Thursday 21st April,200511489العددالخميس 12 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الثقافية"

وقفاتوقفات
خطاب التنوير في القصة القصيرة
سلوى أبو مدين

ربما خطاب التنوير في القصة القصيرة محض اهتمام الكثير من الكتّاب والأدباء والمفكرين لذا آثرت إثارته وإبداء وجهة نظري الخاصة بعد قراءات واطلاعات متعددة.
بداية فإني آثرت ان أدلي بدلوي عن موضوع الحوار (القصة)، ولأن الحديث كله الآن عن ذلك الفن من الفنون الادبية وهو القصة، فقد رأيت ان أناقش تلك المفردات والمصطلحات والمسميات المصاحبة لذلك الفن وأترك الإبحار والاجتهاد والدراسات في القصة لجانب الحضور الكريم وأنا على ثقة أنهم سيقدمون لنا الكثير الجيد المفيد الذي سوف يثري مكتباتنا العربية.
والذي أمل ان يُعتمد بعد ذلك كموردٍ عذب ينهل منه كل دارس او باحث متعطش لذلك النمير.
بداية اريد ان ألفت النظر الى ان المصطلح الذي يطلقه الباحثون على العمل الأدبي المعروف لدينا باسم القصة هو خاطئ ولم يصب عين الحقيقة فنحن طالما اننا نتكلم عن الادب فالاجدر ان نحسن اختيار الالفاظ مع ما يناسبها من مفردات ومسميات لأن مفردات اللغة هي عبارة عن الوعاء او العدسة التي تنقل لنا الصور والافكار الأدبية وحيث انه لا لغة فلا أدب يكون.
والأصل في كلمة القصة هي الفعل قص بمعنى تتبع الأثر ويقال قص الأثر أي تبعه واستقبله حيث كان. وقديما عند العرب ظهر علم متخصص في قص الأثر وهو ما يسمّى بالقيافة والرجل القاص للأثر كان يسمّى (القياف) ومنه اقتفى الاثر وهو ان يسير الرجل خلف آثار خف البعير على الرمل او ما تحدثه الاقدام على الرمال ليعرف وجهة السائر، وقد عبّر القرآن الكريم عن هذا المعنى بقوله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}. أي لا تتبع ما ليس لك به علم، كما تخصصت بعض القبائل العربية في فن القيافة مثل قبيلة بني لهب كما قال الشاعر:


خبيرٌ بنو لهب فلا تك ملغياً
مقالة لهبي اذا الطير مرّتِ

وهذا الفن مستمد اصلاً من الغرب من حبكة وخيال ودراما، والبعض يظنون ان عملهم يندرج تحت قالب القصة ولم يفطنوا الى المقصود بالقصة حسب التعريف اللغوي لها، هي قص الأثر بمعنى ان يقتفي الكاتب الحدث حرفياً، فمصطلح القصة لا يطلق إلا على الاخبار الحقيقية والتاريخية التي لا دخل للخيال والحبكة فيها كقصص القرآن حيث قال تعالى:
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} وما دون ذلك
من الأخبار فلا يمكن ان يكون قصة لأنه يحتمل الصواب والخطأ لذا أرى ان يعدل هذا المسمّى من القصة الى الرواية ومن كلمة الرواية نضع بعض التفرعات مثل الرواية الطويلة او القصيرة والمقالة والحكاية والفكرة والأطروحة وهكذا وان نبتعد عن كلمة القصة.
يعد هذا الفن عملا ابداعيا سرديا ينبثق من خلايا المجتمع ويحمل أوضار الواقع المعيشي الذي يحيا فيه.
ويقال لم تتحدد القصة كمفهوم أدبي إلا عام 1933م، فهي لم يكن لها شأن يذكر رغم ما تتميز به من خصائص ابداعية فقد ظهرت ما بين الخمسينيات والستينيات بعد ظهور الصحيفة ودخول عصر المطبعة ووجود فئة مثقفة من القراء ساهم كل ذلك في ميلاد القصة القصيرة في المشرق العربي.
ويعتبر (موبسان الفرنسي) و(جوجول الروسي) ابرز المبدعين لهذا الفن، وكذلك (ادجار ألان بو) الأمريكي الذي يعد من رواد القصة.
وتكمن أهميتها في أنها شكل أدبي قادر على طرح أخصب القضايا بصور دقيقة من خلال علاقتها بالحدث وبالواقع وما ينجم عنه من صراع وما تمتاز به من تركيز وتكثيف في استخدام الدلالات اللغوية لطبيعة الحدث وأحوال الشخصية وخصائص القص وحركية الحوار والسرد ومظاهر الخيال والحقيقة، وغير ذلك من القضايا التي تتوغل في هذا الفن المميز.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved