عندما نتحدث عن ثقافة القضاء، فإننا نعي جيداً ماذا تعني هذه الجملة، ونقدر أهمية الوعي بها وبأبعادها الواسعة التي باتت في زمن (منظمة التجارة العالمية) ضرورة لكل فرد يعيش ضمن اقتصاد السوق، ويتواصل مع شبكة واسعة من العلاقات الاجتماعية، ويرتبط مع الجميع بمصالح متبادلة. ثقافة القضاء تشير إلى فرد مدرك لأنظمة المرافعات وواع بحقوقه القضائية ويعرف نوع النتائج التي يحصل عليها في حالة خرقه لأي نظام في مجال الحقوق الاجتماعية والتجارية والأحوال الشخصية، إنها جملة تحيلنا إلى مجتمع يحترم القضاء، ومحاكم تحترم الإنسان، ليكون العدل قيمة عليا يتمركز حولها الجميع. إن المرحلة التي نعيشها الآن تؤكد (ثقافة القضاء) بوصفها متطلباً أساسياً للتوسع الاقتصادي التي تعيشه بلادنا، وأداة نظامية تسهل حجم التعاملات التجارية التي نرتبط بها مع العالم.القضاء في عصر العولمة لم يعد محصوراً في مجال الإرث والتركة وصكوك الإعالة والقضايا الزوجية فحسب، وإنما أصبح ملزما بالمشكلات الاقتصادية المعقدة التي انفتحت عليه كمهام ذات وزن ثقيل تتطلب نقلة نوعية، ونحسب أن التغييرات الجديدة في الهيكل القضائي التي صدرت مؤخراً تدرك حجم المهمة التي صاغها مجلس الوزراء كرؤية متفائلة عبرت عن تحرك منتظر قابله الجميع بارتياح تام. الحقيقة.. أن (القضاء) يأتي محوراً أساسياً في الحياة المعاصرة، فبقوة هذا المحور يتقوى المجتمع ويضعف المجتمع، والقضاء بأنظمته وقوانينه بحاجة إلى منهجية تضبط سير عمله سواء فيما يتعلق باتخاذ القرارات الحاسمة أو فيما يتعلق باختيار القضاة.الوضع الحالي يقول: إن هناك (60) قاضيا في مدينة الرياض موزعين على المحكمة العليا والمحاكم الجزائية وديوان المظالم.. هل يكفي هذا العدد لمدينة عصرية كالرياض؟ كيف سيكون عليه الوضع عندما (نتداخل) مع المنظمات العالمية للتجارة والاقتصاد بشتى أنواعها؟بالطبع.. الوضع يحتاج إلى ثقافة قضاء عالية جداً على مستوى المجتمع والمحاكم والأنظمة.
|