Saturday 16th April,200511889العددالسبت 8 ,ربيع الأول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

أضواءأضواء
توافقًا مع مضامين تقرير التنمية البشرية
البطالة في الوطن العربي
جاسر عبدالعزيز الجاسر

وإن طغت المواضيع والقضايا السياسية على أجندة مؤتمر القمة العربية في الجزائر، إلا أن القمة ناقشت قضايا بالغة الأهمية منها: مشكلة البطالة في العالم العربي التي بحثتها القمة عبر توصية من وزراء الخارجية، فهذه المشكلة كما يرى الوزراء تتفاقم عاماً بعد آخر الأمر الذي يزيد من تراكم الآثار السلبية على وضع العمالة العربية، فقد أظهرت التقارير الرسمية ومنها تقرير منظمة العمل العربية التي أشارت إلى اتساع هذه المشكلة، أن عدد الشبان العرب العاطلين عن العمل بلغ أكثر من 12 مليون شخص أي ما يساوي 14 في المائة من القوة العربية العاملة التي تبلغ في الوقت الحاضر نحو 98 مليون شخص فيما يتكدس ملايين العمال الأجانب في الأقطار العربية وخاصة في دول الخليج مزاحمين الأيدي العاملة العربية الباحثة عن فرص عمل في الوطن العربي، وتتوقع الدراسات التي قامت بها وزارات العمل في الدول العربية أن يكون في عام 2010م أكثر من 32 مليون شخص عربي يبحثون عن فرص عمل مع زيادة عدد السكان الناشطين اقتصادياً من 98 مليون شخص في الوقت الحاضر إلى حوالي 123 مليون شخص، وهذا ما دفع العديد من الدول العربية إلى طرح هذه المشكلة على اجتماعات القمم العربية بدءاً من قمة تونس ضمن تصورات الإصلاح وتطوير السياسة البينية بين الدول العربية، وهذا ما أدى الى إقرار البند الإصلاحي الذي حمل عددا من الرؤى لمعالجة هذه المشكلة التي تتفاقم والتي ستصبح قنبلة قابلة للانفجار إذ لم تعالج مبكراً، فحسب الدراسات تزيد البطالة في الوطن العربي بنسبة واحد في المائة سنوياً مما سيتسبب في خسارة للناتج الإجمالي العربي بمعدل 5.2% أي نحو115 مليار دولار وهو ما يعني ارتفاع المعدل السنوي للبطالة إلى 5.1 في المائة ويرفع فاتورة الخسائر السنوية إلى أكثر من170 مليار دولار وهذا المبلغ الذي لو أمكن تقليصه أو الحفاظ عليه من خلال معالجة المشكلة بإيجاد حلول عملية وواقعية لاستطاعت الدول العربية توفير نحو تسعة ملايين فرصة عمل وبالتالي خفض معدلات البطالة إلى الربع.
وقد أسهم معظم من الدول العربية في تطبيق العديد من الإصلاحات والإجراءات الإدارية واستنباط برامج تدريب لتلبية حاجة السوق العربية لاحتياجاتها من الأيدي العاملة محلياً، وقد لاحظت منظمة العمل العربية بارتياح كبير الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية لمراجعة الأنظمة الإدارية وتكثيف برامج التدريب للحد من إغراق السوق السعودية بالعمالة غير العربية والعمل على إحلال العمالة الوطنية مكانها بعد تأهيلها ووضع برامج تدريب تستجيب لحاجة السوق السعودية، كما لاحظت المنظمة وبتقدير كبير المساعدة السعودية للجمهورية اليمنية في إنشاء وإقامة معاهد وكليات للتدريب المهني والفني سترفد السوق اليمنية والأسواق العربية المجاورة بالأيدي العربية المؤهلة.
كذلك أخذت دول عربية أخرى تنهج أساليب علمية وتدريبية وتطبيقية لإعداد طبقة عاملة مدربة ذات مستوى عال تلبي حاجة الأسواق العربية وتلغي الحاجة لاستيراد عمالة غير عربية يؤثر تواجدها المكثف على الطبيعة الديموغرافية والترابط الاجتماعي والثقافي والسلوكي في الوطن العربي الذي أخذت آثاره السلبية تظهر في العديد من الأقطار العربية، وقد خطت في هذا المجال دول عربية عديدة منها: مصر والأردن والجزائر التي أخذت تركز على إيجاد برامج تدريب نوعية لإعداد عمالة متخصصة يمكن تصديرها للدول العربية المستقبلة للعمالة، بعد ان تسد حاجة السوق المحلية، كما أن بعض الدول التي كانت تنتهج النظام الاشتراكي الذي يعتمد على (الكم) وليس (الكيف) أخذت تراجع قوانين ذلك النظام وتحسنه حتى يتوافق مع النظم الاقتصادية السائدة التي تعتمد على النوعية وعلى مبدأ العرض والطلب.
هذه الجهود العربية إذا أضيف اليها التحرك العربي الهادف إلى تطوير وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي وإنشاء مؤسسات وشركات اقتصادية كبرى لا بد أن يسهم عملياً في معالجة مشكلة البطالة التي تؤرق الجميع.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved