Thursday 21st April,200511489العددالخميس 12 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الثقافية"

المبسلط.. شاعر طوباسي لم يغادر رحاب منابت الشعر الوطنيالمبسلط.. شاعر طوباسي لم يغادر رحاب منابت الشعر الوطني

* طوباس - وفا - جميل ضبابات:
تخلى الشاعر الطوباسي زياد مشهور المبسلط إلى حد كبير عن الغموض في كتاباته الشعرية، لكنه في الوقت ذاته لم يعطل طابع الأصالة الذي يقوم عليه الشعر الرزين، وهو يطل على القارئ بطاقة شعرية وطنية هائلة.
وحيث كان المبسلط يعيش غربة، استطاع أن يجعل من تلك الغربة في المملكة العربية السعودية وسواها من بلدان العالم بعداً نموذجياً من أبعاد الشاعر الذي يتحين الأوقات ويقتنص الفرص ليروي قصة صراع الشعب مع المحتل عبر سلسلة من قصائده، فيكشف ما في خيالاته ووجدانه من آلام وتوجع ويشكل ملامح الفلسطيني الموجوع والوطن السليب.
ويعتبر الشاعر المبسلط، نواة أعماله الشعرية متجذرة في أعماقه وهي (كلمات فلسطينية) التي شهدت النور منذ الأيام الأولى لانتفاضة الأقصى، حيث كانت أولى قصائده بعنوان (شهيد الأقصى يودع أمه) ونشرتها عدة صحف عربية في حينه.
وتبع (كلمات فلسطينية)، عدة قصائد أخرى منها (طفل في وجه الشيطان)، (الدماء تكتب فلسطين)، (قال المثل)، (التحدي)، (خطأ قتلناهم)، (ضمير العالم)، ( يا إحساس الإنسان)، (زغردي يا أمي)، (ميلاد الشمس) وقصائد أخرى.
ولكل قصيدة من قصائد المبسلط، حدث شعري أسس لها وتولد الرؤية الشعرية عنده مما يجعله يرتاد خلال سني الاحتلال الإسرائيلي، الكثير من الفضاءات الشعرية المتعلقة بأحداث القتل والتدمير الذي يمارسه الاحتلال.
ويبدو ذلك واضحاً في قصيدة (الشمس قبل الخبز والماء) التي جاءت تفاعلاً وجدانياً مع الواقع العام، وتصادف نشرها قبل أيام من انتفاضة الأمعاء الخاوية التي قام بها الأسرى والمعتقلون في السجون الإسرائيلية خلال آب - أغسطس الماضي.
ويجدر بالذكر، أن هذه القصيدة لاقت تفاعلاً جماهيرياً كبيراً حال نشرها عبر الشبكات والمواقع العربية، سواء من حيث القراءات أو المداخلات والتعليقات. وتنوعت بعض قصائد المبسلط بين الفصيح والعامية.
وقد نقلت قنوات فضائية معظم هذه القصائد، وخاصة (زغرودة فرح على قبر الشهيد) و (من رفح إلى جنين)، وقد ألقيت إحدى هذه القصائد في مؤتمر تضامني جماهيري مع الانتفاضة، وهي قصيدة (جنين ملحمة الصمود والتحدي).
يقول الشاعر المبسلط: حقيقة كل قصائدي الوطنية أفضل أدراجها تحت (كلمات فلسطينية)، ولا سيما أن مجموعتي الشعرية هذه لم تصدر بعد في ديوان مطبوع لكن العديد من الصحف والمجلات العربية المطبوعة والإلكترونية نشرتها، فيما ترجمت أخرى إلى لغات أجنبية مثل الأوردية.
وللمبسلط ثلاث مجموعات شعرية:( شموع لا تنطفئ وكلمات فلسطينية وأغانٍ للحب والإنسانية) لكن ليس له أي إصدارات في القصة، رغم انه كتب بعض القصص، ومنها قصة منشورة بعنوان (اذهبوا للجحيم لا تشرفني معرفتكم)، أما الرواية فلم يطرق بابها قط، وله عمل مسرحي بعنوان (طفح الكيل)، وعمل مسرحي آخر قبل أكثر من 22 عاماً بعنوان (في الهوى سوا) تم إنتاجه وتمثيله وعرضه من خلال مكتب الساحل في طولكرم في ذلك الوقت، وله أيضا مجموعة قصائد غنائية لم ينشرها بعد بين الفصيح والعامي، تنوعت موضوعاتها بين الوطني والعاطفي والإنساني.
وتبدو قصيدة (خبزي من أرضي)، أقرب القصائد إلى وجدان ومشاعر الشاعر المبسلط، فهي التي صور فيها عجوزاً فلسطينية تجلس أمام الطابون (التنور) أثناء فرض قوات الاحتلال حظر التجول في قريته، حيث يدخل عليها الجنود وهم خائفون ومستغربون، ليأتي ردها عليهم من خلال الشاعر: قمحي أزرع في أرضي - خبزي يخرج من أرضي - فمحال من أرضي تقتلعوني.
وفي مطلع القصيدة يقول: حظروا التجوال علينا - سدوا كل منافذنا - وغدا بيتي سجنا - غربت شمسي إصرار في نفسي - قطعوا عنا الأنوار - وظلام غطى قريتنا.
وفي أشعار المبسلط تجلت عدة صور وطنية من مشاهد انتفاضة الأقصى.
ويقول: صورة انتفاضة الأقصى، صورة الوطن المحتل وصورة الحجر، صور لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، بل هي متداخلة ومتواصلة بجدلية ترابطية تبادلية سواء بشكل صريح من حيث اللفظ والمعنى أو بشكل غير مباشر تستطيع الوصول إليها من خلال سبر أعماق القصيدة، ولكن في الوقت ذاته، يمكنني القول إن هذه المفردات وردت على شكل عناوين لبعض قصائدي.
كما كانت صورة الرئيس الراحل ياسر عرفات في قصيدة (كلمات في القائد الرمز)، وقصيدة (رمزك الخالد فينا).
وهناك قصيدتان في الرئيس الراحل أيضا، الأولى ألقاها في مؤتمر جماهيري تضامني أثناء حصار القوات الإسرائيلية لمخيم جنين، والثانية بعنوان (يا جبل ما يهزك ريح) باللهجة العامية.
وفي قصيدة (طفل في وجه شيطان) جسد الشاعر صورة الطفل الفلسطيني في مقابل صورة الاحتلال (الشيطان) الذي يكسر كل الأغصان، وهو يقول في مطلع القصيدة: في أرض بلادي شيطان.. يسرق بسمة طفل وردية.
كانت أول قصيدة للمبسلط قبل أكثر من 25 عاماً بعنوان ( في أعماق ذاتي)، نشرتها في حينه جريدة (القدس)، وآخر قصيدة هي (حوار ساخن مع قارئة الكف)، وهو يعتقد جازما، أن معظم أشعاره وحتى الفلسفية والإنسانية منها تعبر عن أحاسيسه الوطنية وفي هذا المقام لا ينكر المبسلط تأثره بفحول الشعراء: محمود درويش، سميح القاسم وفدوى طوقان.
تبدأ قصائد المبسلط عادة بصورة خيالية يرسمها في ذهنه قبل انطلاق شرارة الكلمة الشعرية، ومعظم قصائده تأخذ الطابع السردي والقصصي، حيث تحوي فكرة قصة خيالية معينة لكنها لا تخرج بأي حال من الأحوال عن دائرة الواقع الفلسطيني المعاش.
ومن هنا، تخرج القصيدة بشكل واقعي مباشر تحمل في ثناياها فكرة قصة ربما يكون نسجها من خيوط خياله، ومن هذه القصائد (قصة عروسين يوم الزفاف)، (أم التوأمين الشهيدين العريسين)، (خبزي من أرضي)، (زغرودة فرح على قبر الشهيد)، (حوار ساخن مع قارئة الكف)، (العيد في فلسطين)، وبشكل عام لا يمكن فصل خيال الشاعر المبسلط عن فضاءات شعره.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved