لم أتمكن حتى الآن من رؤية مؤشرين لساعتين في يدي زميلين أو صديقين يتطابقان تماماً، حتى ساعات الهواتف الجوالة التي نقتنيها لا أجدها تتفق في التوقيت، ولدينا هنا في المملكة أربع محطات تلفزيونية قلما أجدها متوافقة في توقيتها، فالساعة متقدمة أو متأخرة دقيقة واحدة بين محطة وأخرى وراقبوها وستجدون صحة كلامي، في الدوائر الحكومية غالباً يضعون ساعة أمام أو بجانب المصعد في كل طابق تشير إلى الزمن، ولكني لاحظت أكثر من مرة وفي أكثر من دائرة أن التوقيت يتباين من دور لدور، هناك مصاعد حوائطها زجاجية شفافة يمكنك وأنت صاعد أن تشاهد ساعات الأدوار التي تمر بها وترقب الفرق، بل إنه في مكاتب الموظفين كثيراً ما تكون هناك ساعات حائطية ولكنها متنافرة زمنياً وأحياناً بما يصل إلى خمس دقائق أو أكثر.يتصل بك قريب أو صديق ليقول لك إنه يريدك في شأن ما وإنه سيصلك بعد العشاء (مثلاً)، فلا يأتي إلا بعد الحادية عشرة ليلاً بعد أن أرهقك توجساً وانتظاراً، فتسأله للاطمئنان خشية تعرضه لمكروه أثناء الطريق فيرد ببرود: أبداً، ولِمَ الاستغراب، ألم أقل لك إن موعدنا بعد صلاة العشاء؟! وها نحن فعلاً بعد العشاء وقبل الفجر.. وما بين هذه وتلك لا يشكل إلا فرقاً يمكن اعتباره هامشاً لحرية التصرف والتلاعب بالمواعيد والوقت في نظر هذا البارد غير المبالي الذي أراد أن تخدمه مقابل أن يتلف أعصابك ويطرد نومك ويربك برنامجك وإن تذمرت أو عتبت عليه عدك مقصراً متخاذلاً غير متعاون، ولا تقدر القرابة والصداقة، وربما يقاطعك. أنا على نفسي أبتهج بمقاطعة مثل هؤلاء الانتهازيين لأن بعدهم عني خيراً لأعصابي، ولأني سأكون خادماً لهم مراعياً لخاطرهم دون منة، لذلك فإنه لا يلزمني.
|