يُمسك صاحبك بتلابيبك ليختم بشفتيه على خديك شهادة الوله والشوق إليك ولو بعد فترة وجيزة من الفراق. وتتلاطم الشفاه والخدود وربما (الأنوف) و(الكتوف) أيام الأفراح والأتراح في منظر مهيب لتوزيع القُبَل بشكل مسرف يدعو إلى التأمل والبحث عن مبرِّر لهذا الإهدار الزائد للمشاعر.. إن كان هناك مشاعر.. ولذلك كله تجد أن (الزكام) ينتشر برتبة (مدير عام) يخترق الحيطان وينتقل بسرعة (الجوال) إلى المدن والقرى والسهول والهضاب، فتمتلئ الجيوب بأنواع (الحبوب)، وتتعب أيدي (الصيادلة) من تعبئة (الأكياس) بمضادات الأرق والنعاس.. ولا أعلم مَن شرع القُبَل وجعل لها هذا الصيت الواسع بديلاً عن كلمة الحق، وهي السلام عليكم، التي ربما إن أُطلقت فهي تضيع في الهواء.. ولذلك تجد الكثير الآن يحبِّذ (المصافحة) ويمتعض من (القُبْلة) التي تأتي أحياناً حاملةً معها جزءاً من (ثوم) أو (حلبة) أو ربما (نتناً) من الأسنان أو (أمراض اللثة). والاقتراح الموسوم ببعضٍ من مجازفة الطرح الذي قد لا يقتنع به الكثيرون هو أن نرشد القُبَل، وقد أحسن صُنعاً مَن أعطى الناس قناعة أن يُقَبَّل الكتف بدلاً من نقل العدوى من المُقَبِّل إلى المُقَبَّل، وتوفير الكثير من الدراهم لتغطية احتياجات الفواتير وما أكثرها! إنها دعوة خجولة أتمنى أن ترى النور بتعاون جميع الذين يُصابون بالزكام بعد حضور فرح أو ترح.. والله الموفِّق..!!
أحمد السعد |