Thursday 5th May,200511907العددالخميس 26 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "ملحق اعلامي"

حرة بني رشيد وإمكانية دعمها للسياحة والهيئة العليا لتطوير منطقة حائلحرة بني رشيد وإمكانية دعمها للسياحة والهيئة العليا لتطوير منطقة حائل

عبر أطياف الماضي التليد وملامح الحاضر المجيد وبزوغ فجر جديد يبشر بغد واعد وسعيد لأبناء منطقة حائل بشكل خاص وللوطن الغالي بشكل عام، وذلك بصدور الأمر السامي الكريم بإنشاء الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل التي يرأسها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز - سلمه الله - وبما أن الجزء الجنوبي الغربي لمنطقة حائل الذي يشكل ما يزيد على ثلث المنطقة من أعمال محافظة الغزالة والذي تشغل حرة بني رشيد أكبر مساحته، وقد حظيت باهتمام بالغ من لدن سيدي صاحب السمو الملكي أمير المنطقة رئيس الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل، الأداة الفاعلة في تطوير نواحي الحياة المختلفة وتشجيع الاستثمارات فيها بما يكفل الاستفادة من التراث والمقومات الطبيعية فيها لتحقيق انتعاش ونمو اقتصادي ركيزتهما الأيدي العاملة الوطنية من أبناء المنطقة.
وبما أن الهيئة العليا لتطوير المنطقة تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة تشمل مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على البيئة الاجتماعية والثقافية والمقومات الطبيعية بما يحقق رفاهية كافة مجتمع المنطقة، حيث تتبنى الهيئة هذا الدور القيادي برعاية صاحب السمو الملكي أمير المنطقة.وفي جزء كبير من منطقة حائل ينعم بالعديد من مقومات التقدم والرقي والمساهمات الفعالة في عملية البناء والرقي، كما تريد لها حكومتنا الرشيدة - أدامها الله وسدد على درب الخير خطاها -. وفي محاولة جادة للكشف عن عمق الجوانب التاريخية والأثرية في حرة بني رشيد التي تعد ركيزة أساسية لأهم الروافد التي تسهم في دعم مسيرة السياحة كإحدى خطوات التنمية في منطقة حائل، التي تستند على عدة محاور تشكل صرحاً للثقافة عبر حقب الزمن المديدة، مما تركته بصمات التاريخ وتشير إليه أصابع الزمن في مساحة مهمة من منطقة حائل من حيث المساحة المكانية والنمو العمراني بسبب الكثافة السكانية التي تتزايد بشكل ملحوظ كما يتضح ذلك من خلال حملات الإحصاء الدورية.وحرة بني رشيد المعروفة في العهد الجاهلي ب(حرة النار) وهي فيما بين حائل والمدينة الموضحة على خريطة جزيرة العرب التي نفذتها إدارة المساحة العسكرية بوزارة الدفاع والطيران طبعة عام 1419ه كأحد المعالم المهمة في جزيرة العرب التي تتميز بارتفاعها عن مستوى سطح البحر بما يزيد على ستة آلاف قدم، وهي ما تعرف في التاريخ بحرة عبس وكافة غطفان، وهي عبارة عن حرتي النار وحرة ليلى وهما حرتان متجاورتان لا يفصل بينهما سوى وادي المخيط وتحتويان على العديد من الحرات المتعددة والمتصلة ببعضها البعض لا يفصل بينها عوازل في تكوين جغرافي بديع اختصتها غطفان من القيسية العدنانية وذلك لحصانتها ومنعتها في أيام الجاهلية.
يقول النابغة الذبياني الغطفاني:


إما عصيت فأني غير منفلت
مني اللصاب فجنبا حرة النار
ومنزل البيت في سوداء مظلمة
تقيد العير يسري بها الساري
تدافع الناس عنا حين نركبه
من المظالم تدعى أم صبار

وبما ان التكوين البشري في نطاق هذه الحرة الشاسعة التي تشكل أكبر مساحة من الهضاب البازلتية في جزيرة العرب تحمل تراثا بالغ الثراء من المعارف والقدرات والتنظيمات والخبرات الإنتاجية على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات. فإن الهيئة العليا لتطوير المنطقة تتبنى تحقيق هدف التنمية الشاملة المستديمة في المنطقة التي محورها الإنسان.
والحرة تشمل العديد من المعالم البارزة في مساحة كبيرة في جنوب غرب منطقة حائل وهي ما تعرف بحرة عبس كما حدد مكانها خير الدين الزركلي في كتابه شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز عندما تحدث عن الحرات. وتبدأ الحرة بالامتداد من قرب المدينة المنورة من خط عرض 24.39 شمالاً إلى خط عرض 26.11 شمالاً ومن خط طول 38.30 شرقا إلى خط طول 40.46 شرقا.. ويمتد القسم الخاص بحرة بني رشيد مسافة 75 كم جنوبا ويتراوح ارتفاع الهضاب البازلتية في هذه الحرات بين 475 مترا على طول وادي الحمض إلى 2092م في الجبل الأبيض الذي يتوسط حرة بني رشيد.
وقد أثبتت ثقوب الحفر ان سمك طبقة البازلت في حرة بني رشيد يبلغ أكثر من 500 متر، والحرة هي أرض بركانية ذات حجارة سوداء محترقة يقال لها اللابه في اللسان العربي الفصيح وهذا هو الاسم الذي يتداوله أبناء المنطقة وقد انتقل هذا اللفظ (LAVA) إلى الإنجليزية عن طريق الإسبانية، وفي موسوعة الأسماء والأماكن في المملكة العربية السعودية من إصدارات دارة الملك عبد العزيز، المجلد الأول (ص63).
تعرف حرة بني رشيد حيث تمتد الحرة باتجاه شمالي جنوبي تقريبي بطول يقدر تقريبا 280 كيلومتر حتى دائرة عرض 27 شمالاً، أما أقصى عرض لها فيبلغ 170 كيلوا تقريبا وبراكين هذه الحرة توجد على خط مستقيم تقريبا وتتركز على أطرافها الشرقية والغربية المدن والقرى. وقد ذكرت عدد القرى التابعة لمنطقة حائل المنتشرة على جوانبها الشرقية وكذلك الأودية المكونة روافد وادي الرمة الشهير والعلم وعددها ما يقرب 265 نقطة استيطان ما بين مدينة وقرية وهجرة.وللشيخ حمد الجاسر حديث مطول في كتابه شمال غرب الجزيرة فيما يتعلق بأجزاء الحرة، وقد نوه عن كثير مما وقع فيه من أخطاء وذلك في مجلة العرب وقال: هي حرة بني رشيد لكون هذه القبيلة تسكن أكثر مواضعها يشاركه القول ابن خميس والعبودي والدكتور الوليعي الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقال الجاسر أيضاً هي حرة النار وحرة ليلى، جاء في كتاب أبو علي الهجري تبتدئ حرة النار من الشقرة إلى المخيط واد يفصل بين حرة النار وحرة ليلى مقدار ثلاثة أيام ثم تليها حرة ليلى وتنقطع بجنفاء من ضغن عدنة ويسمى طرفها الشمالي (حرة اثنان وهي قديما حرة ليلى). وقد ذكر رحمه الله من واحاتها فدك وقال واحة شرقي خيبر وليست حرة منفصلة عنها ولهذا لم يفردها الهجري بالذكر وكذلك لم يفردها ياقوت الحموي بالذكر عند ذكر حرات العرب في معجم البلدان. وفدك ويديع واحتان في تلك الحرة وسكانها من بني رشيد.
من أهم معالم الحرة
1- جبل الرأس الأبيض
وهو أحد المواقع السياحية من أعمال الفريق الإشرافي المحلي بمنطقة حائل المكلف برعاية المواقع القابلة للتطوير والاستثمار السياحي في المنطقة وهو من المواقع السياحية التي أضيفت إلى أعمال الفريق بناء على توجيهات صاحب السمو الملكي أمير المنطقة.
قال الجاسر في المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية شمال المملكة: (الأبيض سلسلة من جبال الحرة، في وسطها شرقي مدينة خيبر. هي أبرز قمم الحرة). ويتميز الجبل الأبيض بلونه الوضاء وفوهته البركانية التي يبلغ قطرها حوالي 1500 متر بعمق 70 متراً والجبل الأبيض ليس فقط من معالم حرة بني رشيد فحسب بل من معالم منطقة حائل وأطرافه الغربية هي أيضاً من معالم المدينة المنورة، ويعتبر أيضاً من معالم جزيرة العرب. يقول الأستاذ عبد الله بن صالح العقيل في كتابه وادي الرمة وروافده: جبل الرأس الأبيض الذي يبدأ منه مصب وادي الرمة الشهير في جزيرة العرب وهو بدايته الأصلية من سفحه الشرقي وهو يمثل قمة حرة بني رشيد ويبلغ ارتفاعه 2092م فوق سطح البحر وهو أعلى جبل في نجد على حد تعبيره.
2- فوهات حرة بني رشيد
وهي من أهم المواقع السياحية التي أضيفت إلى أعمال الفريق الإشرافي المكلف برعاية المواقع القابلة للتطوير والاستثمار السياحي بناء على توجيهات صاحب السمو الملكي أمير المنطقة أيضاً، وهي فوهات بركانية تقذف الحمم والنار ولهذا السبب سميت في الجاهلة بحرة النار التي أطفأ نيران براكينها بأمر الله خالد بن سنان بن مريطة أحد بني مخزوم من بني عبس.. وقد وردت أخباره في البداية والنهاية لأبي الفداء ابن كثير في الجزء الثاني من المجلد الأول يقول: وفي الحديث: حدثنا الحكم بن موسى قال: حدثنا أبي الرجال عن عبد الرحمن بن أبي الرناد، عن أبيه (يقول نبني فرط فيه قومه) سالت عليهم ناراً من حرة النار ناحية خيبر والناس في وسطها وهي تأتي من ناحيتين فخافها الناس خوفاً شديداً، فقال العبسي ابعثوا معي أناساً حتى أطفئها من أصلها، قال فخرج معه راعي الغنم، هو بن راعية حتى جاء أغارا تخرج منه النار ثم قال العبسي للراعي: امسك ثوبي، ثم دخل في الغار.. إلى آخر الحديث.نار الحرتين وهي نار خالد بن سنان، أحد بني مخزوم من قطيعة بني عبس، وهو الذي أطفأ الله به نار الحرتين، وكانت ببلاد عبس. وربما ندرت منها العنق فتأتي على كل شيء فتحرقه، فقيض الله لها خالد بن سنان فاحتفر لها بئراً، ثم أدخلها فيه، والناس ينظرون، ثم اقتحم حتى غيبها.. وهذه الفوهات العجيبة تضم بين أكنافها ظواهر طبيعية غاية في الغرابة تنم عن تكوين طبيعي فريد من نوعه.
جبل العلم وقبر عنترة العبسي
يعد العلم من المواقع السياحية والأثرية والتاريخية لما يحتوي بين جنباته من موروث غزير من الثقافة والتاريخ، ويقع على بعد 265كم من مدينة حائل وهو عبارة عن العديد من القرى المأهولة بالسكان كما تضم من الآثار أساسيات لقصور تعود للعهد العباسي وكتابات كوفية كما عثر فيها على أميال بريدية.
ومن حظ منطقة حائل الوفير أن يحتوي على أهم رموز التاريخ فكما يرمز لحائل بالكرم نسبة إلى حاتم الطائي يرمز لها أيضاً بالشجاعة والإقدام نسبة إلى عنترة العبسي، وفي العلم يقبع عنترة العبسي وهو علم بني عبس وباقي غطفان يقول عنترة:


يا بارقاً عرضت من جانب الحمى
فحي بني عبس على العلم السعدي

وقال أيضاً وهو في طريقه إلى العراق في طلب نوق العصافير من النعمان مهرا لعبلة:


أيا علم السعدي هل أنا راجع
وانظر في قطريك قطر الأراجع
وتبصر عيني الربوتين وحاجرا
وسكان ذاك الجزع بين المراتع
وتجمعنا أرض الشربة واللوى
ونرتع في أكناف تلك المرابع

وقال أيضاً وهو في طريقه للعراق في طلب النوق العصافير:


أرض الشربة شعب ووادي
رحلت وأهلها في فؤادي
يحلون فيه وفي ناظري
وأن أبعدوا في محل السوادي

وأرض الشربة هي كل ما بين وادي الرمة ووادي الجرير يتوسطها ذلك الجبل الأشم علم بني عبس المعروف بالعلم السعدي، نسبة إلى بني سعد بن قيس عيلان وهو يوالي لحرة بني رشيد من الشرق.أما قبر عنترة التاريخ فقد أجمع كافة محققي ديوان عنترة على ما جاء في رواية الأصمعي التي تؤكد إصابته غدراً على ضفاف الفرات على يد الرهيص من بني نبهان في ليلة ظلماء يفتقد فيها البدر، عندما خرج عنترة في جنح الظلام فسدد عليه سهماً واعتقد الرهيص انه أخطأ عنترة عندما سمع زمجرته المعهودة، مات في حينه بعد أن شقت مرارته وعندما شعر عنترة بدنو أجله أمر أصحابه بالعودة إلى أرض الوطن وعندما اقترب من أرض الوطن فيما يتوقع انها النعي أمر رفاقه مواصلة السير إلى العلم ونعيه لدى الملك قيس بن زهير ملك عبس وكافة غطفان، فأمر الملك قيس بحمل جثمانه والعودة به إلى أرض الوطن حيث دفن في ذروة العلم كما أوصى عنترة أن يدفن بين قبري الملك زهير بن جذيمة وصديقه مالك هذا ما أورده الأصمعي في روايته.
وزهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، هو ملك بني عبس وكافة غطفان. وقد قال عنترة مفاخراً بمملكة قومه بني عبس أثناء غارة على بني زبيد من قبائل اليمن:


سأحمل بالأسود على أسود
أخضب ساعدي بدم الأسود
بمملكة عليها تاج عز
وقوم من بني عبس شهود

وتنتشر سلايل عبس وغطفان في مواطنها من جنوب حائل إلى المدينة المنورة في حرتي النار وليلى (حرة بني رشيد) والعلم على ضفاف وادي الرمة حتى القصيم وأبانين وهم قبائل بني رشيد بن الزول بن مظبر بن قعب بن ورقة بن عامر بن عودة بن ملاص بن عبس بن قيس بن حذن بن وهب بن عون بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان.
من آثار حرة بني رشيد
إن موقع جزيرة العرب الجغرافي هو عبارة عن همزة وصل بين الشرق والغرب وقد جعل الله فيها أهم بقاع الأرض، فجزيرة العرب هي محط أنظار الباحثين والرواد يقصدونها من أرجاء الأرض لدراسة تاريخها وحضاراتها، والتي نستطيع القول إن حضارتها الفطرية والإنسانية لا تكاد تضاهيها أية حضارة أخرى، ذلك لأنها كانت عبر تاريخها الطويل مهداً لديانات عديدة تحمل في طياتها أنواعاً من الثقافات الروحية والأدبية. فبلد كان مهبطاً للديانات السماوية ثم أصبح مهداً لحضارة الإسلام التي تفوق كل الحضارات لجدير بأن يجذب أعداداً من الباحثين والدارسين ليدرسوا تراثه ويبحثوا في آثاره. وما تقوم به فرق الآثار من بحث وتنقيب وما تسفر عنه من مفاجآت جميلة في منطقة حائل بشكل عام وبالذات في حرة بني رشيد الواقعة في جنوبها الغربي التي تشتهر بغزارة فائقة من مواقع الآثار فيها، وقد تتميز في كثير من آثارها كما في كافة أرجاء جزيرة العرب وهي في حاجة ماسة إلى زيادة جهود البحث الكثيف والدؤوب والمتواصل ليواصل العلم جهده ويعبئ طاقته لمعرفة الكثير عما حباه الله لهذه الأرض الطيبة من حضارات وحملها من رسالات وبوأها من درجات الريادة والقيادة عبر التاريخ.
وما كشف عنه مؤخراً من آثار وتراث في حرة بني رشيد كما هو الحال في آثار الشويمس والقور والعلم والحائط والحويطو المعروفة في التاريخ (بواحتي فدك ويديع) من بلاد فزارة ومرة وكافة غطفان بفرعيها الكبيرين عبس وذبيان. ومما كشف عنه حتى الآن من اللوحات الفيزيقية في الشويمس أحد أهم مواقع الحرة التي قيل عنها إنها نقلة في تاريخ آثار الجزيرة. حيث تشير الدراسات إلى أن استيطان الحرة يعد من أقدم مواقع الاستيطان.
ومن المواقع الأثرية التي تحتويها الحرة على سبيل المثال لا الحصر.
1- الرأس الأبيض.
2- الشويمس.
3- البصر.
4- القور.
5- العلم.
6- أبا الصبان.
7- يديع (الحويط).
9- الشق.
10- فدك (الحائط).
11- المنجور.
12- غدفا.
13- ثويليل.
14- أوثال.
15- البرقة.
16- شجواء.
17- القور الجنوبية.
18- القور الشمالية.
19- خشم القطعاء.
20- الدحو.
21- الشملي.
22- وغيرها من المواقع التي مازالت قيد البحث والتنقيب وهي كثيرة. الجدير بالذكر ان مواطني هذه الحرة هم من أبلغوا عن تلك الآثار لدى الجهات المختصة التي تقوم بدورها بتدوين اسم المبلغ الذي يعتبر بمثابة المكتشف الأول للموقع.
والآثار من أهم مقومات السياحة وما كشف عنه في الحرة أخيراً هو في غاية الأهمية مثل مواقع الشويمس والقور والعلم ومواقع عديدة تناقلتها الصحف.. وفي الجنوب الغربي من المنطقة على بعد أكثر من ثلاثمائة كيلومتر من حائل تم اكتشاف مواقع أثرية غاية في الأهمية تحوي مرتفعات صخرية تضم لوحات فنية مذهلة نفذت بدقة متناهية وبإتقان فني بديع. تتراوح ما بين رسم لأشكال آدمية بالحجم الطبيعي حيث عمد فنان تلك المرحلة في كثير من رسوماته إلى إظهار الأشكال الآدمية وهي حاملة للأقواس والنبال في مناظر للصيد مصاحبة لمجموعة كبيرة من الحيوانات.ويقال إن أحد الباحثين وهو قائد فريق البحث اوضح ان أعمال فنان هذه الفترة ليست مقصورة على الأشكال الآدمية فقط بل انه قام بتصوير كثير من الأشكال الحيوانية كالوعول والأسود والفهود والنمور وغيرها من الحيوانات الأليفة بحجمها الطبيعي على واجهة أحد الجبال.كما يضم الموقع الذي تضمن التقديرات الأولية ان عمره ما بين عشرة آلاف سنة الى خمسة عشر ألف سنة لوحات افريزيقية مميزة يصل طول إحداها إلى 12م وتضم كذلك رسومات آدمية وحيوانية وأشكالاً هندسية نفذت بأسلوب ينم عن مهارة فائقة لدى فنان تلك الفترة.. وتشير إلى إبداع ومهارة في فن النحت الصخري يدل على ذلك تلك الأقدام الآدمية (رجال وأطفال وأشكال حيوانية) تبرز بجمال مدهش بالقرب من أحد الكهوف.
من جهته أكد وكيل وزارة المعارف للآثار والمتاحف د. سعد الراشد ل(الوطن) التي وقفت على الموقع بما يضمه من كثافة وروعة لرسومات لم يشرع في التنقيب عما بداخله تحت الأرض، حيث تم تأجيل ذلك وإدراجه في أجندة (أعمال الوكالة). ويعتبر التراث والمحافظة عليه استجابة للفهم التلقائي للكثير من المبادئ العلمية والقدرة على الإبداع والتوافق بين الحياة والإمكانيات البيئية المتاحة.
ورغم وعورة الحرة إلا إنها تتميز بالعديد من نقاط الاستيطان حيث يبلغ عدد نقاط الاستيطان في حرة بني رشيد ما يزيد على المائتين وخمس وستين نقطة استيطان كما أسلفت ما بين هجرة وقرية ومدينة حيث تشكل هذه النسبة ما يقارب ثلث نقاط الاستيطان بمنطقة حائل البالغ عددها (867) نقطة استيطان حسب ما تشير إليه تقارير الهيئة، مما يشير إلى زيادة ملحوظة في عدد السكان فيها والتوسع العمراني.
ومن أهم أنشطة ساكنيها الزراعة بالدرجة الأولى رغم ان بعض التقارير تشير إلى انها منطقة درع عربي قليلة المياه إلا ان استمرارية الحياة فيها تدل على وفرة المياه من عهد غطفان ومن سالف العصر والأوان وحتى هذا الزمان.. وهي مأهولة بالسكان ولو كانت غير ذلك لما كثر فيها العمران !! والكثير من نقاط الاستيطان فيها زراعية منذ فجر التاريخ وتتميز بوفر المياه وجود النخيل، كما ان الرعي فيها مهنة أساسية حيث تغطي الثروة الحيوانية فيها نسبة كافية تعود على الأهالي بالنفع وبالفائدة. إلا ان المواطن فيه يتطلع إلى الغد الواعد بمزيد من قنوات التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تهدف إلى تطوير الخدمات العامة وتحسين نوعيتها بما يلائم الاحتياجات الفعلية المتزايدة بتزايد السكان ليسهم مع الآخرين في دفع عجلة النمو والتقدم.إن تزايد مواطني هذا الجزء من المنطقة يمثل ما يزيد على ثلث المنطقة من حيث نقاط الاستيطان والكثافة السكانية وهذا ما تشير إليه الإحصائيات الرسمية لهو في أمس الحاجة إلى الكثير من مقومات الحياة التي يفتقدها هذا الجزء المهم من منطقة حائل مثل: (الخدمة الصحية - الطرق - الهاتف - المياه النقية - الكهرباء - السدود - الغاز - وغير ذلك الكثير...)
وتفتقر هذه الحرة الشاسعة إلى مستشفى مع ان حاجتها أكثر من خمس مستشفيات تكون إحداها في مدينة الحائط والثانية في ضريغط والنبوان والثالثة في مدينة الحليفة الواقعة على طريق الحجاج والرابعة في الشويمس. والخامسة في المرير والحويط وأبلة. إضافة إلى حاجة كل عشر قرى على الأقل إلى مركز رعاية صحية أولية ليكون مجمل ما تحتاجه الحرة ما يزيد على خمسة وعشرين مركزاً صحياً على الأقل. فالخدمة الصحية تأتي دائماً في مقدمة مشاريع التنمية والتطور فالصحة أهم ما يصبو إليه المواطن في هذه المنطقة وغيرها، وكما قيل الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.
وهي قضية مهمة تتطلب من الهيئة العليا لتطوير المنطقة حلولاً سريعة وعاجلة ولاسيما وأن الهيئة جادة في تعاملها مع الأجهزة المسؤولة عن تلك الخدمات ويعيش المواطن في هذه الجهة على أمل أن يثمر التواصل مع هذه الأجهزة المعنية في تحقيق تقدم ملموس.
إن غزارة آثار منطقة حرة بني رشيد بمثابة موارد اقتصادية يمكن استثمارها في التوجه العام للهيئة لتحفز كل المتغيرات ذات الصلة، وإنشاء مشاريع استثمارية هادفة تسعى إلى تنشيط مجال السياحة هذا القطاع المهام الذي يسهم في توزيع مصادر الدخل الوطني، مثل إقامة منتجعات سياحية وتشجيع سياحة السيفوي كما يسميها البعض وهي سياحة الصحراء.
وما ترنو إليه آثار حرة هذه الحرة من هيئة الآثار والمتاحف هو توظيف الأجهزة الفعالة لحماية هذه الثروة من التراث البالغ الثراء في هذه الحرة الشاسعة المترامية الأطراف، التي تخلو كثير من أجزائها إلى المراكز الأمنية المعنية بحفظ الممتلكات العامة للدولة وما تتطلع إليه هذه الآثار مسارعة الهيئة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظها وتسويرها وافتتاح المراكز الأمنية لحفظها، لأنها في ذمة التاريخ وهي اليوم من مهام الهيئة العليا لتطوير المنطقة.
وكثير من معالمها قد أضيف إلى أعمال الفريق الإشرافي المحلي بمنطقة حائل المكلف برعاية المواقع السياحية القابلة للتطور السياحي وهي معالم تتراوح ما بين المناظر الخلابة والمواقع التاريخية والأثرية وتتميز الحرة باعتدال مناخها صيفاً ووفرة غطائها النباتي ربيعاً.
ومن معالم الحرة التي يعلوها الجبل الأبيض ذو اللون الوضاء الذي يبدو لناظره من بعد كأنه القمر في تمامه يلوح معتلياً معالم الحرة (حلاة أم طويق - الصنفرة - الصهلوج - زبيعير - اثنان - الصخمة - البصر - الاكليل وهو المعروف في شعر عنترة باللكيك حيث يقول:


بين اللكيك وبين ذات الحراملي
طلل لعبلة مستهل المعهد

- شعيب أبو حرامل المعروف في شعر عنترة بذات الحرامل - كنات - أبو رمث - لحيين - الدبة - أبلة - رماحة - حزم مبارك - الفزير - الفرس - أثب - ووادي المرير) وجميع أودية الحرة هي روافد وادي الرمة الشهير في جزيرة العرب الذي يبدأ مصبه من الرأس الأبيض، وغير ذلك الكثير فالحرة كلها معالم، ولا يتسع المجال لتعدادها. وهذه المناظر الطبيعية الخلابة في أعالي هذه الحرة الشاسعة تدب فيها الحياة بشكلها الطبيعي الذي يعج بوهج الحيوية المتناهي في الروعة والجمال في سيمفونية تستقطب السائح إلى دراسة مآثرها وماضي أسلافها التي قال عنها بعض الباحثين في علم الآثار إنها أقدم موطن استيطان في جزيرة العرب. إلا إنها مازالت تعاني وعورة الطرق وتعذر الوصول إلى مآثرها.إن خطوات الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل متسارعة في جانب تنمية السياحة وتطوير خدماتها ومرافقها العامة وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة مثل الهيئة العليا للسياحة التي تعمل بشكل مباشر مع وكالة وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف لحصر العديد من المواقع الأثرية والتاريخية المتبقية في حرة بني رشيد والحفاظ عليها لهي خطوات جادة في رسم الخطوط العريضة لمشروع السياحة المعتمد بالدرجة الأولى على الآثار والمواقع التاريخية مثل قبر عنترة التاريخ في ذروة جبل علم عبس، وهنا يأتي دور الإعلام في ضرورة التعريف بهذه المواقع المهمة في مختلف وسائل الإعلام ليتم التعريف بها ومن ثم التعرف عليها، للوصول إلى الهدف المنشود من تحقيق رواج سياحي بعد إيجاد البنى التحتية القادرة على النهوض بهذه المنطقة الغنية بالمعالم التاريخية والأثرية وذلك من خلال دعم الدولة لتحقيق الهدف التنموي في ظل قيادتنا الرشيدة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved