من أفضل النعم التي أنعم الله بها على عباده بعد نعمة الإسلام نعمة البنين، فهم في الواقع زينة البيت وسر سعادته بل هم زينة الحياة كما قال تعالى: { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}(46) سورة الكهف. فمن رزقه الله البنين والبنات فقد أكرمه ونعمه ورزقه خيراً كثيراً ولكن هناك فئة من الآباء لم يقدروا هذه النعمة ولم يرعوها حق رعايتها. بعض الآباء للأسف يظنون أن مسؤوليتهم تقتصر نحو أبنائهم على المسكن والملبس والمأكل ولا يهمهم من أمر أبنائهم سوى ذلك أما عن مدى تمسكهم بدينهم وأداء الفرائض والواجبات فلا يهمهم هذا الأمر في كثير أو قليل ولا يكلفون أنفسهم بمتابعتهم ومعرفة أين يذهبون ومع من يلتقون ولا يعلمون حين يخرجون ولا متى يعودون وهل هم على الدراسة مواظبون وهل يذاكرون أم مهملون بل لا يعرفون في أي مرحلة يدرسون ولا يسألون عن قرنائهم أصالحون أم فاسدون.. إنهم يا للحسرة مفرطون وضعوا لأبنائهم الحبل على القارب وتركوا لهم كامل الحرية فقادهم الشيطان إلى مسالك الردى وطرق الشر ومستنقعات الرذيلة وعرفوهم بقرناء السوء الذين أخذوا بأيديهم إلى طرق الشر والجريمة وعلموهم ما لم يكونوا يعلمون من تعاطي السجائر والمسكرات بل والمخدرات والزنا واللواط والخناء وغيرها من الرذائل والفواحش.. كل هذا يحدث والأب مشغول في تجارته أو صناعته أو عقاراته أو سفرياته أو البعض غارق في ملاهيه وملذاته ويستمر أبناء هذه الفئة من الآباء في تلك الطرقات الملتوية والخوض في أوحال الانحراف حتى تغوص بهم أقدامهم إلى الركب وعندما يشعرون بالخطر وقد أحدق بهم يشرعون بمحاولة الخروج من المستنقعات والأوحال فلا يستطيعون فكلما رفعوا قدماً غاصت الأخرى، عند ذلك يصرخون طالبين النجدة ولكن بعد فوات الأوان.. فقد توغلوا في الوحل حتى أعناقهم وتمكن فيهم الإدمان وأصبحوا أسرى في قبضته وعبيداً تحت أوامره وتمر الأيام بل والشهور وهم بعيدون عن بيوتهم وآبائهم وأمهاتهم فيفتقدهم آباؤهم فينتهبوا إلى عدم وجودهم فيبحثوا عنهم في كل مكان ثم يأتيهم الخبر كالصاعقة حيث يجدونهم في غياهب السجون أو في المصحات العقلية أو أنهم فارقوا الحياة أو حكم عليهم بالإعدام نتيجة الإدمان والإهمال واللامبالاة من الآباء.. عندها يعض الأب أصابع الندم ولكن بعد فوات الأوان وحين لا ينفع الندم. لهذا الأب ومن على شاكلته أقول: يداك أوكتا وفوك نفخ ومن زرع حصد. وأذكرهم بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(6) سورة التحريم. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته).
|