Tuesday 10th May,200511912العددالثلاثاء 2 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

دفق قلمدفق قلم
بين الأسود والأبيض
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

حينما تكون معالجة الموضوعات بعيدةً عن الحقِّ وموافقته، فإنها توغل في المبالغات التي تنحي الصواب، وتعتمد الخطأ وتبالغ فيه.
لقد فرحنا جميعاً بهذا النشاط الأمني الذي قامت به جهات أمنيَّة حكومية كالشرطة وهيئة الأمر بالمعروف في كل من الرياض وجدة ومكة وغيرها من مدن المملكة في المناطق الأخرى، وسعدنا بما رأينا من نتائجه المبهجة التي جعلت كثيراً من الناس يتنفَّسون الصعداء وهم يرون الحملة الأمنية تكشف أوكار المخرِّبين على اختلاف أنواعها وأحجامها، ولا شك أنَّ كل مواطن ومقيم يسعد كلَّ السعادة بالأمن الذي لا يمكن للحياة أن تكون لذيذة ماتعةً بدونه.
قرأنا في عدد من الصحف كتابات متعددة تعبِّر عن الارتياح الكبير لهذا النشاط الأمني المكثَّف وهذه الحملات الأمنية المباركة، ومما لفت نظري مقال كتبه أحد الذين لهم علاقة قديمة بالعمل في الشرطة في إحدى الصحف شطح فيه عن الصواب حين ربط بين أصحاب البشرة السوداء وبين المخالفات الأمنية والأعمال الإجرامية وأشار إلى دور السود في أمريكا في الجريمة، وتحدَّث عن علاقة كثير من أبناء إفريقيا السوداء بهذه الأعمال الإجرامية، وجعل العلاقة بينهم وبين الجريمة علاقةً وطيدة، ولا أدري كيف وقع هذا الكاتب في هذه الرؤية المعتمة في هذا الموضوع المهم، خاصة أنه رجل مسلم يعرف موقف الإسلام قرآناً وسنَّةً من هذه المسألة ويعلم علم اليقين أنَّ هذا التصنيف الذي جزم به مخالفٌ للحقيقة مناقض للشرع، موافق للدعوات العنصرية التي شاعت في أوروبا وأمريكا ضد أصحاب البشرة السوداء فنتج عنها من الظلم والقسوة ووحشية التعامل معهم ما لا يخفى على أحد، وما يتوارى منه عقلاء الغرب وحكماؤهم خجلاً وإحساساً بفظاعة الخطأ وسوء الموقف.
إنَّ الدراسات المتعلقة بالأجناس البشرية تؤكد أنَّ الظروف الاجتماعية والمعيشية هي التي توجِّه سلوك بعض الناس إلى العنف بحثاً عن المكانة، وسعياً للحصول على الحقوق المهدرة، ومن هنا كان موقف أكثر أصحاب البشرة السوداء في أمريكا موقفاً مناقضاً رافضاً مقترناً بالقسوة - أحياناً - احتجاجاً على الظلم الكبير الذي وقع عليهم لسبب عنصرية الرجل الأبيض وتسلُّطه.
إنَّ بلال بن رباح، وعبادة بن الصامت، وغيرهما من فضلاء الصحابة والتابعين، وفضلاء وعلماء الأمة عبر العصور المختلفة من أصحاب البشرة السوداء المضيئة بنور الحق والخير واليقين يقولون لصاحب هذا المقال ولأمثاله: قف، فأنت تنحدر في أوديةٍ سحيقة من الباطل لا ينحدر إليها إلا أصحاب النظرة الضيقة، والوعي الناقص.
بل إن لقمان، والخضر، وهما من أصحاب البشرة السوداء يقولان بلسان حالهما: إنَّ آيات القرآن الكريم التي تُتلى آناء الليل وأطراف النهار تناقض كلَّ من يشطح قلمه حينما يكتب عن أصحاب البشرة السوداء كتاباتٍ عنصرية لا نصيب لها من الحق.
ما أجدر كلّ من يتصدَّى للكتابة أن يكون منصفاً حتى لا يغضب ربَّه سبحانه وتعالى وهو لا يعلم.
إشارة:
لا فرق بين عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved