تتمتع القوى العاملة اليوم بقدرة كبيرة على الانتقال بين دور المال والأعمال بشكل لم نعرفه من قبل، نرى هذه الظاهرة تزداد يوماً بعد يوم مع تصاعد موجة العولمة ومع ازدياد حدة المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية على استقطاب القوى العاملة والمؤهلات العلمية والعملية المميزة أمام التغيرات التنموية السريعة للمملكة. ففي الماضي القريب كانت المملكة تتسابق مع الوقت لبناء وطن تتوفر فيه كل المرافق والخدمات والهياكل الارتكازية، أما اليوم فإن سباقها يجري حول اجتذاب المواهب المميزة والذكاء البشري والابداع الفكري. وأصبح واضحا أن امتلاك وتوظيف موظفين موهوبين في مؤسساتها الاقتصادية يعد ميزة تنافسية جديدة يصعب التغلب عليها من قبل العالمية في كل المجالات الاقتصادية زراعية أو صناعية أو خدمات. إلا أن مما يثير الدهشة ان كثيراً من المديرين يتصرفون بشكل يبعد المواهب المتميزة من شركاتهم، والبعض منهم لا يأبهون لأسباب تسرب أفضل موظفيهم الى وظائف أخرى، إن لم يكن يعمل على اقصاء المواهب ليس الى خارج موقع عمله في دور الأعمال إنما إلى خارج مدينته. وعلى الرغم من تأكيد كل المديرين على أهمية الموظفين الموهوبين في أي قطاع إلا ان المديرين الذين يحافون على الموظفين الموهوبين لا تتجاوز نسبتهم 40% فيما نقدر ان المديرين الذين يقصون المواهب ولا يهتمون بادارتها تزيد نسبتهم على 60%. وهذا مؤشر يفرض معرفة إن كل موهبة تخرج من باب مؤسسة اقتصادية إنما تذهب الى أخرى منافسة قد تكون محلية أو خارجية، كما يدل ان المواهب المنسحبة قد تكون أيضا سببا جوهريا في تفوق المنافسين العالميين. ولهذا فإن الفارق الهام والميزة التنافسية الفعلية لا تكمن في نظم المعلومات أو نظم العمل التي تملكها دور المال والأعمال فحسب وإنما تكون في الموظفين أنفسهم الذين يستخدمون تلك المعلومات والنظم وبغيرهم تبقى دور قاصرة للتفوق والانجاز. والتفوق عادة ما يحقق إذا ما وظفنا أكبر عدد من الموهوبين، وإذا ما احتفظنا بهم بمكان من الأهمية لا يقل عن اهتمامنا بأصول المؤسسة نفسها، وان نمنحهم حوافز أكثر من العاديين. وإذا لم نفعل بمنحهم المميزات التشجيعية فقد نخاطر بهم، وذلك بأن نحولهم الى موظفين عاديين. ويقيم الموظفون عامة على أساس انجازاتهم الحالية والمستقبلية، وفي كثير من الأحيان تكون القيمة المستقبلية للموظفين أكبر من القيمة الحالية لهم وبالتالي يستوجب تصنيفهم حسب الأداء والعطاء فيكافأ المتميز على حسن مثابرته في العمل.
|