عاشت الرس الأسبوع الأخير من الشهر الماضي ثلاثة أيام عصيبة (24، 25، 26) من شهر صفر لعام 1426هـ لن ينساها أهل الرس طوال حياتهم وعانى الأهالي يوماً محزناً (اليوم الثاني من تلك الأيام) يوم ان حصرت تلك الفئة الضالة طالبات ومعلمات المدرسة (الخامسة والعشرون) الابتدائية للبنات بالرس في مشهد هز أعصاب أهالي الرس ومتابعي الحدث من مختلف دول العالم حيث سالت دموع أمهات وأقارب تلك الزهور اليانعة وتحجرت دموع في المآقي على هذا العمل الإجرامي البشع الذي لا يقره دين ولا عقل. وظهرت شجاعة أهل الرس وحسن تصرفهم من خلال ما قامت به وكيلة المدرسة والمعلمات من محاولة إخراج الطالبات من هذا الموقف العصيب وهو عمل يشكرن عليه وهو امتداد لشجاعة أهل الرس عبر التاريخ، فهذا الموقف قليل من يحتمله بوجود الرصاص والإرهاب وهذا يسجل ضمن تاريخ الرس المشرق. ولا غرابة من عمل هؤلاء الخوارج فهذا ديدنهم في كل عصر ومصر كفانا الله والمسلمين شرهم. لقد تسلل هؤلاء القتلة في غفلة يسيرة من رجال الأمن واتفق (21) شخصاً على موعد مسبق على أن يلتقوا في محافظتي الوادعة (الرس) ظناً منهم أنهم بعيدون عن يد العدالة وقريبون من بعض مساعديهم، وعلى مدى ما يقارب الشهرين استأجروا فيلة في حي الجوازات في الرس بالقرب من مدرسة البنات المذكورة ربما لتكون درعاً لهم ولكن الله سلم وستر، وكان اللقاء قبل ليلتين من الحادث حيث تم تخطيط عمل ما لكن يقظة رجال الأمن البواسل لم تمهلهم لكي ينفذوا ما خططوا له فكانت المفاجأة أنهم وجدوا أنفسهم محاصرين من العيون الساهرة على أمن البلد بتوفيق من الله جل وعلا فكانت المواجهة الحاسمة على مدى ثلاثة أيام أبلى فيها رجال الأمن بلاءً حسناً وقضوا على شرذمة الإرهاب وفلوله. وكان تعاون أهل الرس المذهل مع رجال الأمن فقدموا لهم الطعام والشراب وفتحوا لهم محطات البنزين بالمجان ووقف الأهالي قرب مدخل الحي مشجعين ومراقبين للحدث من قرب بما لا يخل بعمل رجال الأمن مما مكن ولله الحمد رجال الأمن من إنهاء المهمة الموكلة لهم بدون خسائر بشرية تذكر سوى إصابتين متوسطتين في أطول عملية إرهابية من نوعها حتى الآن. فكان من نتيجة هذه العملية الباسلة القضاء على (15) إرهابياً والقبض على ستة إرهابيين بفضل الله ومنّه. فلله الحمد والشكر على ما منَّ به علينا من النصر على هذه الفئة الظالمة لنفسها ولإخوانها في الدين والعقيدة فهذا الفكر الخبيث الذي تلبس بلباس الدين وتبنى فكر الخوارج ومنهجهم المبني على التكفير والقتل الذي حل بديارنا بين غمضة عين وانتباهتها ليس له إذا لم يستجب لدعوة الولاة من العلماء والحكام إلا القتل بسيف الحاكم لإيقاف نشاطه وقطع دابره من جذوره. وفي هذه الحادثة المشؤومة اثبت أهل الرس أن ولاءهم لله ولرسوله ولولاة هذه الدولة السعودية السلفية والتاريخ يثبت أن هذه البلدة كانت مناصرة للدولة السعودية الأولى فلقد دخلت تحت لوائها عام 1181هـ إبان إمارة سعد بن عبدالله الدهلاوي على الرس بمبايعة الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود وقد أبلت الرس بلاء حسناً في الدفاع عن الدولة السعودية الأولى في حملتين مصريتين تركيتين، الأولى حرب طوسون التي انتهت بصلح الرس عام 1230هـ والثانية في حرب ابراهيم باشا عام 1232هـ وانتهت بهزيمة الباشا وطلبه الصلح والثالثة إبان توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله في معركة الوادي المشهورة المسماة الشنانة (مجازا) بين الملك عبدالعزيز وعبدالعزيز بن رشيد وانتهت تلك الوقعة بهزيمة ابن رشيد عام 1324هـ. وستبقى هذه العملية الإرهابية محفورة في أذهان أهل الرس سنين طويلة وتروى للأجيال اللاحقة. وكنت أتابع الحدث الأليم في مدينتي الرس الغالية عبر جهاز الجوال ووسائل الإعلام.. انتابتني مشاعر مختلطة بين حزن وفرح حزن على أهلي وبلدتي وفرح بعد أن تم إنهاء القضية برمتها بالنصر على الفئة الباغية في ديرتي الرس وتنظيف الموقع وعودة الأهالي لمساكنهم بسلام وطمأنينة.فحمداً لله على هذا النصر المبين على هذه الفئة الباغية وحفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد.
|