يحسن بنا وقد تابعنا الحسم الحاسم لحدث المواجهة مع الإرهاب في مدينة الرس الأسبوع الماضي، الذي تجلت فيه براعة الأمن السعودي في تطويق أهل الفتنة أن نقرأ الحدث بعكس الاتجاه المعتاد لمنهجية تحليل الأحداث، أي من نقطة النهاية، باعتبار أنها شكلت ملحمة سجلت بحروف من نور لمعركة أمنية قصمت ظهر الإرهاب، بيّنت انهزامية تنظيمات الرعب وضعف مخططات الإفزاع والترويع. فالملاحظ على الأعمال الإرهابية المتطرفة التي تضرب في الخلف يُخيّل للبعض أنها تشكل قوة يصعب اختراقها ومواجهة غدرها، فالعكس هو الصحيح، فقد أثبتت التجرية بعد حوادثهم الأخيرة في جدة والرياض وأخيرا الرس أن الإرهاب لا يلوي على شيء، حيث فقد زمام المبادرة التي قلب الأمن السعودي معادلتها، فأصبحت بيد الأمن ما يوصف بالضربات الوقائية التي يسبق بها فلول ما تبقى من البقايا الهائمة التي تتساقط فيها خلاياه وتنهار فيها قواه.. هي دلالات تشير إلى: - التصدعات التي أصابت التنظيم وتفكك تماسكه مما ولّد لديهم إحساسا قويا باليأس من تحقيق الأهداف التي يرمون إليها. - وما يمكن قراءته من الحدث أن عرى التواصل بين الخلايا الإرهابية وقياداتها باتت إلى حد كبير مقطوعة. - انهيار الروح المعنوية بفعل ما استحوذ عليهم من يأس وما تولّد فيهم من خيبة أمل بإمكانية الخروج من مأزق الإرهاب الذي تورطوا فيه. وعلى الجانب الآخر ترتفع معنويات رجال الأمن وتزداد ثقتهم في أنفسهم وشجاعة مواجهاتهم وخوض غمار المعركة ضد الإرهاب بعزيمة الواثق، يسددون الضربة تلو الضربة، معززين بثقة القيادة فيهم، مدفوعين بتعاون المواطنين الذين يلتفون حول حكومتهم متصدين للإرهاب وأهله، يحملون هموم الوطن فوق أعناقهم، يذودون عنه ويحمون حياضه. فأمام السد المنيع الذي يضربه رجال الأمن ها هم مشعلو الفتنة يخرجون صراعا من جحورهم بعدما ضاقت عليهم أنفسهم داخل دوائر الموت النفسي وضيق الفكر. ونحن إن كنا دخلنا في سباق مع الإرهاب فهو سباق بين الخير والشر، فقد دنا تقهقره وبدت دلائل تراجعه تحت وطأة الحسم الحاسم واستباقه بضربات لا تبقي له باقية ولا تذر له شأفة. إن مواجهة الرس دلت أن (بُوصلة) الإرهاب تذبذبت وضلت الاتجاه في متاهات اليأس وخور قواها أحداث عبرت عن تصميم لانتزاع الخبث من طيب الأوطان، وغداً سيُهزم جمع الإرهاب بإذن الله. إنها دلائل ومؤشرات نستقرئ منها بدايات انحسار الأزمة، وهو خط الأفول بمشيئة الله تعالى.
|