مستشفى التخصصي في مواجهة شركات التبغ

تفاعلاً مع ما كتبه الأستاذ فهد الحوشاني يوم الأحد (1 ربيع الأول 1426هـ) العدد 11882 في صحيفتكم الموقرة.
أحببت ان أبدي رأيي في هذه القضية التي تؤرق كل انسان سليم الفطرة محب لمجتمعه ولبلده فأنا شاب ابتلي بمرض السرطان والحمد لله أولاً وآخراً.
وكغيري من أبناء هذا الوطن الغالي لم تتأخر الدولة بتحمل تكاليف علاجي المكلفة. بدأت علاجي في مستشفى التخصصي ذلك الصرح الطبي العظيم الذي نفتخر بوجوده في بلادنا بما فيه من امكانيات وتجهيزات.
بعد فترة علاجية في المستشفى من الله علي بالشفاء ولكن فرحتي لم تكتمل ويمكنني أن أزعم ان ذلك حال الكثير من زوار ذلك المستشفى الذي لا ننكر فضله بعد الله علينا.
أصبت بالمرض عندما كان عمري 18 سنة، كنت وما زلت أتردد على مستشفى الملك فيصل في الرياض ما بين فترة وأخرى منذ ثماني سنوات مضت تلك الزيارات ما بين عيادات الأورام ومبنى العيادات الخارجية.
في كل زيارة للمستشفى وقبل دخولي لمبنى الأورام أشاهد مجموعة من العاملين في المستشفى يتناولون التبغ.. أكمل سيري إلى العيادة في الدور الأول أسلم أوراقي للممرضة بعد دقائق أدخل لمقابلة استشاري الأورام مجموعة من الأسئلة يلقيها الدكتور علي: اين تعيش؟ في أي مرحلة تدرس؟ ما هو ترتيبك في الاسرة؟ منذ متى تعاني من الألم؟ هل في أسرتك من يعاني من نفس المرض أو الألم؟ هل تدخن؟ هل سبق أن شربت الكحوليات؟ أسئلة كثيرة أخرج من غرفة الكشف في انتظار كتابة امر اجراء الاشعة من قبل الدكتور.. لبعض الوقت أسير في الممرات لأقطع الوقت.. أنظر إلى يساري آه لوحة في الحائط اقترب منها.
موضوع عن مضار التدخين.. موضوع ثان عن مضار الشيشة.. معلومات احتوتها تلك اللوحة الحائطية منها التدخين سبب رئيسي في الاصابة في السرطان.. التدخين سبب رئيسي في تشوه الجنين (التدخين يتلف ويتلف الخ).
في نهاية التحذيرات وقع نظري على تحذير غريب.. انه موجه لغير المدخنين.
أخي غير المدخن.. احذر من التدخين السلبي..!! ملخص الكلام يقول (أخي غير المدخن ان وجودك بين اشخاص يمارسون التدخين هو في حد ذاته خطر جسيم لا يقل عن ممارسة هذه العادة السيئة).
في النهاية تأكيد على تجنب الجلوس مع المدخن حال ممارسته هذه العادة بعد لحظات استلم امر الفحص لأتجه مباشرة إلى قسم الاشعة.. اخرج من مبنى الاورام في طريقي مباشرة مجموعة من الموظفين يمارسون آفة التدخين في هذه اللحظة اعيش نوعاً من الصدمة من هذا الواقع اكثر من صدمتي من المرض أتجاوز المسافة الفاصلة بين المبنيين بسرعة ولكن في طريقي لدخول مبنى العيادات الخارجية مجموعة أخرى من الموظفين تمارس عادة التدخين!!
أحاول ان افهم ما يحصل أمامي.. التدخين مضر.. ولكنه يمارس من قبل أشخاص يعملون في مركز يعد من أكبر المراكز لعلاج الأورام في السعودية والخليج والعالم العربي في هذه اللحظة استحضر خبراً قرأته قبل فترة في إحدى الصحف.
الخبر يقول.. (مستشفى الملك فيصل التخصصي يرفع دعوى قضائية ضد شركات التبغ لما يعانيه من خسائر مالية بسبب علاجه لمرضى السرطان) أحاول ان أفهم الامر.
مستشفى لم تستطع إدارته منع التدخين في ساحاتها، أو حصر المدخنين في اماكن خاصة بعيداً عن المارة من المرضى والاصحاء، كيف ستكسب قضية في أقصى الارض وهي حتى الآن لم تكسب القضية التي هي في نطاق ادارتها وسيطرتها.
سؤال أوجهه - وغيري كثير من المرضى والأصحاء الذين اضطرتهم ظروفهم لزيارة المستشفى.. إلى متى تستمر هذه المشكلة دون حل؟ هل يعي موظفو ذلك المستشفى ما معنى مشاعر المرضى (وخصوصاً مرضى السرطان)؟ وما هو الضرر الذي ينعكس على نفسية المريض المصاب بالمرض عندما يشاهد مثل هذه المشاهد؟ فضلاً عما يصيبه من آثار خطيرة بسبب استنشاقه لهذه السموم خصوصاً وان بعضهم يعاني من نقص المناعة بسبب أخذهم جرعات مركزة من علاج كيماوي أو غيره من الأدوية؟
بعيني على مدى ثماني سنوات - كنت وما زلت - أراجع المستشفى وخصوصاً عيادة الأوام شاهدت هذه المشاهد فما هو رد المستشفى وما رد القائمين عليه؟
ومتى نشاهد مستشفيات خالية من هذه العادة السيئة بعيداً عن الدعاية الصحفية برفع دعاوى على شركات التبغ.
هذه رسالة أوجهها لاصلاح أمر اعتقد أنه خطأ ولا يعني ذلك انتقاص جهد أو تقليل من انجاز حققه وما زال يحققه المستشفى بل هدفي هو تصحيح خطأ اعتقد أن ادارة المستشفى وكثيرا من القائمين عليه لا يرضيهم هذا الواقع المؤلم.
أتمنى ان يكون لادارة المستشفى تحرك سريع في سبيل مواجهة هذه العادة فقد عودونا على التطوير والتجديد والعمل على راحة المريض.
كما لا أنسى أن أذكر الاطباء والمهتمين بالامر من داخل المستشفى ان يفعلوا جهودهم للتصدي لهذه الظاهرة السيئة.