يطلق رسالة نحو طهران بأن القلق ليس محصورا في الاتحاد الأوروبي أو دول الغرب وإنما أبرز القلقين هم أهل الخليج الذين يريدون إبقاء خليجهم خاليا من أسلحة الدمار، وعلى إيران أن تفهم بأن السعي نحو هذا السلاح سيقلب الوضع نحو المواجهة والدمار.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved