* بريدة - محمد الحنايا: هكذا هي دائماً وأبداً الولود الودود بريدة.. تعطي بسخاء، وتقدم بلا منّ، تزداد شموخاً، وتتألق إبداعاً، حاضرة في الماضي، متدفقة في الحاضر، مستشرفة للمستقبل.. قدمت، ولا تزال، وستظل نماذج مشرفة من الرجال المبدعين البارزين في شتى مناحي الحياة. من بريدة انطلقت مسيرة العقيلات التجارية قبل مئات السنين؛ لتصل إلى كل أصقاع الدنيا. من بريدة وصل رجال العقيلات إلى أمريكا قبل الحرب العالمية الثانية. من بريدة كان الانفتاح على المجتمعات الأخرى عبر هؤلاء الرجال. من بريدة كان (الدخيل) أول صحفي في المملكة اتجه إلى العراق وأصدر صحيفة هناك. من بريدة خرج (اللهيب) أول طبيب في المملكة. من بريدة خرج (طامي) مخترع إذاعة طامي في وقت كان الناس لا يعرفون فيه الراديو. من بريدة أيضاً خرج (القصيمي) صاحب المقولة الشهيرة (العرب ظاهرة صوتية). في بريدة أول بئر ارتوازية لاستخراج المياه الجوفية في المملكة. هذه فقط مجرد شواهد حاضرة.. أما الأوليات فهي كثيرة والإبداعات المرتبطة بأبناء ورجالات بريدة متعددة.. هذه المدينة الحالمة رغم توغلها وسط نجد إلاَّ أنها كانت تطل على الثقافات الأخرى من خلال تجارها ورجالها الذين مازجوا بين التجارة والثقافة. بريدة شهدت الانطلاقة الحقيقية للتعليم النظامي عام 1356هـ عندما أمر موحد الجزيرة بافتتاح سبع مدارس في المملكة كانت إحداها في بريدة. ومنها انخرط أبناء بريدة في التعليم الذي شهد نقلات هائلة كماً ونوعاً على مستوى المملكة. قاعدة القصيم الإدارية وقلبه النابض عاشت خلال العقود القليلة الماضية نهضة شاملة في مختلف مناحي الحياة حتى توسعت بشكل لافت دفع بها لأن تكون المدينة الثانية بعد العاصمة الرياض في المنطقة الوسطى، وقد وصل عدد سكانها إلى 500 ألف نسمة وأصبحت مدينة النصف مليون. ومع اتساع المدينة وتنوع أنشطتها وتسارع إيقاع الحياة فيها والرتم المعيشي أصبح من الصعوبة بمكان الإلمام أو حصر القدرات والكفاءات الشبابية في ظل هذه الظروف، وعطفاً على الاهتمام المتزايد بمواصلة التعليم والتدريب. إلاَّ أن الانتخابات البلدية في بريدة كشفت النقاب فعلاً عن العديد من الأسماء المغمورة ذات التأهيل العالي في مختلف التخصصات العلمية والتي لم تكن معروفة من قبل على الرغم مما تملكه من إمكانات وقدرات عالية؛ فقد كشفت الحملة الإعلامية للمرشحين ومن خلال السير الذاتية أن بريدة تضم بين جنباتها كماً كبيراً من أصحاب المؤهلات العلمية، هذا إلى جانب أصحاب الخبرات الطويلة والعطاءات الثرّة. وإذا كانت أسماء المرشحين البالغة 252 مرشحاً فقط قد برز من بينها هذا الكم من الكفاءات فإن هناك أسماء أخرى تحمل نفس المواصفات أو أكثر بيد أنها لم تكن ضمن المرشحين لأنفسهم؛ الأمر الذي سيبقيها ضمن الدائرة المغمورة. والحقيقة أن من أهم إيجابيات الانتخابات البلدية التعرف على هذه النماذج الوضاءة في المجتمع سعياً نحو الاستفادة منها. أمر آخر يجب الاهتمام به؛ ماذا لو كان هناك منتدى للكفاءات والخبرات في مدينة بريدة لتبادل الآراء والأفكار والاستفادة منها كمرجع لكثير من النواحي المعرفية والإثرائية دعماً لمسيرتنا التنموية المباركة؟ حق لنا أن نفخر ببريدة.. وحق لها أن تفاخر هي بأبنائها.. ليبقى الوطن دائماً وأبداً منارة عزٍ شامخة ولوحة فريدة تتناغم فيها كل الأطياف المشرقة حباً.. ودمت أيها الوطن رمزاً للإبداع والتألق.
|