الحوار مع الآخر بالتي هي أحسن مطلب ديني وحضاري نبيل، فنحن أصحاب رسالة، والرسالة تكون بالدعوة إليها، وبيان محاسنها، وهذه الدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، كما بيّن ذلك وأرشد إليه القرآن الكريم. وهذا في حق من لم تصله الدعوة، أو بنى صورته عن ديننا وثقافتنا على معلومات خاطئة أنتجت صورة مشوّهة تحتاج إلى تجلية وبيان. بيد أن المتابع لما يُنشر عن الإسلام والمسلمين من بعض الأقلام الصحفية في الغرب، أو ما يبث في مؤسساته الإعلامية يلحظ أن هناك نيّة مبيّتة لعداء لا ينقطع مدده ولا تتوقف أنفاسه، عداء يتخذ من الهجوم على الإسلام أو النيل من المسلمين وقوداً لا تخبو ناره، ولا تنطفئ جذوته. ولمثل هؤلاء فإن الخطاب لابد أن يتجاوز (الحوار) إلى اتخاذ الوسائل الكفيلة بلجم هذه الأقلام وتكميم تلك الأفواه ولو استدعى الأمر المفاصلة أمام الهيئات القضائية أو القانونية. إن من الملاحظ - في بعض حواراتنا مع الآخر الغربي - أن هناك من يلجأ إلى (التميُّع) في لغة الخطاب حتى ولو كان رداً على هجمة ضارية على الإسلام أو رموزه، أو حتى عليه هو شخصياً، وذلك أسلوب متأثر بشعور (الدونيّة) الذي لا يزال البعض منا أسيراً له، وهو أسلوب -من وجهة نظري- عديم المنفعة والجدوى مع من أسفر عن وجهه الاستعماري والإمبريالي القبيح، إذ ليس كل من ركب موجة العداء للإسلام والمسلمين (بدعوى الحرب ضد الإرهاب) أهلاً للخطاب الموضوعي والحوار العقلاني، بل منهم من اختار أن يكون حرباً على الإسلام وأهله حتى ولو ألنّا له الخطاب، وبسطنا له الحقيقة.. وهذا البعض لا يجدي معه (خطاب التميُّع) فضلاً عن لغة الحوار، بل علينا أن نستحضر عزة المسلم، وأن ندفع النيّة السيئة، بل العمل المبيّت المقصود، بوسائل الدفع المتاحة، وأن يُلاحق كل إعلامي دجّال كذوب قضائياً، وقانونياً، وإعلامياً حتى يعلم كل غربي نفعي متصهين أيَّ منقلب ينقلب. أكتب هذا وأنا أستحضر شاهداً على حالة الهجمة القاسية على الإسلام والرد العادل، إذ طالب إمام جامع جنيف الكبير بمقاضاة الصحفي السويسري (سيلفان بيزو) الذي دأب على وضع الإسلام والمسلمين في دائرة الشك من خلال مقالاته في صحيفة (لوتون)، أكبر الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية، ثم عرّض به شخصياً بعد أن اتهمه بالإرهاب بسبب دراسته في السعودية! لقد كان رد الشيخ عادلاً ومطالباً بأحد أمرين: إما إثبات الدعوى وإما القضاء وكانت مواجهة قانونية صارمة تجاوزت التميُّع في الخطاب إلى إيقاع العقوبة لتكون عبرة لكل من سلك هذا المسلك ليعلم - هذا الصحفي وغيره - أن للدين ناصراً، وأن للحق طالباً ومدافعاً!! فما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه الوقفة.. في كل الحالات المشابهة!
|