Thursday 21st April,200511489العددالخميس 12 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

في موكب الحياةفي موكب الحياة
د. عبدالرزاق بن حمود الزهراني

إذا أردت أن تعرف درجة وعي المجتمع وتحضره فلاحظ سلوكه المروري في نظريته عن التخلف الثقافي، يتحدث (وليم أوجبرن) عن أن عناصر الثقافة لا تتغير بالدرجة نفسها، فبعضها يكون أسرع في التغير من بعض، كما أن فئات المجتمع لا تسير في سلم التغير والتطور بالدرجة نفسها، فطريق الطائف أبها مثلاً أسس عندما كان في كل قرية من قرى الجنوب ثلاث سيارات تزيد قليلاً أو تنقص قليلاً، ولكن تغيرت أحوال الناس وأصبحت بعض الأسر اليوم تملك أكثر مما كان في القرية كلها من سيارات عندما تم تأسيس الطريق، ولم تتغير أوضاع الطريق.. ومن جهة أخرى، فإن حوالي 5% من السكان في معظم المجتمعات هم الذين يقودون التغير والبحث والاختراع، والبقية مهمتهم مواكبة ذلك وفهمه وتطبيقه، والسيارات من أهم أدوات المواصلات في الحياة المعاصرة، وقد وضعت القوانين والأنظمة لسيرها وحركتها، والهدف من تلك القوانين والأنظمة يتركز في حفظ الأنفس والممتلكات وحقوق الغير.. ومما يؤسف له أن بعض المجتمعات قد استوردت السيارة ولم تستورد معها ثقافة استعمالها، ولم تتفهم قوانين وأنظمة سيرها وحركتها، والبعض قد يتفهم ذلك ولكنه يضرب به عرض الحائط، ويعرض نفسه ويعرض الآخرين للخطر، ويتلف الممتلكات بما فيها السيارة التي يستقلها.. وفي تصوري أن من يريد أن يعرف درجة وعي المجتمع وتحضره فما عليه إلا أن يلاحظ سلوكه المروري في الشوارع والطرقات.. إن المجتمع الذي لا يحترم قوانين المرور وأنظمته يعطي مؤشراً على عدم انضباطه وعدم احترامه للأنظمة والقوانين، ويعطي مؤشراً على نقص في وعيه وتخلف في درجة السلم الحضاري التي وصل إليها.. إن الأشخاص الذين يسدون الشارع لكي يتبادلوا الحديث وهم في سياراتهم يعكسون صورة غير حضارية، ويعتدون على حقوق الآخرين الذين يمرون في ذلك الشارع، وهؤلاء يجب أن يعاقبوا على فعلتهم، ومثلهم من يتجاوز جميع السيارات مستخدماً الطريق المخصص لمن يتجه يميناً، أو المخصص لمن يريد العودة إلى الاتجاه المعاكس ثم يعرض سيارته أمام أولئك الذي وقفوا قبله بانتظام، إنه بهذا يعتدي على حقوق أولئك الذين وصلوا قبله ووقفوا في مساراتهم بانتظام، وفيه مؤشر على تخلف من قام بهذا السلوك وهمجيته وجهله.. ومما يؤسف له كذلك أن مثل هؤلاء لا يعاقبون من قبل رجال المرور ولا يوقفون، وليست هناك توعية بخطأ مثل هذا السلوك.
ومن المظاهر المرورية غير الحضارية المنتشرة في مدننا كثرة ما يسمى بالمطبات الصناعية، ومما يؤسف له كذلك أنه لا يصاحب وضع تلك المطبات أي إشارة على وجودها، ويأتي أحياناً أناس ويرتطمون بها بقوة فتتكسر بعض أجزاء سياراتهم، وإذا كان معه امرأة حامل فإنها قد تجهض حملها، ومما يؤسف له كذلك أن المتضرر لا يعوض وليس هناك جهة يمكن أن يطالبها بذلك، ووضع الإشارات الضوئية يعتبر من أفضل الحلول لهذه المطبات، أما حول المدارس والمساجد فوجودها قد يكون مقبولاً شريطة أن يكون ارتفاعها مناسباً ومعقولاً، ومن مؤشرات ضعف الانضباط المروري كثرة السير عكس الاتجاه لأن بعض التنظيمات المبالغ فيها في الشوارع تدفع الناس إلى ذلك (فالشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده)، ومنها عدم استعمال الإشارات الضوئية استعمالاً مناسباً، وعدم استعمال الأنوار في الشوارع المضاءة، والسرعة، وقطع الإشارات وغيرها من الأخطاء والتجاوزات، إنني أحمل جهاز المرور المسؤولية الأولى في كل ذلك فمن أمن العقوبة أساء الأدب، وعلى المرور أن يختار العناصر الجيدة لهذه المهمة، وأن يدربهم تدريباً جيداً فبعضهم لا يعرف الأنظمة، ولا يطبقها على نفسه.. وعلى المدارس والمعلمين واجب في بث الوعي المروري الحضاري بين طلابهم، وكذلك أفراد الأسرة والإعلام بوسائطه ووسائله المختلفة.

فاكس: 012283689

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved