في البرازيل اليوم تجربة متفردة لإطلاق تعاون تتعلق به الكثير من الآمال بين دول الجنوب، فالقمة التي تنعقد في العاصمة برازيليا بين 22 دولة عربية و12 من دول أمريكا اللاتينية هي وجه جديد وذو ملامح طموحة للدول النامية التي تحاول التعاون فيما بينها بعيداً عن التطلع للتعاون التقليدي مع الشمال الأكثر قوة وجبروتاً الذي لا يفتأ يضفي روح الهيمنة في علاقاته مع الدول النامية فضلاً عما هو متعلق بالأذهان من إرث استعماري لا يزال يفرض وجوده بين كل حين وآخر في التعاطي اليومي بين كبار وصغار العالم.. وهكذا فإن التجربة تبشر بعالم جديد وبنهج متفرد لقيادة التنمية وعمليات البناء في طائفة واسعة من الدول، فالبرازيل التي تستضيف هذا اللقاء هي واحدة من الدول التي تبشر بهذا النهج الجديد في التعامل الدولي، وهي ذاتها تحتفظ بتجربة تنموية جديرة بالاهتمام، كونها محسوبة على مجموعة الدول النامية لكنها قطعت أشواطاً مقدرة من التطور يضعها على مشارف مجموعة الدول الصناعية الكبرى.. وفي أجواء تنتفي فيها المطامع الاستعمارية ونوايا الهيمنة فإنه يمكن توقع الكثير من هذه القمة، فهي في المبتدأ تشكل علامة فارقة في عالم اعتاد على انسياب كل القرارات والمعارف والخبرات في اتجاه واحد من الشمال نحو الجنوب، لكن هذه القمة ومن خلال جمعها هذا العدد الكبير من الدول النامية فإنها تنبه إلى إمكانية تحقيق الكثير من خلال تضافر الإمكانات وتلاقح الخبرات.. وتعلق البرازيل الكثير من الآمال على هذا اللقاء وتشاطرها في ذلك الكثير من الدول النامية، إذا إنها ترى أنه إذا بعث هذا الاجتماع برسالة مفادها أنه بإمكان منطقتين للدول النامية أن تغير الجغرافية التجارية فسيكون ذلك وحده أمراً مهماً. والمهم في ذلك أيضاً أن الاجتماع يتيح إمكانية تفجير الطاقات الإبداعية الكامنة لدى الدول النامية في مجال التعاون المشترك والتجارة بل وفي مجالات العلوم والتقنية اعتماداً على نوعية التعامل الرفيعة المأمولة في هذه الميادين، وفي ميادين تظل حتى الآن حكراً على الدول الصناعية الكبرى وحدها.. غير أن الأمر في هذه القمة لا يتعلق بالتجارة والاقتصاد وحدهما بل إن طموحات القمة تجعل من الضروري إضفاء طابع سياسي عليها، فكل أنشطة التعاون والتبادل تستوجب قدراً من التفاهم السياسي الذي يعزز هذه الروابط ويضع إطاراً مناسباً لتفاعل كافة الأنشطة، وهكذا فإن البيان الختامي للقمة يتضمن انتقاداً شديداً لإسرائيل ومساندة قوية للفلسطينيين، كما ينتقد صراحة العقوبات أحادية الجانب المفروضة على سوريا من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ويؤكد رفض الاحتلال الأجنبي وحق الدول والشعوب في مقاومته.
|