أكد خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة أن مصطلح الإرهاب ما كان ليحظى بهذا الحضور الدولي قبل أحداث 11 سبتمبر واشتعال ما يسمى بالحرب الكونية ضد الإرهاب إلاّ أن هذا المصطلح في ظل هذه الحرب بدأ يأخذ أبعاداً جديدة ومتباينة بتباين واختلاف المصالح والسياسات. والإرهاب بمفهومه اليوم لم يكن من قبل - وتحديداً قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر - لصيقاً مع كل حدث مأساوي يعلن عن حدوثه في هذه الدولة أو تلك، مثلما أنه لم يوظّف أو يُستثمر من قبل للدلالة أو التدليل على مفهوم هذا النوع من الأعمال الدموية. وقال المالك ضمن مشاركته في كتاب (السعوديون والإرهاب .. رؤى عالمية)، والذي يشارك فيه 27 مفكراً وسياسياً من جميع أنحاء العالم، إن الإرهاب كمفردة أو كلمة، كمصطلح أو توصيف لحالة، بدأ يأخذ بُعداً جديداً ويستقطب اهتماماً دولياً أكبر منذ أن أطلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بوجهها المشؤوم، وبالتالي فلم يعد الإرهاب باتفاق دول العالم مصطلحاً أو لفظاً أو كلمة عابرة لا تثير الاهتمام، بل أضحى يقوى ويتمدد بيننا مثلما تتمدد النار في الهشيم، بفعل من يخطط له ويموّله ويتبنّى أفعاله. والإرهاب - كما نفهمه - يقوِّض أمن الشعوب ويقتل الأبرياء، ويحدث حالات من البلبلة وعدم الاستقرار في العالم، وهو عمل بغيض ومكروه وأسلوب لا يعالج قضية ولا ينتصر لحق، إنه باختصار: عمل مجنون وطائش ويائس يرتكب منفذوه ومموّلوه والمخططون له جرائم بحق الإنسانية دون رادع من ضمير. وأضاف المالك أنّ الإرهاب بأضراره وآثاره المدمرة لا يقوم به فقط أفراد أو خليّات أو تنظيمات محدودة العدد والعدة والإمكانات، وإنما تقوم به وتمارسه وتفعله بعض الدول أيضاً وهو ما يُسمى بإرهاب الدولة، مثلما تفعل إسرائيل في فلسطين بعدوانها وقتلها للقيادات الفلسطينية، اغتيالاتها للأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال، وكما تفعل في هدمها للمنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت ذريعة أنها تحارب بذلك الإرهاب وهو زعم واهٍ وغير صحيح. وبذلك فإسرائيل - وحدها - من سبقت غيرها في استعمال مصطلح (الإرهاب) على مستوى الدولة، وحددت الفلسطينيين - بالاسم - باعتبار مقاومتهم المشروعة للاحتلال الإسرائيلي البغيض عملاً من أعمال الإرهاب الذي يجب أن يواجه بمثل ما تقوم به إسرائيل اليوم، وهو طرح يتكرر يومياً ومنذ أمد طويل ضمن السياق الإسرائيلي للتغطية على ما تقوم به هذه الدولة من أعمال إرهابية بحق الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريفة. ومما يثير الانتباه ويشكك في الأهداف والنوايا نحو مزيد من الأسئلة الغامضة التي تبحث عن إجابات لها، أنّ اهتمام العالم بقضية الإرهاب ومتابعته لآثاره المدمرة وجهده للتضييق على فاعليه لم يأت إلاّ بعد أن دكّ الإرهابيون معالم القوة في الولايات المتحدة الأمريكية وهزوا كبرياء أقوى دول العالم بضربات إرهابية موجعة وقاتلة في اليوم الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، وهو ما جعل إدارة بوش تسارع بحملتها التي بدأت منذ ذلك اليوم - ولم تنته بعد - فيما سُمي بمحاربة الإرهاب، ولا يلوح في الأفق - كما يبدو - أي نجاح أو تأثير لهذه الحملة في تجفيف منابعه أو التضييق على فاعليه بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على هذه الحوادث الإرهابية. مؤكداً أن موقف المملكة العربية السعودية من المنظمات الإرهابية - هو اليوم كما هو من قبل - موقف ثابت يقوم على مساندة من يقوم بمحاربتها والتصدي لها بكل السبل المتاحة والمشروعة لتطويقها والقضاء على عناصرها وأفرادها من غير انتقاء، لأنّ ما تقوم به القاعدة - بنظرنا - يماثل ما تقوم به إسرائيل، ولا يختلفان عما يقوم به أي إرهابي أياً كان اسم الدولة التي ينتمي إليها ويحمل جنسيتها هذا الإرهابي أو ذاك. فالإرهاب بمدلوله وشواهده وآثاره المؤلمة يستوطن كل دول العالم، وهو بذلك لا ينتمي إلى فئة دون أخرى، أو إلى دولة دون غيرها، أو إلى دين دون آخر، وإنما هو ظاهرة قاتلة تغذيها عناصر وتجمعات ودول بقصد الإضرار بالشعوب والدول بلا وجل أو خوف، ضمن نظرة ضيقة وقراءة غير صحيحة لما ينبغي أن يكون عليه مستقبل العالم، وإذا ما قيل بغير ذلك فهو كلام واستنتاج يحتاج إلى دليل.
|