في مثل هذا اليوم من عام 1944 قررت السلطات البريطانية إطلاق سراح الزعيم الهندي المهاتما غاندي بعد حوالي عاما أمضاه في سجن الاحتلال البريطاني وكان غاندي قد تبوأ مقعد قيادة الكفاح الوطني في الهند من أجل المطالبة بالاستقلال منذ عشرينيات القرن العشرين وتعرض للاعتقال أكثر من مرة لكنه لم يتخلى عن الكفاح السلمي ورفض العنف. فقد عاد غاندي من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915، وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيم الأكثر شعبية، وركز عمله العام على النضال ضد الظلم الاجتماعي من جهة وضد الاستعمار من جهة أخرى، واهتم بشكل خاص بمشاكل العمال والفلاحين والمنبوذين واعتبر الفئة الأخيرة التي سماها (أبناء الله) سبة في جبين الهند ولا تليق بأمة تسعى لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص من الظلم. وخلال فترة ما بعد الحربين خاض العديد من المواجهات ضد الاحتلال لم يفقد فيها إيمانه بالكفاح السلمي رغم العدوانية التي كانت سلطات الاحتلال البريطاني تتعامل بها وفي عام 1940 عاد إلى حملات العصيان مرة أخرى فأطلق حملة جديدة احتجاجا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنال استقلالها، واستمر هذا العصيان حتى عام 1941 كانت بريطانيا خلالها مشغولة بالحرب العالمية الثانية ويهمها استتباب أوضاع الهند حتى تكون لها عونا في المجهود الحربي. وإزاء الخطر الياباني المحدق حاولت السلطات البريطانية المصالحة مع الحركة الاستقلالية الهندية فأرسلت في عام 1942 بعثة عرفت باسم (بعثة كريبس) ولكنها فشلت في مسعاها، وعلى أثر ذلك قبل غاندي في عام 1943 ولأول مرة فكرة دخول الهند في حرب شاملة ضد دول المحور على أمل نيل استقلالها بعد ذلك، وخاطب الإنجليز بجملته الشهيرة (اتركوا الهند وأنتم أسياد)، لكن هذا الخطاب لم يعجب السلطات البريطانية فشنت حملة اعتقالات ومارست ألوانا من القمع العنيف كان غاندي نفسه من ضحاياه حيث ظل معتقلا خلف قضبان السجن ولم يفرج عنه إلا في عام 1944م.
|