يتوافق اليوم (22) أبريل مع يوم البيئة العالمي، واطمئنوا ليس بنيتي أن ألقي عليكم خطبة وعظية مستمدة من كلاسيكيات حزب الخضر وأدبياته، لأنه باعتقادي الشخصي أن وعينا ما برح قاصراً عن الوصول إلى صياغة علاقة ودية وحميمة مع محيطنا وبيئتنا، وما برحنا نتعامل مع المجال الحيوي الذي نعيش به بطريقة استنزافية شرسة، من واقع القوي والمهيمين الذي يسخر الضعيف تحت إمرته. عموماً يعتبر عصرنا الحديث هو من أكثر العصور الحديثة التي تعرضت فيها الأرض إلى عملية تخريب شاملة على يدي بني البشر، ابتداءً من الغازات السامة في الهواء وثقب الأوزون، إضافة إلى تلويث البحار حيث تصب في البحار جميع المخلفات الخطيرة والسامة (حتى أن أحد ناشطي الخضر يطلق على البحر الأبيض المتوسط.. البحيرة المسمومة) انتهاءً بعملية الاقتلاع والتدمير المجحف للغطاء النباتي الأخضر في الأرض، حيث تعتبر الغابات الرئة التي يتنفس عبرها العالم. على المستوى المحلي مناقشة هذا الموضوع يعتبر ترفاً فائقاً بلا مسوغ، لأنه لا أحد يريد أن يتوقف لينشئ علاقة مختلفة مع بيئته، وما من أحد يهتم بأن يجعل مكانه أكثر نضارة وجمالاً، والجهود التي قدمتها أمانة الرياض عبر التشجير والتزهير الأخاذ للعديد من شوارع الرياض هذا العام، تبدو جهوداً كبيرة، لكنها منبتة عن محيطها، فلن يتوقف أحد منا ليخبر أطفاله أن العالم والمحيط من حولنا سيبدو أجمل بوجود أزهار، وأن طبيعتنا الصحراوية المتجهمة، تحتاج إلى علاقة طيبة مع النبات لتتحدى وهج الأسمنت وهجير شهور الصيف. يقال إن الديكتاتور الشيوعي الصيني (ماو) (خلال إحدى فترات حكمه 1965) طلب من جميع شعب الصين أن يخرج ويزيل كل العشب من المروج، وقد أفتى (ماو) وقتها بأن العشب والزهور والاحتفاظ بحيوانات أليفة، هي عادات برجوازية وينبغي القضاء عليها. نحن بالتأكيد نعاني من إرث الصحراء وعلاقتها الصارمة مع الأخضر.. ولكن علاقتنا مع البيئة تحتاج إلى إعادة جدولة.. ولتكن أول خطوة بها أن نتوقف عند نبتة ونخبر أطفالنا كم هي ثمينة ونادرة وذات قلب جسور عندما تحدت شروط الصحراء وأزهرت. سيبدو الأمر مثيراً للسخرية، وسيجدها الجميع مناسبة ملائمة للتهكم، تماماً كما تهكمت الصحافة البريطانية على ولي عهدها الأمير تشارلز عندما يتوقف ليقضي بعضاً من وقته مع النباتات ليحادثها، ولكنها أيضاً مساحة خضراء نحاول أن نستعيدها من براثن القحط والجفاف.
|